فأميركا الباحثة عن مخرج ينقذها من أزماتها المتراكمة في الميدان السوري لا تزال تتمسك بأوراقها وخياراتها الكارثية التي تتشبث بالمراهنة عليها لتغيير المعادلات والموازيين التي ارتسمت في الميدان والتي باتت حقائق ووقائع ثابتة وراسخة يصعب قلبها أو حتى تبديلها مهما ذهبت الاخيرة بعيداً في خياراتها ورهاناتها الخاسرة مسبقاً.
الطامة الكبرى أن الادارة الاميركية التي تحزم حقائبها استعدادا للرحيل لم تدرك بعد أن سياساتها خلال المرحلة الماضية والتي اتسمت بالتصعيد والتهديد والوعيد والتهور والحماقة والدفع بكافة الخيارات الصعبة الى واجهة الاحداث، لم تغير في الواقع شيئا لا على الصعيد الميداني ولا على الصعيد السياسي ولم تؤت ثمارها بحسب المرتجى والمتوقع اميركيا، بل على العكس من ذلك تماماً، فقد زادت تلك السياسات من قتامة الصورة وضاعفت من مأساة الشعب السوري التي تدعي خوفها وحرصها على حياته وحقوقه، هذا بالإضافة الى ان تلك السياسات ساهمت بالمطلق في تمدد الارهاب في كل الاتجاهات، وهو الامر الذي يؤكد اصرار الولايات المتحدة بغض النظر عن الادارة الحاكمة لم تقتنع بعد بالواقع الجديد المرتسم على الارض كونها ترى فيه تهديداً لطموحاتها واحلامها ومشاريعها في المنطقة والعالم.
ما هو مؤكدأن الولايات المتحدة التي تلهث في ماراثون الخيارات الصعبة والرهانات الخاسرة تعلم جيداً أنها باتت خارج حسابات الدولة السورية وحلفائها في ظل ذلك التنسيق السوري الروسي الايراني لمحاربة الارهاب بشكل حقيقي وجاد ومسؤول، وهذا ما يُفرغ كل مواقفها وخياراتها التصعيدية مهما كانت شدتها وحدتها و خطورتها على المدى القريب او البعيد من أي مضمون او فاعلية كونها سوف تُجهض مُسبقا من دمشق التي حسمت امرها على المضي قدما في خيار المواجهة حتى تحرير الارض وتطهيرها من الارهاب.