وضد إزاحة العقل العربي في كافة أقطاره لكي يصبح عدوّنا الصهيوني قادراً على أن يبسط سلطان دولته اليهودية على كامل رقعة العرب الذين سيدخلون على زعم الصهاينة حروب السنة والشيعة، وحروب القبائل، وحروب النيابة عن الحلف الأمروصهيوأوروبي فالمهم أن لا يبقى لدى العرب دولة وطنية واحدة تتمسك بفكرة الأمة العربية التي ما تزال في وضعها الاستثنائي في بالتجزئة القائمة.
ومن حقها التاريخي أن تعود إلى وضعها الطبيعي بالوحدة، وقيام الدولة القومية لها. وبالتحليل التاريخي لمجرى كفاح العرب ضد العثمانيين نجد أن الحلف الأوروبي الصهيوني منذ بداية القرن العشرين وضع برأس أهدافه عدم تمكين العرب في حالة ثورتهم على العثمنة، ونيل استقلالهم عن إمبراطورية الرجل المريض (تركيا) من إقامة الدولة الواحدة كونها لا تتوافق مع المجال الحيوي للإمبريالية الأوروبية والقادمة من أجل السيطرة على ميراث إمبراطورية آل عثمان من ناحية, ثم لا يسمح للعرب بدولة قومية وفق مقررات مؤتمر كامبل بنرمان منذ عام 1905 ومن ناحية ثانية باعتبارها ستعطّل عوامل قيام كيان العدوان الصهيوني المخطط لقيامه وصدر وعد بلفور 02/11/1917 تحت هذا الهدف. وبناء عليه فإن مجموعة أبي رغال منذ أن قادت الأحباش إلى الكعبة المشرفة، تابعت قيادتها لغزو هولاكو لدولة العرب القومية حتى العام 1258م، ثم تابعت قيادتها لجيوش السلاجقة وآل عثمان. ثم تابعت قيادتها لجيوش أوروبا بعد الحرب الكونية الأولى 1914-1918 وتطبيق معاهدة سايكس-بيكو حيث تم توزيع أراضي العرب وفُرِضَ الانتداب الذي لطّفوا به مصطلح الاحتلال الأوروبي لأرض العرب من أجل تقسيم العرب جغرافياً وثقافياً وتسهيل شروط إقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين ومجموعة أبي رُغال جاهزة عند العرب دوماً لكي تمثل مَنْ يقود قافلة إِبِلِ الأعداء إلى القدس الشريف. ولم تقف عمالة هذه المجموعة عند احتلال فلسطين بل تابعت أدوارها الخيانية حتى يتحقق الاستهداف الغربي الصهيوني للعرب أرضاً، وموقعاً, وثرواتٍ. ولم يحدث أي عدوان على العرب إلا وكانت أصابع العمالة مع الأعداء بارزة في جبهة الأعداء. ومن غرائب الأمور أن العمالة دوماً يوظّفون لها دينَ العرب الإسلامي، ولو حرفوه عن كل منهج ربّأني، فالمهم أن يغُطّي حالة العمالة وخدمة الأعداء.
فمنذ تأميم قناة السويس 1956 عملت مجموعة أبي رغال مع الأعداء ضد شعب مصر وعبد الناصر. وفي عدوان إسرائيل على سورية, ومصر، والأردن, ولبنان عام 1967 كانت هذه المجموعة تغطّي العدوان وكذلك في عمالة السادات من أجل عدم تمكين العرب من تثمير نتائج حرب تشرين 1973 وتحقيق الوحدة السياسية، والاقتصادية بعدها. وحال استطاعت سورية عبر جبهة الصمود والتصدي منع تعميم كامب ديفيد لعبت هذه المجموعة دورها الخياني ضد سوريا,وهاهي الآن تتغاضى عن تهويد فلسطين وأولى القبلتين وتقيم حلفاً مع كيان العدوان ضد سورية، ومصر, وتونس, وليبيا, واليمن, والعراق, ولبنان. وتسعى بكل ما يوفره لها عهر المال أن تزيح العقل العربي عن معركته الوجودية ضد الصهيونية وكيانها العنصري، لتجعل من إيران العدو باعتبار أن إيران تحتل فلسطين, وتهوّدها. واليوم تفرّغ خزائن البترو دولار حتى تجنّد مرتزقة العالم الإرهابيين من أجل تدمير سورية الجغرافيا,والتاريخ, والثقافة،وتسعى لشراء ذمم الجبناء في العرب الذين ما استطاعوا أن ينطقوا كلمة سيادية واحدة عبر كل هذا التاريخ المليء بالخيانة لوجود الأمة العربية، ومصيرها.
ومن العجيب أن ينتصر للعرب وقضاياهم العادلة المثقفون في الغرب الرأسمالي المتصهين، ويفنّدوا مزاعم الإمبريالية والصهيونية ضد حقوق العرب، وحكّامٌ من العرب يقفون مع الغرب المتصهين. فالكاتبةالبريطانية كاترين شاكدام تكتب عن الغرب الذي يتنكّر بثياب الاستقامة حيث تقول: « ترتكب الميليشيات المسلحة التكفيرية المذابح بحق السكان المدنيين المحليين وتنسج الأكاذيب لحجب الحقيقة المرة عن العامة، وغالباً ما يقع الناس في مصيدة التضليل والبروبوغندا... وفي عالم كعالمنا حيث تغيّر الحقائق لتتناسب مع الأجندة، ويتنكّر الشّر بزي الصدق فبالنسبة لما يسمى ثورة 2011 في سورية – والكلام لها – فإنها في الواقع لم تكن كذلك حيث استخدمت القوى الأجنبية ما يسمى اليقظة الإسلامية للقيام سرّياً بغزو سوريا، تماماً كما كذب جورج بوش على شعبه والعالم بغزوه للعراق ،2003 وتختم الكاتبة بأنه منذ البداية عمل الغرب وحلفاؤه في المنطقة أي إسرائيل والسعودية من أجل زعزعة استقرار سوريا كدولة قومية لأجل هدفين: تدمير آخر الجيوش القوية في المنطقة، وخلق توتر طائفي بين المسلمين؛ فإن هذه العصبة خططت لتدمير المنطقة من أجل ضمان نهوض إسرائيل.» وقد كتب البروفيسور مايكل تشودوفسكي مدير مركز العولمة في مونتريال في تحليله الأخير:« الولايات المتحدة, والناتو, وإسرائيل، وتركيا, والسعودية, وقطر قد مرّروا دعمهم لألوية القاعدة المندمجة مع قوات غربية خاصة، فالقوات البريطانية, والفرنسية قامت بشكل فعّال بتدريب متمردي المعارضة في قاعدة في تركيا. ووفّرت إسرائيل ملاذاً آمناً للقاعدة في مرتفعات الجولان، ودرّبت قواتٌ خاصةٌ غربيةٌ المتمردين في الأردن على استخدام الأسلحة الكيماوية.» هذا ما أصبح يكتبه باحثو الغرب, ومثقفوه, وهو يشير بالطبع إلى جلاء حقائق كثير لا بد أن تزيح المعادلات التضليلية التي كرّسوها عبد ميديا التضليل الدولي، ومنذ بداية المسألة السورية آذار 2011 ومعادلات التابعين تتغير، أما قضية الوطنيين فما زالت واحدة, والمشهد الوطني ما زال واحداً ماثلاً لكل ذي نيّة مخلصة.