شخص بمفرده ولكن روح الإجرام التي نمت وكبرت داخل هذا الإرهابي الإسرائيلي من أصل فرنسي جوليان صفير تستحق وقفة محاسبة ضمير جمعية.
خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الفرنسية الأخيرة أعلن الكثير من اليهود الفرنسيين عن وقوفهم إلى جانب المرشح نيكولا ساركوزي كونه تصرف بحزم وبيد من حديد ضد تمرد المهاجرين المسلمين خلال اضطرابات الأحياء التي شهدتها فرنسا عام 2005 ومن جانبه فإن دعمه غير المشوب بشائبة للجالية اليهودية خلال مقتل أحد شبانهم وهو إيان حليمي عام 2006 وكانت بالنسبة له مستندة على واقع محاربة (معاداة السامية) وهذا منح فرصة كبيرة لتعبئة وشحذ نفوس اليهود الفرنسيين والتي هي في الأصل معبئة بالكراهية والعدائية للمسلمين وسمعنا تخمينات يهودية خلال الحملة الرئاسية تزعم خشية أن (العرب على وشك الاستيلاء على السلطة في فرنسا) أو قولهم ( إنه يتعين استلام رجل قوي زمام السلطة في فرنسا ليعيد النظام إليها).
يعيش في فرنسا (600) ألف يهودي وهم على عكس أبناء المهاجرين المسلمين , يشغل عدد منهم مواقع اجتماعية متقدمة وقد استفادوا من اهتمام ورعاية الحكومة لهم, وفي جمهورية تتحدد المواطنية فيها حسب ارتباط المواطن فيها بالقيم الشمولية وليس حسب انتمائه الديني, عرف اليهود كيف يعزفون جيدا على الوترين معا, ففي حين حققوا اندماجهم الكامل بالمجتمع الفرنسي, واصلوا في نفس الوقت ولاءهم إلى (إسرائىل) وخاصة الولاء لليمين الإسرائيلي الحاكم فيها منذ بضعة سنين.
والنشاط الذي مارسه عدد من اليهود الفرنسيين وكذلك العنصرية التي أبداها البعض منهم تجاه المسلمين ليست بالظاهرة الجديدة, أذكر أنني في إحدى صباحات أيام السبت خلال صلاة في كنيس باريسي وكنت حينها أبلغ الثانية عشرة من عمري وكانت خلالها تدور رحى حرب لبنان عام 1982 والحاخام يتلو صلاة من أجل (إسرائىل) وجيشها, هتف الحضور بهتفات من نوع (اقتلهم يا شارون !) لم يحاول الحاخام البتة إسكاتهم وكان واضحا وجليا إن الجالية اليهودية والتي واصلت إخلاصها وتفانيها الشديدين (لإسرائيل) تستخدم كأداة انتقام وثأر.
وأي يهودي فرنسي كان لن يجرؤ على قتل مسلم في فرنسا, والقاتل اليهودي صفير كان قد هاجر إلى إسرائىل قبل أن يقتل العربي, وهذا ليس سببه افتقاد أهداف للقتل في فرنسا من المسلمين ولكن يفضل دوما العديد من اليهود تمثيل دور الضحية وقد استغلوا جيدا لصالحهم مفهوم معاداة السامية بفضل هذا النصب الذي أقاموه لأنفسهم كضحية, استفادوا من دعم الحكومات لهم, هذا بالإضافة إلى الشعور بالذنب الموروث منذ عهد حكومة فيشي الفرنسية والذي ما زال متوقدا إلى الآن.
وإنها لفرصة مناسبة أن ترغم (إسرائيل) يهود فرنسا الذين يقتاتون على كافة الموائد النظر إلى أنفسهم وجها لوجه كما آن الأوان لكي يبدأ زعماء الجالية اليهودية الفرنسية زيارة المسجد الكبير في فرنسا لطلب الصفح من المسلمين على جرائمهم في فلسطين, وكذلك الصفح عن العنصرية المعادية للمسلمين المتأصلة عميقا داخل تلك الجالية والتي تعتبر أحد الأسباب الرئيسية في تدهور العلاقات بين اليهود والمسلمين في فرنسا.