الذي جمعهما فيه الإعلامي عادل مالك، وهو متوفر على «اليوتيوب» وأبرز مالفت انتباهي في هذا الحوار الاستعادي، هو اعتراف عبد الحليم حافظ بأستاذية فريد الأطرش حيث قال: «أنا أتمنى أن أكون مثل فريد الأطرش» وأضاف: «فريد لايقارن إلا مع محمد عبد الوهاب» لأنه مثله يلحن ويغني، أما أنا فلست أكثر من مؤد لألحان الآخرين، وهنا رد عليه فريد قائلاً: أنت تؤدي الألحان بطريقتك وبإحساسك الخاص. وهكذا أعطى لقاء الموسيقار بالعندليب دلالة قاطعة لاتقبل الجدل, على أن الكبار هم الأكثر تواضعاً لسبب بسيط، هو أنهم يملكون ثقة غير محدودة بأنفسهم.
كما قدما درساً في التواضع على الصعيد الإنساني، وأعطيا صورة رائعة لاتمحى من الذاكرة الجماعية, عن عظمة وتواضع فناني أيام زمان, واعتراف كل منهما بقدرات الآخر، حيث تحدثا بعمق وبصدق وبروح مشتركة بعيدة كل البعد عن نزعة الأنانية, وبعكس نجوم الزمن الراهن، الذين يطلون علينا على الشاشات الفضائية، وصفحات التواصل، وكل واحد منهم يسعى لإلغاء الآخر, وعدم الاعتراف بجمهوره, إضافة إلى ماتقدمه تلك الفضائيات، من برامج حوارية لها طابع الفضائحية والتشهير والإثارة الهادفة إلى الإيقاع بين الفنانين، بقصد تشويه صورتهم وتحريك الرأي العام ضدهم.
وإعلام الفضائيات الذي يطلق هذه الاستبيانات والبرامج المتسرعة والاستفزازية، لايقل انحطاطاً، عن غناء هذه الأيام، على الأقل في عدم احترامه لتاريخ الموسيقيين والعباقرة الأفذاذ، وسوى ذلك من الممارسات، التي تنعكس سلباً على نجوميتهم واستمراريتهم في ذاكرة الأجيال المتعاقبة.
facebook.com adib.makhzoum