تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الحسم في الميدان السوري وتداعياته الإقليمية والدولية

متابعات سياسية
الأربعاء 17-8-2016
حسن حسن

لا تحتاج الحملات الإعلامية لما يجري من عدوان الارهابيين على حلب لكثير من الشرح والتحليل للاستنتاج بأن الحسم لصالح جيشنا في حلب سيؤثر تأثيراً كبيراً في المسار الميداني والسياسي في سورية، وسيكون له تداعيات مباشرة على دول المنطقة .

في الحروب يصير كل أمر جائزاً وممكناً حتى إن التصريحات والقرارات الملغومة وقلب الحقائق وتحريفها تعتبر جزءاً لا يستهان به في رسم الخطط الكبيرة كمحرك وغطاء وكشرارة نار تخمد تارة ... ويعاد إشعال فتيلها تارة أخرى . عندما تستدعي الحاجة والضرورة ....‏

سورية يعتدى عليها في كل يوم بالتوازي مع كل حركة لعقارب الساعة... عسكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً ودينياً وأخلاقياً وإنسانياً ... ضربت من بلاد ادعت الحرية والديمقراطية ، وبلاد ادعت العروبة والإسلام ، من المارقين السارقين والمتشدقين باسم الوطنية العابرة لحدود الوطن... ومن كيان قائم على أنقاض الاغتصاب والاحتلال وانتهاك الحقوق والحرمات.‏

سورية واجهت ولاتزال تواجه حرباً من أخطر الحروب وأكثرها شراسة وضراوة ... هي حرب ولادة لحروب كثيرة انبثقت وتفرعت من صلبها حرب استنزاف وحرب شوارع ... حرب بأطماع استراتيجية اقليمياً و دولياً ... ولأهداف استعمارية واقتصادية وأبعاد طائفية بأنياب جائعة تهرش في قلب الجسد السوري وتقطع أوصاله لتتآكل وحدة أعضائه وتنهار دعائمه الأساسية .‏

ولكن هذا لن يحصل لأننا وحسب الوقائع والمعطيات الميدانية نقف على تخوم التجهيز والاستعداد لإنطلاق بداية نهاية المعركة التي تدار على الأرض السورية ، والتي بدأت ملامحها تتضح منذ أن عادت أميركا بأساطيلها التي تمركزت قبالة سواحل البحر الأبيض المتوسط دون توجيه أي ضربة عسكرية ، رغم أن حجة الكيماوي والاتهامات المفتعلة والتي نسبت زوراً وبهتاناً إلى الحكومة السورية آنذاك كانت دافعاً قوياً وذريعة للإقدام على هكذا خطوة .‏

الدخول الروسي إلى الأرض السورية ودور قواتها الفعال ... والذي أغضب أميركا وتركيا ومملكة الرمال الوهابية ... وزادت وتيرة الغضب وحدته الآن أميركياً لجملة أسباب منها: بقاء روسيا ثابتة على مواقفها ، وتستمر في دعم الجيش العربي السوري ميدانياً بما يتعارض ومصالح أميركا كذلك ،فإن روسيا لم تأبه لما يحاك في الغرف السوداء مجدداً من مخططات ... ولم تضعف أمام جموع الضغوط الهائلة التي تعرضت لها على كافة الجبهات ... والأمر الآخر ، رفض أي اقتراح روسي كان يقابله زخم أقوى وحسم ميداني متسارع ، وهذا ما حصل في الرقة ، وما يحصل في حلب الآن .‏

من هنا ،نجد أن السياستين الأميركية والروسية في سورية تسيران في خطين متوازيين ولن يلتقيا أبداً ، مصالح التحالف الروسي - السوري - الإيراني ترتكز على حقيقة لايمكن الجدال حولها ، مفادها أن هذه الدول الثلاث لن تقبل بأي حل سياسي للأزمة القائمة في سورية على قاعدة التسليم بنفوذ أميركي داخل سورية لأن من شأن ذلك أن يؤسس لمرحلة طويلة من الصراع واللااستقرار في سورية وفي المنطقة برمتها. لكن في المقابل لن تتخلى الولايات المتحدة وحلفاؤها لاعبر الحل السياسي ولاعبر أي صيغة أخرى عما قدموه وحققوه حتى الأن في سورية على امتداد السنوات الخمس الماضية.‏

واشنطن على قناعة اليوم بأن لديها أوراقاً لايمكن التفريط بها, سواء كانت هذه الأوراق «جبهة النصرة» أو الجماعات التي تقاتل تحت مسمى قوات سورية الديمقراطية ولدى واشنطن اعتقاد بأن هذه الأوراق تسمح لها بتحقيق واحد من هدفين الأول وهو محرك طموحها منذ بداية الأزمة اسقاط سورية والحصول على مواقع قوية داخلها, الهدف الثاني: استمرار حرب الاستنزاف ضد سورية وحلفائها إذا لم يتحقق الهدف الأول.‏

الكلفة بالنسبة للولايات المتحدة ليست كبيرة على الأقل حتى الأن فتمويل الحرب تقوم به دول المنطقة ولاسيما قطر والمملكة الوهابية والكلفة البشرية تدفعها الجماعات المسلحة وغالبيتها في نظر واشنطن إرهابية, وبالتالي هي لاتخسر شيئاً, لاسيما أنه لم يسقط للقوات الأميركية حتى الآن قتيل واحد على الأراضي السورية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية