تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مشاهدات فرنسي عائد من سورية

عن : Boulevard Voltaire
شؤون سياسية
الأربعاء 8-1-2014
ترجمة: دلال إبراهيم

بعد قضاء اثني عشر يوماً في سورية بمناسبة أعياد رأس السنة عدنا إلى بيروت في طريق عودتنا إلى فرنسا مرهقين ولكن بقلوب طافحة بالمحبة.

في البداية تأثرنا بوضع المسيحيين في البلد، وبشكل خاص الوضع الذي يعانيه أهالي معلولا، ولكننا سرعان ما أدركنا أننا بحاجة إلى العمل مع جميع السوريين. لم نحشر أنفسنا ضمن حيز الأحكام المسبقة مع حرصنا على تجنب أي شكل من أشكال الطائفية. والرد كان مذهلاً: الشعب السوري والفرنسي كان رائعاً.‏‏

منذ وصولنا أدهشتنا حفاوة الاستقبال، استضافتنا ووفرت لنا السلطات السورية الأمن بشكل كبير، على عكس ما توقعوه لنا في وزارة الخارجية الفرنسية. لطف الاستقبال كان نفسه أينما حللنا سواء أكنا في دار أيتام أو في مدرسة أو في جامعة أو في كنيسة وحتى في مسجد. كنا ندعى إلى طعام الغداء حالما نلتقي بمجموعة أو بشخصية. ضحكات الأطفال لدى رؤيتهم الهدايا، ابتسامة الأهل عند رؤيتهم فرنسيين.. إنها لمتعة كبيرة ولا سيما عندما نسير في شوارع دمشق ونرى الدمشقيين، رغم ويلات الحرب مستمرين في العيش مهما كان، مستمرين في الخروج من منازلهم، ومستمرين في أن يحبوا بعضهم البعض.‏‏

والفرنسيون الغاضبون في أغلب الأحيان يضعون قلوبهم في أيديهم. حملنا معنا أربعة أطنان من اللعب والملابس والأغطية المُتبرَّع بها. في حين كنا بحاجة إلى 20,000 يورو من أجل تمويل مشروعنا لمساعدة المهجرين في مدينة دمشق. علماً أن احترام الأقليات في سورية، كما في أي دولة من العالم هو ضمان للأمن والسلام.‏‏

وجدنا في فرنسا أن هناك مجموعات متشددة رفضت منحنا المساعدات بحجة أننا سوف نساعد فيها بعض الطوائف في سورية، وبالمقابل علمنا أن هناك جهاديين فرنسيين مستعدون للموت من أجل فرض وجهة نظرهم بالإسلام بالقوة على نقيض ما يريده السوريون.‏‏

كنا محظوظين أن ارتبطنا بصداقات مع العديد من السوريين من مختلف الطوائف، والجميع كانوا متعلقين بشدة من أعماقهم بهذا التنوع الذي يتميز به المجتمع السوري. وجميعنا يأمل من فرنسا الدفاع عن هذا التنوع في سورية، وأيضاً في السعودية. وكم هو محزن أن نرى رئيسنا فرانسوا هولاند يزور الرياض في الوقت الذي يواجه فيه أحد الأدباء السعوديين خطر الموت بمجرد أنه طالب بتطبيق الشريعة الإسلامية بشكل سلس أكثر.‏‏

أوضح لنا وزير السياحة أن الإسلام عمره 1500 عام والمسيحية عمرها 2000 عام، بينما عمر سورية هو 7000 عام ! درس خزي وعار لنا نحن الفرنسيين الذين يبلغ عمر حضارتنا 1000 عام. وصفعة قوية أيضاً لأمراء الرياض، عند السماع لخطب مفتي سورية الذي يشير بكل سرور إلى فكتور هوغو ويدعو كل إنسان إلى التمسك بإرادته الحرة.‏‏

التقينا مع عدد من الأطباء السوريين الذي آثروا البقاء في سورية، على الرغم من انخفاض عائداتهم بحدود 90% . لاسيما وأن 60% من المستشفيات والمراكز الصحية قد تمَّ تدميرها في البلاد. بقوا مخلصين لقسم أبقراط الذي أقسموه وهم يمثلون صورة جميلة عن الكرامة والشجاعة التي شهدناها في سورية أينما كان.‏‏

ويسعدني دعوة قرّاء موقع بوليفار فولتير، في القريب العاجل إلى لقاءات جديدة، لأننا نحن الفرنسيين محظوظون كوننا نلقى التقدير في كل مكان في العالم بسبب قيمنا العظمى. وأتمنى في هذا العام الجديد أن يحافظ الفرنسيون على هذه المودة والمحبة التي تكنها لهم الشعوب. وأن يتوقفوا عن التيه في السباق نحو البترودولار.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية