|
هــل نـنســحب مــن الجــولان؟ هآرتس والثاني عن «وثيقة أوباما» لإحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، في ضوء ما شهدناه مؤخراً من كون خطة السلام الموعودة ليست في واقعها سوى مواضيع منفصلة ترتبط ببعضها برابط واه، مثلها في ذلك مثل الروابط التي تربط بين قطع السجق، وأفضل مثال عن هذا الواقع هو ما يثار حول طلب الإدارة الأميركية من إسرائيل تجميد بناء المستوطنات، ذلك الطلب الذي لم يأت بجديد كأن يقول بعدم شرعية المستوطنات كافة، بل إن كل ما شهدناه يقتصر على نوع من التأكيد والإصرار على وقف عمليات البناء مكتفية بالأقوال والتصريحات دون أن يرقى الأمر إلى الإفصاح عن نية فعلية لإيجاد حل سريع لمعضلة المستوطنات التي سبق وأن وردت في المرحلة الأولى من خارطة الطريق والتي لم يرد بها ذكر لموضوع الحدود بين إسرائيل وفلسطين، ولم نعثر بها على أي إشارة للقضايا الجوهرية مثل الأماكن المقدسة وتوزيع المياه. لقد جاء الجواب على الطلب الأميركي في الخطاب الذي ألقاه نتنياهو مؤخراً وأعرب به عن موافقته على مبدأ حل الدولتين، لكننا نرى فيما أبدته الحكومة الإسرائيلية أو الإدارة الأميركية يبقى أمراً نظرياً ما لم يترافق بإجراءات عملية بهذا الشأن، ذلك لأن الأمور قد اقتصرت في الوقت الحاضر على فكرة تجميد المستوطنات ورفع شعار حل الدولتين دونما الإعداد والتفكير بالمرحلة التي تلي ذلك مثل الحدود المستقبلية بين البلدين. تعتبر سورية مثالاً آخر من الجدير أن يؤخذ بالاعتبار بعد التحسن الذي لمسناه في العلاقة بين الولايات المتحدة ودمشق، فهناك سفير جديد للولايات المتحدة قد تم تعيينه في سورية، وحدث ذلك بالتزامن مع جهود المصالحات العربية الأمر الذي يخلق انطباعاً بأن تلك التحركات والمقاربات ما هي إلا جزء من خطة واسعة وكبيرة لكن يعترضنا سؤال إن كانت تلك التحركات ستفضي إلى عقد اتفاقية مع إسرائيل يتم بموجبها الانسحاب من مرتفعات الجولان؟ لكن هل قام الأميركيون بإرسال إشارات إلى إسرائيل للاستعداد لهذا الحدث أم على الأقل قاموا بالإيعاز إليهم بتجميد البناء في الجولان؟ لكننا في واقع الأمر لم نقف حتى الآن على شيء من هذا القبيل. تعتبر غزة المثال الثالث عن كثرة الكلام وقلة الأفعال، حيث نجد أن هذا القطاع الذي يسكنه نحو مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون تحت الحصار وكأنهم رهائن ما لم تتخذ سلسلة من الإجراءات التي لا رابط بينها والتي تحدو بنا للتساؤل: هل حقاً أن اطلاق الجندي المختطف جلعاد شاليط هو مفتاح الحل لموضوع المعابر؟ أم إن توقيع اتفاقية لوقف إطلاق النار هي التي ستقود إلى فتحها؟ وهل يوجد رابط بين الأمرين؟ مرة أخرى نرى أن الضرورة تستدعي وضع خطة جيدة حالاً لمعالجة ذلك الأمر. إن كل ما نشهده الآن ليس في واقعه سوى رد فعل إيجابي للعمل الدؤوب في السير نحو السلام، إذ لو قامت إسرائيل بتجميد البناء في المستوطنات، وترافق ذلك بموافقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس على إجراء محادثات بشأن إقامة الدولة الفلسطينية ثم تلا ذلك موافقة على مناقشة وضع القدس مقابل موافقة الفلسطينيين على التساهل بشأن حق العودة فنكون قد حققنا معجزة فلسطينية - إسرائيلية، وفي الحالة التي يتم بها التطبيع للعلاقات بين سورية والولايات المتحدة فقد يفضي الأمر إلى الانسحاب من كامل مرتفعات الجولان وستكون بذلك معجزة ثانية قد تحققت، وفي حال حصول اتفاق بين حماس وفتح بشأن إنشاء حكومة وطنية تقبل بوقف دائم لإطلاق النار مع إسرائيل فإن ذلك سيقود إلى فتح معابر غزة وتتحقق في ذلك معجزة مزدوجة: الأولى اعتراف حماس «بدولة إسرائيل» والثانية: إنشاء حكومة فلسطينية مسؤولة بإمكانها إدارة شؤون الدولة بأكملها. على الرغم من كل ما ذكرناه تبقى ثمة مخاطر من حدوث بعض الاختراقات والتجاوزات مثل القيام باغتيال أحد قادة حماس، أو هجوم على أحد المستوطنات، الأمر الذي سيجعل الأحداث تنحرف عن مسارها وفي كل الأحوال فإن كل الأمور مرتبطة بخطط ورؤية أوباما في الوقت الحاضر الذي تستدعي من كافة اللاعبين في المنطقة التحرك بتناغم واحد في التنفيذ وفقاً لأجندة مفصلة وذلك على نقيض ما حدث في عام 2003 عندما أعلنت خارطة الطريق. في الوقت الحاضر يوجد ثمة ثلاثة مسارات يرتبط كل منها بالآخر، حيث ينبغي علينا أن نكون على ثقة تامة بأنه من دون سورية لن تتحقق المصالحة الفلسطينية تلك المصالحة التي من دونها لن يصار إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تمكن محمود عباس من إقرار بعض التنازلات التي من دونها لن يقوم نتنياهو بإعطاء الأوامر بتجميد البناء الاستيطاني. يحاول الرئيس أوباما تقديم خطة مفصلة وشاملة يقترن تنفيذها بجدول زمني محدد، لأن حل القضايا بشكل منفصل واعتبارها مثل قطع السجق أمر تكتنفه المخاطر لارتباط كل منها بالآخر ارتباطاً وثيقاً. بقلم: تسفي بارئيل
|