وصمات عار في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة لمشاكل اقتصادية واجتماعية ومعيشية وعسكرية، والحديث عن تقسيم المملكة، والذي بدأ يعلو تدريجياً ليصبح كلاماً في أروقة أصحاب القرار» تلك كانت مقدمة تقرير نشره مركز «فيريل» الألماني للدراسات حول مستقبل السعودية وآفاقها الاقتصادية حيث يتوقع المركز انهيار السعودية عام 2023 وأن الأسرة المالكة نفسها تسـرّع في عملية الانهيار هذه.
وذكر تقرير مركز فيريل أن السعودية سقطت اقتصادياً، وباتت ديونها تتراكم نتيجة سياسة عدوانية غير مدروسة اتبعتها ضد دول أكبر منها، وتدخلها ومشاركتها الفعلية
في حروب ضد هذه الدول، شاركت بشكل أساسي في الحرب والإبادة الوحشية ضد شعب اليمن، وفي حرب ليبيا وسورية والعراق وأفغانستان ولبنان والصومال والسودان ونيجيريا والجزائر، واضطرت لتخصيص قسم كبير من ميزانيتها لتمويل أعمالها العدوانية، مشيرا إلى أنّ حرب العراق كلفت الخزينة السعودية 48 مليار دولار، بحيث تجاوزت تكاليف هذه الحروب 1000 مليار دولار.
وجاء في التقرير أن سياسة المملكة العدوانية تجاه روسيا وإيران، سرعت برفع سقف إنتاج البترول لخفض أسعاره، عسى أن تضرب اقتصاد البلدين، فضربت اقتصادها أولاً.
وذكر بعض الخبراء الألمان أن السعودية تعاني من عجز في الميزانية بنسبة 23%، وأفادت تقارير صندوق النقد الدولي أن هذا العجز هو الأكبر منذ 10 سنوات، لأن مدخرات البنك المركزي السعودي قد تراجعت بنسبة 10% عام 2015 مقارنة بعام 2014، كما تراجع مؤشر الأسهم السعودية بنسبة 50% خلال الأشهر الأخيرة، ويزيد ذلك من احتمال انخفاض قيمة الريال السعودي وتدهور المستوى المعيشي للمواطنين السعوديين.
وتحدث التقرير عن إجراءات التقشف السعودية السرية، والتي أمر بها الملك السعودي عام 2015، قلّصت الإنفاق الحكومي، وأوقفت جميع مشاريع البنى التحتية الجديدة، وشراء التجهيزات الكهربائية والالكترونية والأثاث والسيارات للدوائر الحكومية، كذلك إيقاف صرف أي تعويضات مالية، ومنع إبرام أي عقود استئجار جديدة ، لا يتجاوز الصرف من اعتمادات البنود والمشاريع 25% من الاعتماد الأصلي للربع الرابع من عام 2015، وقد تم سحب 669 مليار دولار من الودائع السعودية في الخارج، للتغلب على الأزمة الاقتصادية، أي أنّ كل ما تم رصده في بنود ميزانية عام 2015 أو أي عام يليها سيتم صرفه بمتوسط 20% فقط من الميزانية المرصودة لكل بند، وبحسب أليستر نيوتن مدير مؤسسة آلافان: «لابد أن يعود سعر النفط إلى 110 دولارات للبرميل لكي تتمكن السعودية من الوفاء بالتزاماتها الطارئة فقط، ولتعود بالميزانية كما كانت وتعويض ما تنفقه وتكوين فوائض.»
ونشر موقع ويكيليكس وثيقة سرية لبرقية دبلوماسية أميركية أرسلت من السعودية؛ تفيد بأنه يتم المبالغة باحتياطي النفط السعودي وأن قدرة السعودية بالضخ بالطاقة الحالية مبالغ فيه، وتقول البرقية بأن المسؤول عن التنقيب والإنتاج في شركة آرامكو أعطى معلومات مخالفة لما أعلنته الشركة ، أي لا يمكن أن يعود برميل البترول إلى سعر 110 دولارات.
المشاكل الداخلية ورعونة آل سعود
لم تجد سلطات آل سعود من تمارس عليه بأسها وجبروتها -بعد أطفال اليمن- سوى قبائل المناطق الحدودية في الجنوب، الذين وجدوا أنفسهم أمام قرار سعودي يرغمهم على إخلاء أراضيهم، وترك بيوتهم، تحت طائلة سحب الجنسية أو الاعتقال، أو حتى الحصار ومنع وصول الماء والغذاء إلى مناطقهم.
وأشعلت عمليات الإخلاء الإجبارية للسكان في هذه المناطق ردود فعل غاضبة لدى المواطنين ولا سيما سكان قبائل جيزان بني مالك وآل زيدان وآل يحيى، الذي شككوا بوجود أي مبرر مقنع لتهجيرهم.
ويسود جو من عدم الثقة بين سكان المنطقة تجاه السلطات السعودية، خاصة وأن لهم تجربة طويلة مع هذه السلطات، التي لطالما تعاملت معهم كمواطنين من درجة متدنية، وحرمتهم من العديد من الحقوق التي يتمتع بها المواطن السعودي، ومنعت عنهم امتيازات مالية ووظيفية وتعليمية كثيرة.
وقد رفضت قبائل آل زيدان وآل مالك التي تقطن أقصى شرق جبال جيزان، الانصياع لقرار التهجير، وأبدوا استعدادهم للتصدي لمحاولات اغتصاب أراضيهم، «التي يعتقدون أنها قد تُحوّل لمشاريع سياحية أو تؤول لشركات» لصالح أمراء آل سعود بحجة الحرب.
وقد أصدرت هذه القبائل رسالة ذكّرت فيها بأن السلطات السعودية قد نكثت باتفاق سابق وقع عليه ممثلو السلطة والأهالي يضمن حصر ممتلكاتهم وتعويضهم قبل إخلائهم، إلا أن السلطات السعودية نقضت عهدها ورفضت حتى دفع المعونة الشهرية التي تمكنهم من استئجار سكن مؤقت ريثما يتم تعويضهم.
وأضافت الرسالة: «أن القوات السعودية فرضت حصاراً عليهم ومنعت عنهم صهاريج الماء وإدخال الطعام ودخول زوارهم وضيوفهم، وتقوم باستفزاز شبابهم واعتقالهم لمساومة أهاليهم على الرحيل وإخلاء تلك المنطقة التي تصل مساحتها 51 مليون متر مربع لتصبح جزيرة مهجورة بين السعودية واليمن»، دون أن تقدم لهم مبرراً مقنعاً.
وأكدت القبائل في رسالتها رفضها «أي مزاعم بوجود خطر لأن بينهم وبين القبائل اليمنية المجاورة لهم اتفاقيات ومواثيق قديمة يحترمها كلا منهما، والحرب لم تصل لها لوعورة المنطقة ولكونها حصنا طبيعيا وأنه لن يستطيع أحد الدفاع عنها إلا أهلها وليس حرس الحدود المتورطين في الفساد أو الجيش الذي لا يجيد القتال في الجبال».
وكان المغرد السعودي «مجتهد» قد تحدث عبر حسابه على تويتر عن وجود توجيهات عليا بإخلاء المنطقة الحدودية في جيزان من سكانها، وأكد عن عمليات تهجير إجبارية طالت الآلاف من سكان المناطق السعودية الحدودية المحاذية لليمن دون توفير مساكن بديلة أو تعويضات مالية للمدنيين الذين تحولوا إلى لاجئين.