|
زراعة البطاطا بدرعا خاسرة... المزارعون يبحثون عن حلول لتصدير الإنتاج مراسلون فالمنتجون يشعرون الآن بالمرارة وخيبة الأمل,نظراً لصعوبة تصريف الانتاج وتراجع الأسعار في السوق المحلية .
نعم... إنهم يشعرون بالأسى ويعتبرون الموسم خاسراً هذا العام أو على الأقل غير رابح إذا ما بقيت أبواب التصدير مغلقة والأسعار تتراجع يوماً بعد يوم. ولمعرفة الأسباب الكامنة وراء معاناة مزارعي البطاطا بالمحافظة هذا العام فلا بد من الاطلاع على تكاليف الانتاج وما يتكبده المزارعون من مصاريف وأتعاب ومقارنة هذه النفقات مع قيمة المردود للطن الواحد بحسب أسعار السوق الرائجة. ولنبدأ من حساب كلفة زراعة الطن الواحد من بذار البطاطا فالبعض من المزارعين ومنهم ماجد كيوان من مدينة طفس يقول:إن كلفة زراعة الطن بلغت نحو 60 ألف ل.س منها 18 ألف ل.س ثمن البذار الذي وزعته مؤسسة اكثار البذار على المكتتبين هذا العام والباقي لضمانة الأرض وأجور حراثتها وسقايتها وتسميدها وغير ذلك من الخدمات الزراعية إذ يحتاج الطن الواحد من البذار الى 4 دونمات من الأرض. في حين يقول البعض الآخر من المزارعين ومنهم محمد ناجي الجندي من مدينة نوى بأن كلفة زراعة الطن لدى 50% من مزارعي البطاطا بالمحافظة وصلت هذا العام الى 90 ألف ليرة منها 45 ألف ليرة ثمن الطن الواحد من البذار الذي تم الحصول عليه من السوق السوداء والباقي من التكاليف موزعة ما بين ضمانة الأرض وأجور حراثتها وسقايتها وبين عمليات التسميد وأجور المبيدات والعبوات والمحروقات وعمليات القطاف. وفي الواقع فإن هذا التفاوت الكبير في تكاليف زراعية الطن الواحد من البطاطا بين مزارع وآخر يعود للفارق في أسعار البذار بين مؤسسة الاكثار وبين السوق السوادء. ففي حين وزعته المؤسسة بسعر 18 ألف ليرة لكل طن فإن سعره في السوق السوداء تتراوح بين 45-55 ألف ل.س وبما أن 50% من مزارعي البطاطا بالمحافظة لم يحصلوا على المادة من (الاكثار) التي أخفقت في تأمين حاجتهم من البذار فإن كلفة زراعة الطن الواحد من البطاطا لديهم قاربت ال100 ألف ليرة. وخلاصة القول :إن كلفة زراعة الطن الواحد تراوحت حتى هذا الموسم بين 60-90 ألف ليرة بحسب مصدر البذار,وننتقل الآن من حساب تكاليف زراعة الطن الواحد الى حساب المردود المادي لانتاجه حيث أجمع مزارعو البطاطا على أن متوسط انتاج الطن الواحد من بذور أصناف البطاطا المزروعة بالمحافظة والتي يشكل صنف (دراجا) 90% منها يبلغ نحو 7 أطنان وإذا ما اعتبرنا أن متوسط سعر الطن الواحد بحسب الأسعار الرائجة حالياً في سوق الهال بدمشق 12 ألف ل.س يصبح مردود طن البذار 84 ألف ل.س. وبلا شك فإن هذا المردود للطن الواحد هو أقل من تكاليف زراعته التي بلغت نحو 90 ألف ل.س لدى نصف مزارعي البطاطا بالمحافظة. وذكر بعض مزارعي البطاطا بالمحافظة خلال حديثنا منذ أيام بأن الأسعار تتراجع يوماً بعد يوم بسبب اغلاق أبواب التصدير أمامها وستصل الى أقل من8 ليرات بالجملة إذا لم يتم تصريفها كما حصل في بعض السنوات السابقة. وهكذا يتبين لنا أن فاتورة زراعة البطاطا بالمحافظة خاسرة هذا العام وخاصة بالنسبة للمزارعين الذين بلغت كلفة زراعة الطن لديهم 90 ألف ل.س وهؤلاء هم الذين أخفقت مؤسسة اكثار البذار في تأمين حاجتهم من بذور البطاطا ويشكلون نسبة كبيرة من مزارعي البطاطا بالمحافظة. ولا بد من الاشارة في سياق هذا الموضوع الى أن اتساع المساحات المزروعة والتي بلغت بالمحافظة هذا العام 1246 هكتاراً بالاضافة الى وفرة الانتاج التي قدرت هذا الموسم بنحو 38 ألف طن تعد من العوامل التي ساعدت على اغراق السوق المحلية بالمادة ما أدى بالنتيجة الى هبوط الأسعار فجأة وتراجعها من 25 ل.س لكل كغ واحد قبل بدء الموسم الى 12 ل.س مع بدء عمليات القطاف والى أقل من ذلك في ذروة الموسم. ولعل السبب الآخر الذي وضع المنتج في هذا المأزق هو ارتفاع تكاليف زراعة البطاطا الناتج أصلاً عن ارتفاع أسعار البذار الذي بلغ 45 ألف ل.س لكل طن في السوق السوداء بسبب عدم قدرة مؤسسة اكثار البذار على تأمين حاجة مزارعي المحافظة من المادة ويضاف الى هذه المشكلة معضلة أخرى وهي عدم وجود أسواق خارجية لتصدير المادة الآن وهذا ما يعطي التاجر والسمسار فرصة التحكم بالسوق المحلية وبأسعار المادة. حيث سيتراجع سعر المادة كثيراً في الأيام اللاحقة إذا ما بقيت الأسواق الخارجية مغلقة في وجه تصريف المادة وتصديرها وأمام هذه المعاناة التي يتعرض لها منتجو البطاطا في درعا فإن المطلوب من الجهات المعنية أن تبحث عن حلول عاجلة تخفف من معاناة المزارعين وتيسر لهم سبل تصريف انتاجهم بأسعار مناسبة تؤمن لهم هامشاً معقولاً من الربح وتعوض عليهم أتعابهم. إننا نؤكد أهمية هذه المطالب لأن الموسم ما زال في بدايته والفرصة ما زالت متاحة لمساعدة المنتجين إما عن طريق ايجاد أسواق خارجية لتصدير الانتاج وتصريفه إما عن طريق تسويقه من قبل شركة الخزن والتبريد بأسعار مجزية وطرحه في الأسواق المحلية وقت الحاجة. وخلاصة القول هي ألا تترك فلاحنا المنتج عرضة للخسارة والمتاعب ولقمة سائغة بيد سماسرة وتجار السوق.
|