تلك المطالبات ليست وليدة اللحظة الراهنة وقد يقول أحدهم إن معظم الاجتماعات الحكومية تدعو إلى ذلك نظريا لكن عمليا لا نتائج عملية تذكر، ويكفينا الاختباء وراء المبررات الناشئة عن ظروف الحرب على الرغم من موضوعيتها، فالمؤشرات التي تحدث عنها رئيس اتحاد نقابات العمال مؤخرا في المؤتمر العام للاتحاد تجاه هذا القطاع تدعو الجميع للعمل بشكل جدي لإنقاذه.
لا يمكن مقاربة إصلاح القطاع العام الصناعي إلا من خلال تحديد قائمة الاحتياجات فيه ولا يمكن فعل ذلك ما لم نتعرف إلى الرؤية _الأهداف – الإستراتيجية، وهذه الثلاثية ستقودنا إلى الحديث عن ركائز الإصلاح الأربع وهي العزيمة والإدارة ونواظم قانونية والتمويل.
وبعد تحديد قائمة الاحتياجات يتم تصميم برامج لتطوير القطاع الصناعي ووضع تطبيقات صناعية تتمتع بثنائية التنافسية والتنمية المستدامة، بمعنى لا يمكن الاقتراب من الإصلاح بدون برامج تقودنا إلى تجاوز جميع المشكلات التي عانتها صناعة القطاع العام طوال السنوات القليلة الماضية، فعلى سبيل المثال أول الإصلاح يبدأ بجدولة الأولويات التي تعتمد على الجدوى والتأثير الاقتصادي وعلى شدة الطلب المحلي ثانياً، والقيمة المضافة والسوق المحلي والتصديري الجاذب ثالثاً ورابعاً.
ولا يمكن تنفيذ الخطوة الأولى ما لم نتوسع في قواعد جذب الاستثمارات المحلية، وتطوير الخبرات المحلية والاستفادة من تجارب بعض الدول المشابهة لاقتصادنا، وهذا كله يأتي ضمن سياقات إصلاح اقتصادي شامل.
وهنا لابد من وضع آليات للنهوض بالقطاع الصناعي والبدء بتشغيل المصانع والشركات العامة المتوقفة وفق برنامج تدريجي وزمني محدد ووضع خطة عمل جديدة تتناسب مع إمكانات كل شركة في ظل ظروف الحرب التي تشهدها البلاد، وايقاف الشركات الخاسرة عن العمل والاستفادة من البنى التحتية والموارد البشرية فيها بالشركات الصناعية الأخرى.
المرحلة المقبلة لإعادة الإعمار تحتاج لمحددات كفيلة بإحداث نقلة نوعية في واقع الصناعة الوطنية لتكون عنوانا لها كونها تشكل أهم روافع الاقتصاد الوطني وقاطرة النمو وبشكل يتماشى مع توجهات الحكومة للنهوض بكل القطاعات الاقتصادية وخاصة تلك الصناعات المتعلقة بمتطلبات إعادة الإعمار وتفعيل التشاركية بين القطاعين العام والخاص للمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية.