بالقرب من الحدود مع تركيا قام الأميركيون بشن غارات جوية كبيرة على مواقع عديدة من بينها «قواعدهم» السابقة في الشمال السوري.
ولكن ليست تلك الغارات في الواقع، على مواقع وجيوب متبقية لتنظيم «داعش» ولكنها بعد سبع سنوات من الجرائم المرتكبة في ظل الهوية الزائفة لداعش، والنصرة، وأحرار الشام وغيرها من الاختراعات الأميركية، بينما سعت منظمة حلف شمال الأطلسي عبر أعضائها.. واشنطن وباريس ولندن وغيرها من الأجهزة السرية الى محو كثير من الأدلة والتفاصيل خلفهم والتي كانت ستكشف أسراراً ضخمة ومذهلة.
ونقلت صحيفة «روسيا « يوم الأربعاء الماضي عن غارات جوية شنتها طائرتان أميركيتان من طراز F-16 على قاعدة الولايات المتحدة السابقة في عين العرب، حيث شنت غارات في وقت واحد مع وصول أول فرق الجيش السوري إلى المدينة، وكان البنتاغون قبل فترة وجيزة، قد أخلى ترسانته من قاعدة تل الأرقم في رأس العين وموقعين عسكريين أميركيين آخرين في تل أبيض ورأس العين.
بعد تخلي الولايات المتحدة وحلف الناتو عن الأكراد في الشمال السوري لجأ هؤلاء الى الدولة السورية، التي كانت سريعة في استعادة السيطرة على المدن الرئيسية في الشمال الشرقي وفي وقت قياسي، حيث تنص خطة الحرب الأميركية الأصلية على إقامة دولة كردية مستقلة، حيث كان للولايات المتحدة حتى وقت سابق 19 قاعدة (و26 وفقا لمصادر أخرى) في جميع أنحاء الأراضي السورية، لا سيما في شمال شرق وشرق البلاد، ويقول الرئيس الأميركي إنه يريد أن ينقل إلى العراق والكويت والأردن من 6000 إلى 7000 عسكري أميركي موجودون في سورية، وهو ما يمكن القيام به مع ضرورة مسح الأدلة المحرجة.
ونشرت صحيفة «أوراسيا ديلي» مقالا حول مخاوف البنتاغون من أن ينقل الأكراد الأسرار التي أتيح لهم الاطلاع عليها عن الأميركيين وأساليب عملهم بل وحتى أسماء عملائهم في المنطقة. وكذلك تحدثت مجلة «ميليتاري تايمز» الأميركية المتخصصة في القضايا العسكرية عن أن البنتاغون قلق للغاية من احتمال أن تغير ميليشيات «قسد» ولاءها من الأميركيين إلى «الروس» والحكومة السورية، ونتيجة لمثل هذه النقلة السياسية فإن كل أسرار قوات العمليات الخاصة الأميركية في سورية ستقع في أيدي الروس من خلال الأكراد.
والآن، بسبب أوامر دونالد ترامب بسحب القوات الأميركية من شمال سورية وبسبب بدء العدوان العسكري التركي، تنهار العلاقات بين االميليشيات الكردية والولايات المتحدة الأميركية؛ وبسبب المخاطر الأمنية، سيضطر الأكراد السوريون إلى تغيير اتجاه سياستهم وعلاقاتهم مع الحكومة السورية بطريقة أو بأخرى.
لذلك تشعر وزارة الدفاع الأميركية بالقلق من أن تمنح قيادة «قسد»، مقابل الولاء الجديد الروس، قائمة طويلة من الأسرار العسكرية الأميركية المتعلقة بـ «التكتيكات والأساليب والإجراءات والمعدات وجمع المعلومات الاستخبارية من قبل القوات الأميركية الخاصة»، وكذلك أسماء عملاء أميركا الذين يعملون في منطقة الشرق الأوسط.
عادة ما تتحدث قوات العمليات الخاصة الأميركية عن نفسها أو عن قدراتها عند العمل مع شركائها من غير الأميركيين. ومع ذلك، فالوضع في شمال سورية مع «قسد» مختلف بسبب خصائص الحرب الأميركية غير المباشرة ضد «داعش». ونظرا لطبيعة الحملة العسكرية ضد «داعش» وطول زمنها، حصلت الميليشيات الكردية على معلومات «عن بعض الأفراد أو إجراءات العمل أو زمن استجابة طائرات التحالف». وأما الآن، وبسبب «خيانة» الأميركيين لهم، فيمكن للأكراد، من دون أي تردد داخلي، أن ينقلوا هذه المعلومات المهمة إلى خصوم الولايات المتحدة.
ويصف البنتاغون مثل هذا السيناريو بأنه «إشكالي للغاية» ويرى فيه علامة واضحة على عدم وجود استراتيجية أميركية طويلة الأجل في منطقة الشرق الأوسط.
هذا هو الحال مع فرنسا، التي أحرقت في 16تشرين الأول 2019 مصنع لافارج في بلدة الحلابية (على الحدود التركية، شمال حلب) قبل أن يسيطر عليه الجيش السوري. إنه مصنع قدّم ـ وفقًا لوثائق قاطعة ـ حوالي 6 ملايين طن من الأسمنت طوال الحرب لإرهابيي داعش والنصرة وغيرهم لبناء التحصينات والأنفاق. تحت الأرض.
وكانت صحيفة لوموند اليومية قد نشرت بعد ذلك روايتها للحقائق التي يجب إخفاؤها، أي ارتباط الشركة المتعددة الجنسيات بوكالة الاستخبارات المركزية في عمليات مختلفة، بما في ذلك نقل الأسلحة خلال الحرب ضد العراق، وربط لافارج مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون (المدير السابق للشركة)، خلال الحرب ضد سورية وبناء البنية التحتية الإرهابية في سورية.
إذا كان تدمير مصنع لافارج يدمر دليلاً على ذنب فرنسا في واحدة من أكثر الحروب دمويةً واجراماً في القرن 21 ، فماذا عن الإرهابيين الفرنسيين الذين تستمر «قسد» في اعتقالهم؟ وهل سيقعون قريباً في أيدي الجيش السوري؟ فرنسا ترفض أن تسمع عن ذلك. القوات الخاصة الفرنسية التي لا يزال مصيرها محاطًا بهالة المجهول، نعم فرنسا لديها مهمة تصفية تلك القوات في الحال والقضاء على أدلة محرجة أخرى، مثلما قامت الولايات المتحدة بإجلاء عملائها التكفيريين لديها في العراق وأيضاً بريطانيا تعتزم فعل الشيء نفسه.