وهذا ما يبقي الميدان الحاكم الرئيس للتوازنات في المنطقة وصاحب الكلمة الفصل في تثبيت أي تفاهمات وتسويات بين مختلف الأطراف، ذلك أن ميزان الربح والخسارة بات مرتبطاً وفقا لقناعة الجميع بحسابات النتائج على الأرض.
ضمن هذا السياق تبدو الخيارات الأميركية في هذه المرحلة الاستثنائية بالنسبة للولايات المتحدة التي تعاني فيها عجزا متراكما وفشلا مركبا لمشروعها في المنطقة، فاقدة لأي أثر أو نتيجة على الأرض مهما كانت الآمال عليها كبيرة ومعقودة في ظل امتلاك الدولة السورية وحلفائها لزمام المبادرة في الميدان، الميدان الذي دفع بجميع أطراف الحرب على سورية الى إعادة النظر بمواقفهم وسلوكهم وسياساتهم بما فيهم واشنطن التي تصر على المراهنة بأوراق وخيارات باتت بحكم المحروقة على أي طاولة للمفاوضات والتفاهمات والتسويات التي تعتقد الأخيرة انه لا يزال بإمكانها تمريرها وفرضها على الدولة السورية التي تقبض بقوة الحق والتاريخ والمستقبل على مفاتيح قرارها وسيادتها وكرامتها.
صحيح أن الإدارة الأميركية الحالية باتت بحكم المنتهية، وكل تصرفاتها ومواقفها تندرج ضمن سياق ترحيل الملفات والقضايا والأزمات إلى الإدارة القادمة، لكن الغائب أو المغيب عن أصحاب القرار هناك أن سياسة المراهنة على الإرهاب كخيار أخير و وحيد لا تزال تمتلكه الولايات المتحدة الأميركية لن تنقذها من عنق الزجاجة ولن تحقق لها أياً من أهدافها الكبرى في سورية، بل على العكس من ذلك تماماً ستراكم تلك السياسة وتضاعف من عجزها وفشلها وهزائمها في الميدان.
جبهة الشمال وبحسب المعلومات المتدفقة بغزارة شديدة من الميدان الحلبي، تؤكد أن المعركة تسير بخطى ثابتة وواثقة وفقا للخطة والإستراتيجية التي رسمتها الدولة السورية وحلفاؤها بعيدا عن حفلات الصخب والمجون والفجور الإعلامي التي ترافق المعركة من قبل أطراف الإرهاب، وهذا يعيد الكرة إلى الميدان ليقول كلمته وليفرض شروطه التي سوف تستند و تتكئ عليها أي تفاهمات وتسويات مرتقبة.