|
نافذة.. كــــــلام عـــابـــر آراء وكنت سأكون سعيداً أكثر لو أن السيد رئيس مجلس الوزراء تحدث عن وجود مشروع متكامل لمكافحة الفساد والمفسدين وتغيير مناخات الفساد القائمة في كثير من مفاصل حياتنا الرسمية والاجتماعية والسلوكية. إن عملاً عظيماً ومهماً وكبيراً ستقوم به الحكومة مجتمعة، والجهات الأخرى، سيحظى بدعم الناس، وحب الناس والتفافهم للتخلص من كل مظاهر الفساد، وهذا يحتاج إلى مشروع متكامل وليس إلى هبّة كما يقال أو إلى الإمساك بفاسد من هنا أو هناك بين الحين والحين، وبشكل انتقائي، فالمشروع الوطني لمحاربة الفساد سيكون إنجازه أكثر فاعلية، وأكثر دقة إن ابتعد عن الانتقائية والمزاجية. كان أحد الزملاء إلى جانبي عندما همست: «جميل أن تكون بلادنا خالية من انفلونزا الفساد، ستكون رائعة، وقوية» ورد زميلي بطريقة توحي أنه غير متفائل «أنت تحلم» كان حديث رئيس مجلس الوزراء مستمراً، خطر لي أن انهض لأقول له: «ياسيدي، لاأشك في أن لديكم النية لمعالجة الفساد، والرغبة في جعل سورية جنة الشرق الأوسط، ولكن النوايا وحدها غير كافية. أرى الفساد سيستمر إن لم يتم القضاء على الفاسدين ومن وراء الفاسدين، الفساد أضحى سلسلة طويلة وخطيرة والحل بتفكيكها واحدة واحدة، ومعرفة الحلقة الرأس والحلقة الذيل. البداية تكون بتكليف أناس شرفاء وأذكياء وأتقياء ووطنيين حتى العظم في مفاصل الحياة السورية، فالسلة المثقوبة لاتختزن الماء». -2- تقول كاترين التي تسكن الضاحية الغربية من باريس لساركوزي في رسالة موجهة إليه عبر البريد الالكتروني: ياسيدي.. الرجال الذين تحتاجهم من أجلك، ومن أجل فرنسا ومن أجلنا كلنا، هم الشرفاء والأذكياء والذين يخافون الله والناس. ورد عليها ساركوزي في رسالة: وكيف لي أن أجدهم وأتعرف عليهم؟ أجابت كاترين: الرجال بتاريخهم، وليس بالمعلومات التي يقدمها إليك من حولك أو التي تلتقط من الشارع. عندما غادر نيلسون مانديلا موقع الرئاسة في جنوب إفريقيا، نصح خلفه، أن يبعد من حوله كل أولئك الذين لايجيدون سوى كلمة نعم، وهز رؤوسهم بالموافقة -3- قلت لزميلي: سأكتب نافذة الأسبوع القادم عن الفساد قال: لماذا تشغل نفسك بالكتابة دائماً عن الأخلاقيات والقضايا الوطنية، أنت تتعب نفسك ياصديقي، يظل ماتكتبه بعيداً عن العيون وعن الآذان التي يجب أن تسمع وتقرأ ماتكتبه قلت: الوردة تتفتح، لتعطي عطرها، وكفى. قلت في سري ماالذي ينقصنا لنكون وطناً رائعاً أيها السادة؟ -4- كثيراً ما أمضي وقتي في التفكير بأسباب نهوضنا إعلامياً وثقافياً واقتصادياً، لاأجد أن النهوض مستحيل، نحن نمتلك وطناً رائعاً، وأناساً رائعين، وقائداً رائعاً، يسعى إلى بعث الأمة من جديد لتكتب نهضتها وتاريخها، تسع سنوات مرت أكد خلالها أنه ربان سفينة جسور، فلماذا لانكون نحن بحارته الأقوياء والشرفاء؟ اعترف أنني مسكون بحلم النهوض. ولكنني أعترف أن هاجس الخوف على هذا النهوض من الفاسدين يسكنني. -5- أخبار ملاحقة الفاسدين التي تنشرها الصحف، ومواقع الانترنت، تستنفر أحاسيس ومشاعر وأسئلة مذهلة. كيف حدث كل ذلك؟ هذا الوطن لايستحق كل هذه الإساءات، الوطن يقاوم أعداء الخارج، لماذا ينبت له أعداء في الداخل من أبنائه، كأشواك الدردار في طرقاتنا الجميلة؟ أوافق تلك المرأة الطيبة التي قالت عندما أخبروها أن ولدها سرق المصرف الذي يعمل فيه. إن أموال الحلال لاتثمر علينا، فكيف بأموال الحرام؟ -6- بعض المؤسسات التي نخرها الفساد، تتم محاسبة بعض العاملين فيها، ويترك الرأس الذي أدار الفساد، أو أوجد مناخ الفساد، هذه حقيقة، يجب أن تكون لدى الحكومة إرادة المحاسبة، وقوة المساءلة، وشجاعة القرار الذي يطول الجميع وإلا ستبقى الأمور كما هي. يقول كليمنصو: في بريطانيا إرادة بغياب الذكاء، ونحن لدينا في فرنسا الذكاء بغياب الإرادة. يقول رجل عاقل في بلادنا: بعض المسؤولين تنظر إليهم من أسفل إلى أعلى لعلو قامتهم الأخلاقية والنضالية، وبعضهم تنظر إليه من أعلى إلى أسفل.
|