و ربما كان الأمر أشد وطأة على من كان يعمل و استقال و يريد العودة ثانية إلى عمل كان بمتناول يده ووجد نفسه بلحظة أنه بعيد كل البعد عنه ؟
و في هذا السياق تعمد وزارة التربية بين الفينة و الآخرى على إعادة بعض من استقالوا ضمن شروط محددة و لكن هناك أعداداً من المستقيلين عرضوا مظلمتهم حاملين معهم همومهم و آلامهم و سوء طالعهم آملين أن يكونوا بين صفوف المقبولين لاحقاً.
حياة سليمان ( معلمة في مديرية تربية ريف دمشق) تم تسريحها تعسفياً 2008 كما تقول ومحمد شبلي الذي كان موجهاً اختصاصياً لمادة اللغة الإنكليزية ما زال يسعى للعودة الى العمل منذ 12 عاماً بعد تقديم استقالته آنذاك، وهناك آخرون ربما يعدون بالمئات .
مجموعة من المدرسين من جميع المحافظات أجبرتهم ظروف الاغتراب على الاستقالة من عملهم كمدرسين لدى وزارة التربية أملاً بتحسين أوضاعهم المادية.
أغلبهم استقال بعد 2002 تقدموا بطلبات عودة عن الاستقالة رغبة منهم بالعودة للعمل كمدرسين و يتراوح عددهم الكلي بين 500 -600 معلم و معلمة.
وزارة التربية احتفظت بهذه الطلبات ولم ترد عليها إلا مع بداية عام 2010 حيث طلبت الوزارة من المتقدمين الخضوع لمقابلات التي كانت بإشراف معاون وزير التربية الدكتور زهير سلمان حيث تم وعدهم بالعودة إذا انطبقت عليهم الشروط القانونية.
و يشير شبلي في هذا السياق إلى شروط غير قابلة للتطبيق، فمن ذهب للخليج عام 2007 لم يعد حتى الآن فكيف يضعون شرطاً بقبول عودة من تركوا العمل منذ عام 2007 ثم طلبت الوزارة بعدها بأشهر أوراقاً تثبت أنهم قاموا بالتدريس بالخليج وفعلوا وفي بداية العام الدراسي 2010-2011 أعادت الوزارة (150) معلماً وتم رفض البقية.
و قد أشاروا إلى وجود خروقات في موضوع الإعادة، فهناك قائمة تتضمن مجموعة من الأسماء التي تمت إعادتها للعمل و لا تنطبق عليها أي جزئية من الشروط التي يطالبونهم بها.
مصدر مسؤول بوزارة التربية قال إن شروط العودة للعمل التي اعتمدتها الوزارة لقبول طلبات الراغبين بالعودة إلى العمل أن يكون المتقدم من مواليد عام 1965 وما فوق و ألا تتجاوز فترة انقطاعه عن العمل 5 سنوات ووظيفته تعليمية.
مؤكداً أن تعليمات العودة صادرة عن مجلس الوزراء و أي شخص لا تنطبق عليه الشروط عليه التقدم بطلب خطي لاستثنائه من أحد الشروط القانونية في حال لم تكن تنطبق عليه و نفى المصدر وجود أي خروقات بعملية الإعادة.
من جانب آخر وافقت وزارة التربية بتاريخ 25 آذار , 2012 على إعادة 230 عاملاً في وظائف تعليمية إلى الوزارة من المستقيلين أو المعتبرين بحكم الاستقالة ممن انطبقت عليهم الشروط المعتمدة ونجحوا في المقابلات التي أجرتها الوزارة والإدارات الفرعية في المحافظات.
وبيّن مدير الشؤون الإدارية في الوزارة علي عبود أن هذه الموافقة شملت 98 مدرساً و67 مدرساً مساعداً و 45 معلماً «أهلية تعليم» و10 معلمي صف فئة أولى و7 مدرسين مهندسين و 3 معلمي حرف.
ولفت عبود إلى أن الوزارة دعت 321 متقدماً لإجراء المقابلات قبلت منهم 230 وتغيب 78 عن المقابلات ورسب اثنان ورفضت طلبات العاملين في وظائف غير تعليمية.
وكانت وزارة التربية أجرت مقابلات العودة إلى العمل خلال شهري كانون الثاني وشباط الماضيين.
وانطلاقاً من الرغبة في التوفيق بين مصلحة الإدارة ومصلحة الموظفين، فإن مبدأ الاستقالة يعد مقبولاً في مفهوم الوظيفة العامة ذات السلك الوظيفي حيث عرَّف قانون العاملين الأساسي السوري الاستقالة بأنها «تقديم الموظف طلباً خطياً إلى مرجعه بإعفائه من الخدمة» كما في القانون /1/ لعام 1985
و من جانب آخر أشار المحامي الأستاذ حسن العلي أن هناك بعض الشروط في الاستقالة منها ألا يقدم طلب الاستقالة تحت تأثير إكراه مادي. أما الإكراه الأدبي أو المعنوي فلا يؤثر في سلامة الاستقالة لأن الأمر يتعلق بعمل الموظف ومصدر رزقه، ولا يمكن الإذعان لتأثيرالإكراه الأدبي في هذا المجال.
ـ ألا يعود الموظف عن طلب الاستقالة من وقت تقديمها إلى حين قبولها. وهذا ما أوضحته المادة /135/ من القانون الأساسي للعاملين في الدولة بأنه يحق للعامل سحب طلب استقالته قبل انتهاء مدة الستين يوماً، التي يجب على الإدارة في أثنائها الإجابة عن طلب الاستقالة بالرفض أو القبول من تاريخ تقديمه، وقبل أن يصدر صك قبول استقالته، وفي هذه الحالة يعد طلب الاستقالة ملغى،ولكن يجوز للإدارة التي أصدرت صك قبول استقالة الموظف أن ترجع عن الصك الذي اتخذته بقبول الاستقالة وذلك قبل نشره أو تبليغه إلى صاحب العلاقة.
و أشار العلي إلى أنه يجوز بصك من السلطة صاحبة الحق في التعيين بعد موافقة الوزير المختص، إعادة العامل المستقيل أو المعدود بحكم المستقيل بأجره السابق إلى وظيفة تتوافر فيه شروط شغلها (المادة 140 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة ).