تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الشـــــــــعر والمعانــــــــاة

ثقافة
الأربعاء 8-7-2009م
عماد جنيدي

قديماً قال العرب: أعذب الشعر أكذبه .

علما أن قراءة متأنية في تراثنا الشعري العربي تؤكد بطلان هذا القول جملة وتفصيلاً ،فشعر امرئ القيس الخالد الرائع كله معاناة ويخلو خلواً تاماً من أي كذب.‏

بدءاً من معاناته في حب النساء مروراً بمعاناته الوجودية: وليل كموج البحر أرخى سدوله‏

علي بأنواع الهموم ليبتلي.‏

وصولاً إلى معاناته في مقتل أبيه... بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه‏

وأيقن أنا لاحقان بقيصرا .‏

فقلت له لاتبك عينك إنما نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا .‏

أما نهايته فكانت مأساوية انتهت بمقتله.‏

إن رصد المعاناة في تراثنا الشعري العربي يحتاج إلى آلاف الصفحات.‏

خذ المعاناة النبيلة لدى الشعراء الصعاليك كقول الشنفرى:‏

ولي دونكم أهلون سيد عملس / وأرقط ذهلول وصفراء عيطل، آخر أظنه لعروه بن الورد:‏

أقسم جسمي في جسوم كثيرة / وأحسو قراح الماء والماء بارد.‏

وخذ معاناة الشعراء العذريين، خذ معاناة المتنبي وأشعاره في السفر والغربة ونهايته المأساوية:‏

تغرب لا مستعظماً غير نفسه / ولاقابلاً إلا لخالقه حكما.‏

خذ معاناته مع سيف الدولة ومع كافور‏

أختم بالسياب الذي يتربع بجدارة على عرش المعاناة الذاتية والموضوعية وخاصة في رائعتيه أنشودة المطر وغريب على الخليج:‏

وعلى الرمال على الخليج‏

جلس الغريب‏

يسرح البصر المحير‏

في الخليج‏

ويهد أعمدة الضياء‏

بما يصعّد من نشيج‏

فعروة وحياته جبلة آلام، ونهايته أيضا مأساوية وأما أعذب الشعر أكذبه فهو قول غير مقنع.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية