تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


وما زالت الأقنعة تتساقط...

مجتمع
الأحد 10-3-2013
رويدة سليمان

علاقتي مع المرآة ليست علاقة نرجسية وليست علاقة جفاء، هي العلاقة بحدودها الطبيعية والضرورية، أنظر في المرآة لحبس خصلات شعري المبعثرة، وخطف خصلة من الخلف إلى الأمام،

أما وجهي فلا أكترث بتزيينه بمساحيق التجميل وأخشى سوء تصنيعها بما يؤثر على بشرتي ، أتأمل عضلات وجهي التي تخونني في كل مرة ويفاجئني من أقابلهم بالسؤال ما بك حزينة؟ أو تعليق آخر «اليوم أنت متفائلة» تعليقات قد يكون فيها مبالغة أحياناً ولكنها دوماً تكاد تقترب من الحقيقة.‏

هذا الوجه المفضوح نافذة مفتوحة يفصح عما في قلبي ويفضح مشاعري، كنت أتمنى لو كان لي قناع حي يخفي أسراري ولا يشي بها ولكن الأقنعة تخيفني.. تقلقني... ترهبني وما نراه من أقنعة طفت على سطح حياتنا في أيام محنتنا وامتحاننا تدلل أنني محقة.‏

الأقنعة السوداء‏

وأكثر الأقنعة خطورة وإرهاباً هي الأقنعة السوداء، إذ لا يتورع أصحابها عن فعل أي عمل إجرامي انتقامي ، حاقد، كل وسائل وأدوات القتل متاحة وكل الأفعال مباحة ، لا رادع أخلاقياً ولا دينياً.. يقتلون، يخطفون، يذبحون، يشردون باسم الدين واستناداً لمفاهيم خاطئة ؟‏

هذا القناع الذي يخفي وجهاً بشعاً هو أشبه بوجه مصاص الدماء يظهر نهاراً وجهاراً ليعلن تبنّيه لتفجير إرهابي في مدرسة طلابها أطفال غادروا إلى السماء ملائكة بلا أجنحة وتفجير آخر استهدف حماة بلدنا ، أسود الأرض ونسور السماء، تفجيرات وتفجيرات ، رماد ودخان ودماء دون تصريح وحتى أدنى تلميح إدانة أو استنكار من قبل مموليهم ومحرضيهم وداعميهم، بل على العكس الإرهابي في نشرات أخبار إرهابهم الإعلامي مجاهد، وزعيم التنظيم المسلح أو السلفي أو التكفيري شيخ وأعمالهم الإرهابية بطولات «للثوار» في قتال الدولة ومواثيق حقوق الإنسان تذوب عندما تطالهم هذه القنوات المضللة التي اصطدمت بحقيقة دافعة وهي لا يصح إلا الصحيح ولا يلمع إلا الذهب، سقط عنها قناع المهنية والمصداقية لتبدو كما هي على حقيقتها لا تقبل اختلاف الرأي إلا بالعنف والدم.‏

الأكثر إيلاماً ووجعاً‏

أقنعة.. وأقنعة كثيرة سقطت عن وجوه أشخاص كنا إلى وقت قريب نتناجى بأخلاقهم العالية وبأسلوبهم المحترم كانوا لنا قدوة ومثالاً... فإذا بهم رماديو الموقف، وتصرفاتهم زئبقية شاقولية، تارة مؤيدة وأخرى معارضة، هم فقط متفرجون وما دخلهم!!‏

وأكثر الأقنعة وجعاً وإيلاماً... ذلك القناع المزيف لأصحاب وتجار الأزمات الذين استغلوا تداعيات الأزمة ومفرزاتها ليستفيدوا من كل توتر وانفجار ليجنوا المزيد ويجمعوا الثروات الطائلة، أفراد الأزمات، أصدقاء البطون والجيوب وضعاف النفوس من موظفين وعاملين في مواقع لها صلة بتأمين وتوزيع السلع الحياتية والعلاجية، سقط قناعهم لينكشف المستور، أنياب جشع غرسوها في صحة الناس ولقمة عيشهم ومصيرهم، في جسد أبناء بلدهم لينزف جوعاً وقهراً ومرضاً وأسفاً على من ضل الطريق وأضاع بوصلة حب انتمائه لوطنه، نرجسيتهم لن تكون عقدة نفسية في تاريخ الأزمة السورية، لأنهم سوريون منا وفينا، وتحت سقف الوطن وفي ظل التسامح والتعاطف ونسيان الماضي الأليم والأحقاد الدفينة وبحوار حضار، وطني على طاولة تتسع للجميع وتحتضن الجميع وتبكي لوجع الجميع، هذه هي سورية الوطن الأغلى والأجمل ذات الحضن الدافئ.‏

أقنعة ... وأقنعة سقطت ومازالت الأقنعة تتساقط وأفضل وجهي ببساطته وصدقه وصراحته ووضوحه.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية