الذي شرح قوانين الدراما في كتابه (فن الشعر),وانتهاء بنظريات فن التمثيل على يد ستانسلافسكي وبريخت...والمنهجيات البنيوية في النقد التي اهتمت بعمل الممثل انطلاقاً من الفهم البنيوي للعرض المسرحي.
إلا أننا نجد اليوم أن عمليةالنقد الحقيقية في تراجع كبير ونكاد نقول انها غير موجودة فهي اقتصرت في الآونة الأخيرة على بعض الصحفيين الذين يكتبون مقالات بعيدة كل البعد عن النقد وهي عبارة عن مقالات تروي قصة المسرحية,تتضمن المديح أو الشتم أو عبارات بسيطة ساذجة (كان الأداء جيداً....).
هذه المقالات توصيفية أكثر من كونها تحليلية نقدية ولا تحتوي على دراسة علمية وفهم عميق للمادة المتناولة.
اذاً:الحركة الفنية بحاجة إلى ناقدين حقيقيين جادين ومختصين ومتابعين بعيدين عن أي اعتبارات شخصية فالناقد والمبدعون في النهاية يعملون من أجل تحقيق هدف سام وهو تطوير الحركة الفنية والارتقاء بها إلى ما نطمح إليه وفي وقفة مع بعض الفنانين المختصين كانت الإجابات التالية:
***
الحفار: متلقوه يظنونه تجريحاً..?
أوضح د. نبيل انه لدينا نوعان من النقد:النقد الغالب وهو الذي ينشر في الصحف المحلية من قبل صحفيين غير اختصاصين في النقد المسرحي وغالباً ما نطلق على هذا النوع من الكتابات نقداً انطباعياً والنوع الثاني من النقاد هم من خريجي المعهد العالي قسم الدراسات المسرحية لكن ليس كل خريج من هذا القسم مؤهلاً لان يمارس النقد فالنقد يحتاج إلى موهبة كبيرة بصرية وسمعية وإلى ثقافة واسعة ومتعددة لكي يستطيع ان يتفاعل مع افكار النص المقدمة.وبما ان الساحة المسرحية لدينا خلال موسم تقدم عدداً محدوداً من العروض فإن امكانية المساهمة قليلة جداً أمام الناقد وبالتالي هو لا يستطيع ان يجري مقارنات بين ما يراه والمستوى المطلوب من العرض الجيد بمعنى ليست لد ينا امكانيات في المعهد العالي لكي نوفد طلابنا إلى أي بلد أجنبي مشهور بالمسرح لفترة زمنية كي يتدربوا ويشاهدوا المستوى العالي من العروض ويجمعون ثروة بصرية سمعية ومن ثم لكي يتمكنو عند عودتهم إلى البلد من إدراك الجوانب التي يجب أن يأخذونها في الحسبان عند تناولهم عرضاً محلياً من زاويةنقدية فلذلك نشاهد أن الكتابات النقدية التي يكتبها حتى خريجو المعهد العالي محدودة بزاوية المحلية بمعنى هم ينطلقون مما يرونه ومما يتصورونه فقط وليس من خبرة عملية في المشاهدة وأود أن أشير إلى أن هناك شيئاً مؤلماً وهو أن المسؤولين عن العروض المسرحية لدينا هم بالغو الحساسية في تلقي النقد فيشعرون مباشرة بأنه تجريح موجه إليهم شخصياً وليس حكماً جمالياً للعمل الفني,بالإضافة إلى ان المردود المالي للكتابة في الصحافة قليل جداً في حين أن دول مجاورة لنا تدفع عشرة الأضعاف وفوراً .
***
سليم:ما يكتب في صحفنا نمطي..
نوه د.عجاج إلى أن واقع الحركة النقدية مرتبط بالأزمة التي يعانيها المسرح السوري فالإبداع هو الذي يسبق النقد والنقد هو الذي يتبعه ويوصفه ويشخصه وأكد ان طغيان الدراما التلفزيونية ونزوح الفنانين تجاهها كل ذلك له تأثير كبير على المسرح السوري, ووزارة الثقافة تحاول مشكورة بذل الكثير من الجهود لتنشيط المسرح في سورية وإعادة رونقه كما كان عليه.
وأشار بدوره كمخرج مسرحي إلى أن أي نقد لأي عمل مسرحي هو بمثابة درس له,لكن بعد خبرة العمل الطويلة بالمسرح تبين له أن ما يكتب اليوم في صحفنا المحلية هو شيء نمطي,بمعنى انه من الفكرة الرئيسية للمقال ومن طريقة عرض الافكار تستطيع ان تحدد مستوى المقال المكتوب ,فالمقال النقدي الحقيقي يجب ان تتوافر له لغة نقدية خاصة,ورؤية شاملة عند الناقد في اكتشاف لجوهر العرض,وللاسف لا يوجد لدينا اقلام حقيقية تكتب مثل هذه المقالات,فالذين يكتبون مقالات نقدية في الرياضة وغيرها يكتبون في المسرح وفي الفن التشكيلي وهذا خطير جداً.
لذلك نتمنى أن يولد كل يوم ناقد (حقيقي,موضوعي ,متمرس)لأنه لا يمكن أن تقوم حركة فنية بمعزل عن النقد,فالناقد نستطيع أن نشبهه بالطبيب الذي يشخص ويعالج ويحدد هذا بحالة سليمة وهذا بحالة خطيرة.
***
فارس : قدرة على التحريض والتغيير
النقد في مجالنا هام جدا وفيه قدرة على التحريض والتغيير في حال أتى مدروسا ومتقناً وصادقا..
وأنا صراحة لا أخاف منه بل أحبذ اختبار أدواتي ورؤيتي سواء فيما أكتبه أو أخرجه من خلال عملية النقد حيث أجد فيها تحريضا لدفعي الى تطوير اعمالي وإنتاج ما هو أكثر خصوصية وتميزا شرط ان يصدر ذلك عن ناقد مختص يتصف بالذكاء والحس النقدي , فالنقد البناء غالبا ما يرفع العمل او يقلل من شأنه فيما لو أتى صادقا مرتكزا على اسس سليمة وحقائق صحيحة متوفرة في المادة النقدية موضحا اهم الاشكاليات التي ضمنها في حال وجدت .
***
شانا : من الناقد الحقيقي?
أولاً نقبل النقد بالتأكيد فالانسان الذي لا يقبل النقد هو شخص غير قابل للتطور ولا يستطيع التعامل مع الآخرين وفتح باب الحوار معهم واقناعهم بالمنطق ولكن ممن نقبل النقد?
نحن نقبله من الناقد الحقيقي الذي يتسم نقده بالموضوعية سواء كان نقداً يحمل ملاحظات سلبية أو إيجابية المهم في كل الاحوال أن يكون نقداً موضوعياً.
ولا استطيع أن استمع إلى نقد مبني على انفعالات وأمزجة شخصية فليس بالضرورة كل نقد أكاديمي يتسم بالموضوعية أو من الممكن أن نطلق عليه ناقداً وليس بالضرورة كل ناقد اكاديمي ألا يكون ناقداً فبتقديري هناك الكثيرمن النقاد غير الاكاديميين يتسمون بالموضوعية والدقة وذلك من خلال تجاربهم الفنية في مجال النقد وبالمقابل هناك نقاد أكاديميون لا يمتلكون أدنى مستوى من مفهوم النقد الحقيقي فالاختصاص مطلوب ومهم جداً لكنه ليس شرطاً للابداع
***
الأطرش : هل يستطيع الصحفي أن يأخذ دور الناقد?
كثيرون من صحافيين يتيحون لأنفسهم أن يأخذوا دور الناقد الفني وشتان ما بين التسميتين
فالنقد الفني بحد ذاته هو عملية ابداعية تنطلق من رؤية فنية متكاملة ومن منهج واضح يكسبه صفته الموضوعية ويبعده عن المزاجية والهوائية لذا تعتبر مهمة الناقد شاقة ومضنية ولا بد بالتالي من توافر مواصفات اساسية للناقد تؤهله الكتابة لأن عملية النقد ليست وجهة نظر أو تناولاً تقويمياً للعرض فقط بل هي في نفس الوقت عملية تسجيل وتاريخ عملي للحركة الفنية.
إنها صورة تعكس السمات الأساسية لطبيعة الفن ومكانته (السينما المسرح ) لمشاكله وأزماته ومع الزمن تتحول إلى مراجع هامة تشكل نقاطاً رئيسية في تاريخ الفن السوري المعاصر طالما نحن معنيين.
إذاً النقد عملية ابداعية آنية ومستقبلية وهنا تكمن أهمية تحديد (المواصفات الاساسية للناقد الفني في المعاهد الأكاديمية يدرس الناقد تا ريخ المسرح السينما نظرية الدراما الاخراج تمثيل الفن التشكيلي الموسيقا نظرية الآداب علم الجمال الاقتصاد المسرحي العلاقة مابين المبدع والمتلقي ممارسات النقد الفني عبر التاريخ فالنقد إذاً علم وفن,قوانين وابداع معاًوالخلفية الثقافية للناقد تحدد امكانية اضطلاعه بهذه المهمة وقدرته على النجاح بها ومهما اختلفت اساليب ممارسة النقدلاتختلف الاجزاء المكونة للعمل النقدي لأن على الناقد أن يسلم بكل جوانب العملية الفنية وحتى الإداريةوأن تتوفر فيه إمكانية تحليل العرض وتفتيته ومن ثم إعادة تركيبه من جديد,فمهمة الناقد تكتسب أهميتها من خلال علاقتها بطرفي المعادلة الفنية,أعني الجمهور ومجموعة العرض الفني.
يقدم لمجموعة العرض من خلال رؤيته النقدية مجموعة أفكار وملاحظات يمكن بتحقيقها تطوير العرض وتصحيح الأخطاء الموجودةويقدم الناقد للمتفرج شكلاً من أشكال التفسير الفكري والفني ليساعده في إضافة جوانب غير واضحة في العرض فإزدواجية المهمة تلقي على الناقد اعباء ثقيلة وتضعه أمام مهمة إبداعية شاقة تحتاج بالتالي إلى امكانيات وآفاق إبداعية متطورة لدى الذي يريد أن يقوم بهذه المهمة .
إذاً لايمكن أن تتحول التحقيقات الصحفية إلى مقالات نقدية بأي حال من الأحوال لأنها لا تمتلك إمكانية تحليل العرض والغوص داخل اللعبة الفنية لجهل كاتبها بالجزئيات المؤلفة أو المكونة للعمل الدرامي فغالبية ما نطالعه في صحفنا العربية عما يكتب عن أعمالنا الدرامية ينقسم إلى قسمين إما مقالات مدحية أو مقالات ذمية ونادراً ما نقرأ هنا أو هناك مقالاً نقدياً تتوفر فيه شروط الناقد الفني.
**
سيجري : مرحباً بالموضوعي منه
اليوم ثمة التباس ما بين النقد وما بين الانطباع,بمعنى أن الذي نقرأه اليوم حول الفعل والحراك المسرحي هو في مجمله يتجه نحو الانطباع,لكن النقد هو شيء آخر له علاقة بالبناء وهو حجر اساس في العمل المسرحي,وباعتقادي ان غياب النقاد المسرحيين عن الكتابة هو شعورهم بالظلم وكل ما اتمناه من الاساتذة الذين يعملون في النقد المسرحي ان تعود اقلامهم على ما كانت عليه سابقاً لأن حضورهم وكتاباتهم هولصالح العرض المسرحي سواء كان بالإيجاب أو بالسلب,فما يكتب اليوم هو للأسف في غاية الخطورة لأنه يدخل ضمن حالة الانطباع الشخصي ولا يقوم على اسس علمية ومنهجية فأحد الصحفيين نقدني وأكد أن المسرحية التي قدمتها لم تعجبه وهذا حقه الطبيعي لكن جرحني عندما قال ان مدير المسرح القومي يفكر ذلك,إذن المسرح سوف يعود عشر سنين إلى الوراء,فهو بذلك أدخل الشخصي بالعام.
لذلك أنا مع النقد الموضوعي والذكي الذي يلتقط مفاصل مهمة بالعرض ويوضحها للمشاهد,لأنه في النهاية النقد هو جزء لا يتجزأ من العرض المسرحي وليس على خلاف مع العرض ابداً فالنقد وجوده مهم في العرض وعدم وجوده سيجعل العرض باهتاً وبائساً ويشبه الموت.-
**
عبد النور : أحترم الجاد منه
يعرف النقد على أنه محور من محاور الأدب وأحد أعمدة الثقافة المعقدة التي تنصهر بها معارف إنسانية كبيرة وأدوات كثيرة.
وأما غاية النقد فهي الكشف عن مواطن الإبداع ومكامن التفرد والعبقرية,إلى جانب تعميق الخبرة النقدية لدى المتلقي وتنمية إحساسه بالجمال ووعيه برسالة الأدب ومهمة النقد على السواء.
فإذا إخذنا بعين الإعتبار إن غاية الثقافة الأولى هي بناء الإنسان والأخذ بيده لتعميق وعيه بالكون,وأن هذه الثقافة هي المدخل الذي ندلف منه لمعالجة قضايانا وهمومنا الحياتية والإنسانية وإن النصوص الأدبية بصورة عامة تحمل قراءات وتفسيرات عديدة وإن النص الشعري بصورة خاصة هو فن لغوي بامتياز موغل بعالم الإنسان الداخلي ودنيا الروح والوجدان والخيال..أدركنا بسرعة مدى صعوبة عمل الناقد بأن يلج إلى تلك العوالم الملونة وأن يكتشف مدلولاتها إذا لم يكن مسلحاً بمنهجية العلم ومبتعداً عن الإرتجال والسطحية والمصالح الشخصية الآنية.
أنا مع النقد الجاد الصادق الهادف إلى الإشارة لموضوع الضعف والخلل,بغية الارتقاء بالنص نحو الجودة والجمال والكمال..