|
|
في معرض صلاح الدين حريب ..ارتجال تجريدي ونزعة تركيبية ثقافة فالمعرض يستعيد بوضوح إيقاعات المظاهر التجريدية التي تتبع أحياناً إيحاءات المستطيل والمربع واللمسات الشاقولية والإيقاعات اللونية المتناثرة والنقاط، وتستعيد إيهامات الأشكال الغائبة في خطوات النفاذ إلى عوالمها الداخلية والتعبير عن حالاتها الروحية الصافية. وصلاح الدين حريب يؤكد في هذه الأعمال المتطرفة في حداثتها، أن الحرية التعبيرية التجريدية هي المدخل الحقيقي لإثارة التساؤلات ووضع علامات الاستفهام. وهو يدخل إلى لوحاته عناصر قماشية وورقية وبلاستيكية.. بعدما سحرته مظاهر الانفتاح على التيارات التشكيلية العالمية الأكثر مغامرة وتطرفاً وحداثة، وبعد أن أنهكت ذاكرته أحداث الحروب الراهنة، على اعتبار أن جذور هذه الطروحات التشكيلية وماتفرع عنها من اتجاهات وتأويلات تبقى حاضرة في ذاكرة المعارض العالمية التي عرفتها المدن الاستهلاكية في مراحل الحروب والازمات والانهيارات الاقتصادية الكبرى. والمدخل الحقيقي لتحليل هذه الأعمال ينطلق من ثلاث نقاط جوهرية، فالعناصر القماشية والخيوط والأشياء الأخرى الظاهرة في أعماله تخضع في بنائيتها التركيبية لهواجس الاطلاع على معطيات الفنون الحديثة التي تجاوزت طرق التعبير التقليدية. أما الحركات اللونية المثبتة في لوحاته، والتي تتنوع إيقاعاتها الانفعالية من لوحة إلى أخرى فهي تعكس هواجس تعبيرية وجمالية وفلسفية. في حين يعيد التكوين الهندسي بعض التوازن إلى الإيقاعات اللونية المنفعلة. وهو في بعض لوحاته الجدارية الكبيرة يركز على سبيل المثال لإظهار إيقاعات اللون الرمادي الذي يخترق الصفحات الورقية الملصقة ويصل إلى حدود السواد في بعض مقاطع اللوحة ليؤكد استحالة البقاء في ظل هذا السواد الكلي الذي يمسرح حياتنا اليومية. هكذا تظهر الإيقاعات اللونية الانفعالية الحية في المدى التشكيلي التجريدي لتؤكد هاجس استمرارية الحياة بقلقها وبهجتها، ومن خلالها يبني إيحاءات البقاء والانبثاق الجديد، رغم كل الغربة والقلق وعوامل الإحباط والانكسار.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
