وبرغم انشغالنا نفرد للحب مساحات واسعة فلا عجب إذا علمنا أن العرب أفردوا للحب دواوين ومعلقات وكتباً وسيراً وحكايات، وشهرة المحبين بين الأقوام العربية تفوق شهرة أصحاب النفوذ والسياسة في تلك الأقوام وكثيراً ما كان المحب سفير قومه إلى قوم محبوبته، فعلى قدر حبه كان يبلي بلاءً حسناً في تقريب وجهات النظر والتلاقي ويحل النزاعات والخلافات وكثيراً ما اندمجت قبائل وشعوب تحت راية الحب، فهل يجدي نفعاً هذا الحب في أيامنا هذه..؟
لنعرف الإجابة لابد أن نقرأ ونطلع على كتاب الحب عند العرب للعلامة أحمد تيمور الذي قام بجمعه وتحقيقه الكاتب مصطفى فتحي علي.
فكتاب الحب عند العرب ضم بين دفتيه أحد عشر فصلاً توضح وصف الحب الصادق عند العرب وماهيته وأغراضه فالعربي إن أحب أسكن محبوبته بين أضلاعه وفي مقلتيه وافتداها بالنفس والروح.
كما أفرد الكتاب لأنواع الحب فصلاً كاملاً وعرض لقصص وسير المحبين والسجالات والأحاديث والأشعار المتداولة فيما بينهم، ويمكن لقارئ الكتاب أن يعرف كيف أحب وتزوج كل من امرئ القيس وحاتم الطائي وسحيم بن حفص وعمر بن أبي ربيعة وأبي الأسود الدؤلي.
إضافة لقصص الشعراء والعشاق الذين أفرد لهم الكاتب فصلاً كاملاً أمثال (جميل بثينة، كثير عزة، توبة وليلى الأخيلية، عبيد الله بن طاهر وجاريته، وحب زينب بنت اسحاق النصراني، وآخرون...).
ولطالما ارتبط الحب بالجمال ووصف النساء وامتداحهن ولهذا الباب من الحب أفرد الكاتب فصلاً كاملاً يمكن للقارئ أن يتعرف من خلاله على فنون الغزل والتغزل والفرق بينهما، وكان للعيون الحصة الأكبر في التفنن والتغزل بها، كما تطرق الكتاب إلى تعدد الزوجات والأزواج وذكر مبرراتها عبر شخصيات عربية تثير فضولنا لمعرفة أخبارها.
كما خصص الكتاب فصلاً كاملاً للتغزل بالأسماء وما قيل فيها وهنا لابد من قراءة الكتاب لعل أحدكم يجد لاسمه قصيدة مطولة سطرها تاريخ الحب، وهذا ينطبق أيضاً على المهن والحرف التي كان يعمل بها المحبون وقام بوصفها شعراء الحب.
ولم يخل الكتاب من نوادر وطرائف وظرائف الحب واللقاء ووصف النساء وعداوتهن ومكائدهن أيضاً وأظرف ما قيل (طاعتهن تردي العقلاء وتذل الأعزاء).
يقع الكتاب في مئة واثنتين وأربعين صفحة من القطع الكبير من إصدارات دار علاء الدين لعام 2009.