ثماني سنوات من محدودية الموارد والحصار الاقتصادي والحظر التقني على كل ما له صلة بالحياة ولم يتلكأ مصرف سوري واحد في تسليم وديعة لزبون ولم ينكل ولو مرة واحدة عن تقديم فائدة على وديعة مهما كان أجلها.
ظروف ليست بالهينة مرَّ بها القطاع المصرفي السوري خلال هذه السنوات التي جارى فيها الإجرام الإرهابي الاقتصادي قرينيه العسكري والاجتماعي لإركاع سورية، ولم يظهر هذا القطاع مرة واحدة التعب أو الإنهاك الذي يعاني منه لإدراكه أن القطاع المصرفي يعتمد على رأس مال واحد هو ثقة الجمهور المتأتّية من الثقة التي يبديها القطاع بنفسه وبالتالي السمعة التي يكرّسها لنفسه.
اليوم.. وفقط اليوم بات جزء من مجتمع الأعمال السوري من له ودائع في الخارج يتحسس الخطر عليها بعد تناقله أخباراً عن خطر محتمل عليها.. اليوم.. بات جزء من مجتمع الأعمال السوري متأكداً أن المصارف السورية هي الملاذ الآمن لأمواله.. وفي ذلك فائدتين اثنتين لا فضل لأحد فيهما إلا سورية..
أولاهما عودة الأموال السورية إلى مصارفها فهي الأحق بها وبتشغيلها وبتشكيلها كدرع لدعم الليرة السورية والثانية هي شهادة بالبراعة والحنكة وقبلهما الصمود للسلطات النقدية والقطاع المصرفي السوري على حد سواء.. فعلى الرغم من دعوات لا تعد ولا تحصى للأموال السورية الخارجة من البلاد خلال الأزمة إلا أن أحداً لم يبدِ الرغبة بذلك ولم يسمع أحد عن مليون واحد عاد إلى المصارف السورية.. أما اليوم فقد تأكد للجميع والخارج قبل الداخل متانة القطاع المصرفي السوري وهي متانة ناجمة عن متانة وعمق جذور الاقتصاد السوري القائم على التنوع..
لا شك أن هذه الأموال تهم الجميع لكونها أموالاً سورية في النهاية وهي لا شك فرصة مهمة للمصارف السورية لتعزيز موقفها وبأموال السوريين، ولكن إعادتها إلى البلاد بحث طويل يحتاج إلى تأنٍ وخطوات دقيقة وهي خطة تحتاج نفس المستوى من البراعة والذكاء المستخدمين في إخراجها من البلاد قبلاً.
باتت الأدوار اليوم متبادلة وأصبح المواطن متفرجاً على من تفرجوا عليه في شكواه من الغلاء وتراجع القدرة الشرائية لليرة السورية نتيجة اللهاث خلف الدولار الضروري لتحويل الأموال إليه قبل إخراجها.. وبعبارة أخرى فإن المواطن السوري قد انتصر..