« رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا» ولن يبدلوا لأن الحبّ المجذّر فيهم لا تزعزعه ريح ولا تعصف به ملمّة ولا تستطيع أي قوة في الدنيا أن تغيّر اتجاهه.
في سورية اختلفت كل عناوين الحكايا الدارجة، وأخذ الحديث منحى مختلفاً عما كان لكن الثابت الأكبر والأقوى هو أن لا شيء يعادل في غلاوته تراب سورية ولا شيء يرتقي لمستوى الكرامة التي جُبل عليها الشعب السوريّ، فإن صدّق التاريخ هذه القناعة فبإمكانه أن يعيش معنا هانئ البال سعيداً، وإن حاول المارقون تشويه هذا التاريخ فلن يجدوا فينا إلا النار التي تحرق وجودهم وتأكل أوهامهم.
من البحر غرباً إلى مشارف مدينة تلكلخ شرقاً تزهو المناطق والقرى الحدودية في محافظة طرطوس بأنها سياج منيع بوجه أي محاولة تسلل أو محاولة تهريب، وأنها استطاعت بوعي أبنائها أن تمارس دورها الوطني بتقنية عالية وفي جميع الاتجاهات.
«الثورة» زارت هذه القرى بعدة جولات ورصدت في التقرير التالي بعض تفاصيل الحياة اليومية هناك وكيف أن كلّ همسة وكل حركة تصبّ في خانة الوطن وفي مصلحة المواطن العربي السوري.
عناوين عامة
سلكنا طريقاً زراعية ترابية إلى الشرق قليلاً من معبر «حكر الضاهري» وتوقفنا عند الساتر الترابي على الضفة اليمنى للنهر الكبير الجنوبي وما إن توقفنا حتى خرج لنا مزارع من بيوته البلاستيكية يسألنا عن هويتنا وعمّا نفعله هنا ولم يهدأ حتى اطمأن باله واطلع على بطاقتنا الشخصية.
على مداخل القرى الحدودية أعداد كبيرة من الشباب المتطوعين همّهم السهر على أمن البلاد وراحة الأهالي ولو كان على حساب عملهم الخاص في بعض الأحيان لأنهم مدركون تماماً خطورة ما تتعرض له سورية وخطورة ما قد تتعرض له إكمالاً لفصول المؤامرة، فأصبح شباب طرطوس إما جنوداً في صفوف الجيش العربي السوري أو في صفوف جيش الدفاع الوطني أو يسهرون الليالي على الطرقات ضمن اللجان الشعبية أو الكتائب الأمنية، والاعتزاز بالدور الوطني هو مايجمع الجميع.
في الأراضي الزراعية عين على المحصول وأخرى على الحدود، والأمران يصبّان في ذات الغاية، لن نترك عملنا بل على العكس يجب أن نجدّ به أكثر لأن إنتاجنا الزراعي يعزّز صمود بلدنا، ولن تغفل لنا عين، إذ ليس مسموح لأحد أن يعكّر حياتنا ولو برصاصة غدر مخبّأة في جيب صغير، وليس مسموح أيضاً أن يتمّ تهريب أي شيء باتجاه الأراضي اللبنانية ونحن قبل الجهات الأمنية وقبل حرس الحدود والجمارك وغيرها مسؤولون عن هذا الأمر وأي حالة تثير الشكّ نستوقفها ونخبر عنها..
في ظلّ جدار..
في قرية «البصيصة» توقفنا عند رجلين يجلسان بجوار جدار منزل أحدهما لنسألهما عن الطريق الذي علينا أن نسلكه باتجاه نقطة حدودية معينة فما استطعتنا أن نحصل منهما على أي جواب قبل أن يتعرفا على هويتنا وما الذي نريده، وبعد ذلك تجاذبنا أطراف الحديث وهذا ما نودّ التوقف عنده.
السياسة ليست حكراً على المحللين التلفزيونيين أو على من يعمل في السلك الدبلوماسي بل هي الخبز اليومي للمواطن الذي لا يركن هموم بلده ولو للحظة جانباً، يعيش كل ما يدور حوله بوعي وإدراك.
قال الرجلان: المنطقة هنا آمنة والحمد لله وكل مواطن يعتبر نفسه مسؤولاً عن أمن المنطقة وأي حركة غير عادية أو لافتة للانتباه نتعامل معها بكل حرص ونعلم الجهات المختصة بها، وهذا الأمر أكده مسؤول في نقطة أمنية حدودية حيث قال: ما إن تحدث أي حركة أو حالة اشتباه قرب الحدود حتى يهرع الأهالي إلينا لمساعدتنا إن لزم الأمر والتعاون وثيق بيننا وبين أهالي القرى الحدودية.
في مكان آخر وفي قرية الدكيكة جلسنا إلى بعض الشباب في حاجز للجان الشعبية هناك، وفوق تأكيدهم على التزامهم بالمهمة الموكلة إليهم عبرَ الحديث إلى الحالة العامة حيث أكد الجميع أن الأهالي متعاونون تماماً مع هذه الحواجز التي وجدت من أجل ضمان سلامتهم وأن الكلّ مستعد للتضحية بأي شيء في سبيل الوطن، ولأن السياسة حاضرة بقوة في كل حديثهم فمن الجميل الإشارة إلى عمق نضجهم وحسن قراءتهم لما يجري على الساحة السياسية ومعنى هذا أن النهج السياسي الوطني واضح ويرتكز على هموم الناس ومعاناتهم.
في قرية «بني نعيم» الحدودية أيضاً لم تخرج الصورة عن المشهد السابق فالجميع عينهم على الوطن واهتمامهم في زراعتهم وفي دراسة أبنائهم وكل القلوب مشرعة على الحبّ السوري الذي لا يقدّر بثمن.
تحوّلات وأدوار مختلفة
كان هناك إجماع كبير لدى الكثيرين على أن الأدوار الاجتماعية تغيّرت كثيراً وخاصة لدى فئة الشباب الذين استسلموا في فترات سابقة للهو والتهريب بعض الأحيان إلا أنهم ومنذ تم إشعال فتيل الأزمة في سورية وشعورهم بتكالب الأعداء على سورية فقد جنحوا إلى المقلب الوطني فكانوا فيه رجالاً وأبطالاً.
هناك من أخذ على عاتقه مهمة توعية زملائه للأدوار المطلوبة اجتماعياً ووطنياً، ومنهم من نذر نفسه ليكون جزءاً من حل بعض المشكلات المعيشية أثناء أزمتي الغاز والمازوت سابقاً فرافقوا صهاريج التوزيع وتقاسموا الأدوار وغير ذلك مما يعبّر عن وعيهم وعن التزامهم بوطنهم.
الزراعة الأجود..
ولأن أهالي القرى الحدودية في سهل عكار بارعون في الزراعة فأول ما زرعوا فقد زرعوا أرواحهم قناديل تضيء الوطن وتمدّه بالدفء والوهج.
هنا يعلّمون أبناءهم ما معنى أن تكون عربيا سوريا وهذا بحدّ ذاته يفرض عليك نوعاً مختلفاً من التفكير والتحليل والعيش وغير ذلك.
ما دمتَ سورياً لا يجوز أن تكون غير مبالٍ، وما دمتَ سورياً لا يعقل أن تكون مجرّد رقم، فانطلق إلى الحياة، فزراعة دونم أرض بأي محصول يعزّز صمود وطنك، والعناية بشجرة واحدة قد تجنّب أسرتكَ ذلّ الحاجة.
عندما تحرص أسرة ريفية إلى جانب عملها في الزراعة على تربية بقرة وبضع دجاجات وعلى زراعة النعناع والبصل الأخضر والبقدونس والسلق والرشاد بجوار المنزل فإن هذه الأسرة تنفّذ أفضل البرامج الاقتصادية وإن لم تُدرس حول الطاولات الفاخرة وتُنقل أخبارها عبر الفضائيات.
وعندما يحرص الجميع (وقد اعتاد بعضهم) على الإقلاع عن التهريب من وإلى لبنان استجابة لوعي فرضته الأحداث التي تمرّ بها سورية فإن الشعب يؤكد عظمته ويؤكد إحساسه الصادق ببلده وهذا ليس نتيجة محاضرات أو برامج توعية وإنما من أصل التركيبة السورية التي تكشف عن معدنها الأصيل في مثل هذه الشدائد.
قد يقول قائل: إن ندرة عمليات التهريب حالياً هي نتيجة الوجود الأمني المكثف الذي ترافق مع محاولات استخدام لبنان الشقيق قاعدة للتسلل إلى سورية، ولكن بإمكاننا أن نقول وبكل ثقة ومن خلال إطلاعنا على الموقف عن قرب: إن ندرة التهريب هو نتيجة حتمية لقدرة الإنسان العربي السوري على الإحساس بالمسؤولية وقدرته على التعبير بصدق عن واجبه وعن دوره الوطنيين، ومن يعش على هذا الشريط الحدودي يعرف أنه ومنذ عقود من الزمن ارتبطت حياة الكثيرين من أبناء هذه القرى بما يجنيه التهريب في الاتجاهين من أرباح، ويعلم أيضاً أنه لا توجد أي قوة في العالم تضبط الحدود بالكامل وأن من يعمل بالتهريب أوجد لنفسه معابر لا يصل لها إلا هو، لكن القصة باختصار هي أن الوعي الحقيقي قال كلمته في هذه المسألة فكان الاحتكام لمنطق الوطن والوطنية فانتصر أهلنا وأحبتنا لأنفسهم ولوطنهم وبئس لقمة تأتي على حساب الدم السوري..
في أقصى الغرب..
مركز العريضة الغربية الحدودي بين سورية ولبنان الشقيق هو المعبر البريّ الرسمي الذي يصل محافظة طرطوس بالقطر اللبناني وقد يكون من أكثر المعابر حركة هذه الأيام نتيجة الهدوء الذي تنعم به محافظة طرطوس لكنه بالوقت ذاته قد يكون الأكثر حساسية لأن البعض في الطرف اللبناني حاول أن يستخدمه منفذاً لتصدير الإرهاب إلى سورية ومع أنهم لم ينجحوا ولن ينجحوا بذلك لوجود رجال مخلصين لسورية ومؤمنين بقضيتها ومستعدين للموت في سبيلها إلا أن هذا لا يعني التراخي أبداً ولم يعد خافياً على أحد أن المتآمرين يحاولون أن يجعلوا من شمال لبنان مقراً للانقضاض على سورية وبعيداً عن التصريحات الرسمية فقد علمنا أن محاولات عدة كان هدفها إصابة هذا المعبر ودبّ الفوضى فيه ليتمكنوا من تمرير مؤامرتهم لكن الإجراءات الرسمية ومن خلفها السياج الحقيقي للوطن المتمثل بأبناء القرى الحدودية ردّ كيدهم إلى نحرهم.
« الثورة » زارت أيضاً مركز العريضة الحدودي وتابعت الإجراءات وسألت بعض القادمين وبعض المغادرين كما التقت المهندس حسن برهوم مدير المركز وسجلت المواقف والملاحظات الآتية:
- يجري التفتيش يدوياً بالنسبة للسيارات والأشخاص والمركز بحاجة لأجهزة تفتيش حديثة تختصر الوقت والجهد.
- القادمون والمغادرون عبر هذا المركز يتفهمون التدقيق الذي يجري ويتحملون الانتظار بعض الوقت وخاصة السوريين الذين يعون تماماً ما يعيشه بلدهم والتذمّر من هذه الإجراءات في حدوده الدنيا..
- يستمر العمل في رفع الساتر الترابي على الجهة السورية من النهر الكبير الجنوبي مما يساعد على ضبط الحدود بشكل أكبر..
- التعاون وثيق بين جميع أقسام المركز الحدودي من أمن وجمارك وإدارة عامة وجهات خاصة تعمل في هذا المعبر بما يحقق كفاءة عالية في إدارة هذا المركز الحدودي المهم.
كاميرات وشاشات مراقبة
وردّ مدير مركز العريضة الحدودي على استفساراتنا قائلاً: معبر العريضة الحدودي كباقي المعابر البرية بيننا وبين لبنان الشقيق، ونحن كإدارة نشرف على باقي المراكز فيه « مركز الهجرة، مفارز الجمارك، المفرزة الأمنية، فرع المصرف التجاري، الحجر البيطري، الحجر الزراعي..» ونشرف على أعمال الصيانة والخدمات من الموازنة المخصصة للمركز، وكمركز نرتبط مباشرة مع السيد محافظ طرطوس ومع الإدارة العامة بدمشق، حالياً هناك حركة عبور جيدة ولا يخلو الأمر من بعض المنغصات وهذا يفرض علينا مزيداً من الحيطة والحذر ولن نسمح لأحد أن يعبث بأمن بلدنا من خلال المركز المؤتمنين عليه مهما كلف ذلك، لدينا لجنة الإشراف والتنسيق برئاسة رئيس المركز مهمتها معالجة الأمور بشكل يومي، ومنذ ثلاثة أشهر أصبح المركز درجة أولى بعد أن كان درجة ثانية من أجل أن يتمكن من استقبال المساعدات وغير ذلك.
وقد قمنا بدراسة مشروع كاميرات مراقبة مع شاشات للمركز وقد حصلنا على الموافقة اللازمة من وزارة الإدارة المحلية وقد تم رصد مبلغ لها ضمن الموازنة المستقلة لمحافظة طرطوس والتنفيذ بعد المصادقة على الموازنة المستقلة ومن الأرجح أن يتم التنفيذ عبر عقد بالتراضي مع إحدى الشركات العامة اختصاراً للوقت وهذا المشروع يخدم عملنا بشكل كبير، ويتابع المهندس حسن برهوم: الموضوع الثاني هو موضوع تحصين الحدود ويسير العمل فيه بشكل جيد وهذا الأمر يسهل عملنا ويزيد من إجراءات الحيطة، وكما تلاحظ هذا المعبر مثل الجيب ضمن الأراضي اللبنانية وهذا الأمر يزيد من حساسيته ويفرض مزيداً من الدعم له حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه.
وختم مدير مركز العريضة الحدودي بالقول: كل واحد منا هو جندي يدافع عن وطنه، وما نقدمه لا يقارن نهائياً مع ما يقدمه جيشنا الباسل في مواجهة الإرهاب، ونحن على اتصال دائم مع مستخدمي هذا المعبر ونعمل على تذليل أي عقبة، ونعمل ضمن المتاح من إمكانيات بغيرية وطنية كبيرة ونعمل جاهدين على تطوير عمل المركز وتزويده بأحسن الأجهزة المساعدة.
وفي أقصى الشرق..
مركز الدبوسية الحدودي التابع لمحافظة حمص على الحدود الإدارية بين محافظتي طرطوس وحمص هو الآخر يشهد حركة جيدة ويسهر القائمون عليه على توفير الراحة لمستخدمي المعبر من جهة والسهر على أمن البلد من جهة أخرى..
جالت «الثورة» بعض الوقت في هذا المركز الحدودي وتابعت عمليات التفتيش للسيارات الداخلة والمغادرة بكل دقة وبتعاون كبير من قبل المواطنين والسائقين وهمّ الجميع هو الوطن وأمنه وأمانه.
أمين جمارك الدبوسية السيد ماهر معروف أكد أن ضمان أمن الحدود هو مسؤولية الجميع وليس القائمين على النقاط الحدودية فقط وجميع الموجودين في المركز متعاونون إلى أقصى الحدود لإنجاز العمل بدقة وتقنية عالية.
وأضاف معروف: لا يوجد تهريب، وغالباً إن حضر التهريب فيكون عبر المنافذ غير الرسمية، الأمور تسير بشكل جيد ومستخدمو هذا المعبر متفهمون جداً لإجراءاتنا، الوعي طال الجميع وحرك المشاعر الوطنية لديهم، المواطن الذي لانفتّشه ينزعج منا ويطالبنا أن نفتشه بهدوء وهذا يعبر عن وعي كبير، وجميع الموظفين والعاملين لدينا يعملون من كل قلب وبكل إحساس بالمسؤولية, المواطن هو الخفير وهو الحارس والكل متعاونون، ونعمل وفق معايير محددة معتمدين على التفتيش البشري وهذا قد يأخذ بعض الوقت والكل يعلم أننا نعمل في ظروف خاصة، ولا تهاون في موضوع أمن الوطن على الإطلاق.
من جهته مدير معبر الدبوسية المهندس فادي عيسى قال: عملنا هنا متكامل ومنسجم بين جميع الأقسام بما يضمن جودة العمل، مهمتي كمدير مركز الإشراف الإداري على جميع العاملين في المركز وأقسامه المختلفة، ولدينا اجتماع أسبوعي للجنة الإشراف والتنسيق والتي تجتمع أيضاً كلما دعت الحاجة لمعالجة أي إشكال أو أي شكوى ولوضع تصورات العمل أمنياً وجمركياً وإدارياً ومراجعة العمل مع مراعاة الأولويات، والحمد لله أمور المركز تسير بشكل جيد ومريح، ونحن حريصون على راحة المواطنين الذين يستخدمون هذا المعبر وبالوقت ذاته فإن المواطنين متعاونون معنا ومتفهمون لطبيعة عملنا، الحمد لله لا توجد محاولات تهريب وإن وجدت فالأجهزة المختصة تتعامل معها بكل حزم ومسؤولية.
وأضاف: كوادرنا جيدة ومتمرسة في عملها وكلنا فريق عمل واحد وهمّنا الأكبر أن نقوم بواجبنا على أكمل وجه وأن تخرج سورية من أزمتها الحالية بأقرب وقت فسورية هي الأغلى وفي سبيلها يهون كل شيء، وإن شاء الله ستُفرج هذه الأزمة قريباً وستنتصر على المؤامرة وتعود أقوى مما كانت.
على هذا المعبر..
- خلال وجودنا على هذا المعبر الحدودي لم نسجل أي حالة تذمّر من المسافرين الذين يخضعون لتفتيش دقيق قد يستغرق وقتاً طويلاً.
- مع الحرص على سلامة الإجراءات ودقّتها إلا أن ذلك لا يمنع أن تكون الابتسامة هي أول ما يصادفها القادم إلى سورية..
- تابعنا حرص المسافرين على التعريف بما يحملونه من بضائع وعلى ترسيم ما يحضرونه معهم من لبنان مما يسهّل العمل ويعزز الثقة المتبادلة بين المواطن وعناصر أمانة الجمارك.
- القائمون على جميع مراكز وأقسام هذا المعبر متواجدون على الأرض يتابعون العمل ميدانياً ولا يجلسون في مكاتبهم إلا نادراً.
وعلى طول الحدود..
ومن الدبوسية شرقاً إلى العريضة غرباً وعلى امتداد حوالي /30/ كم من الحدود البرية مع لبنان الشقيق يحرص كل فرد وكل مواطن على القيام بدوره على أحسن ما يرام.
توقفنا مع أهالي القرى الحدودية ومع حواجز اللجان الشعبية وقوات حرس الحدود والقاسم المشترك هو الحرص والوعي لخصوصية المرحلة التي يعيشها وطننا الحبيب سورية.
كثير من العادات تغيّرت فينا كسوريين، فالمصلحة الشخصية انصهرت في المصلحة العامة، والأم التي كانت تشكو غياب ابنها بعض الوقت أصبحت تسرع لتجهّز له حقيبة لوازمه الشخصية من أجل الالتحاق بخدمة العلم، والنواح الذي كان يفرض حضوره في لحظات الفراق تحوّل إلى تبادل تهانٍ وإلى مفاخرة بحضرة الشهداء والشهادة، والضعف الذي علق في المخيلة عن الأم والأنثى بشكل عام تفتّق ملاحم بطولة و«مدرسـة حقيقية» في صناعة البطولة والأبطال.
هذه هي سورية، شاء من شاء وأبى من أبى ستبقى ذلك الحصن المنيع الذي لا يمكن اختراقه مهما استخدم البطش من أدوات فتك واستئجار عملاء وتوظيف خونة، والشعب الذي عاش كريماً وسيداً أجيالاً وقروناً من الزمن لن يرتجف من «جولة باطل» شارفت على الاندحار بفضل صمود وتماسك مكونات الشعب وقوة جيشه وحكمة قيادته.