حول هئية التحرير التي كانت تحرر المجلة وهي هيئة لاعلاقة لها سابقاً لا بالتراث الشعبي ولا بالعمل الصحفي لا من قريب ولا من بعيد، المهم ان المعنيين بالامر قد اخذوا بهذه الملاحظات وجاءت هيئة التحرير الجديدة لتكون معنية بالتراث الشعبي السوري وان كنا نتمنى ان تكون الهيئة اوسع وان تضم من كل محافظة عضوا معنيا بتراث المحافظة، وان كان العدد سيرتفع قليلا مع الاشارة الى ان الهيئة الجديدة يشهد لها بالكفاءة بهذا الامر، وثمة ملاحظة ثانية ان هناك سيدة سورية قدمت موسوعة مهمة حول التراث الشعبي في الساحل السوري كان يمكن الاستفادة من خبرتها.
وقبل الاشارة الى مواد العدد وكما قدمتها الزميلة شذا حمود من وكالة سانا لابد من الاشارة الى ان العدد متميز ومهم بكل النواحي، ولكن الملاحظات التي يمكن ان نقدمها ربما تكون ذات فائدة واولها ان العدد احتفى بالعمارة الدمشقية على انها تراث شعبي وهذا ليس صحيحا، ربما يدخل في مجال العمران والحضارة وينشر في المجلة التي تصدر عن المديرية العامة للمتاحف اضافة انه صار مكرورا ونشر عشرات المرات وحبذا لو تم الحديث عن الحكايا التي كانت تدور في هذه المنازل او غيرها، وثاني الملاحظات حول ادوات الزراعة المادة التي نشرت في العدد اذ تقول ان الصمد او المحراث كان يصنع من خشب الزيتون او الزنزلخت وهذا امر غير صحيح ابدا لان الزنزلخت خشب رديء يبتعد عنه الفلاح وهو مستقيم لا يتناسب مع شكل المحراث، وكذلك الزيتون ولتوت الخشب الاساسي كان فقط من البلوط او السنديان ومع ذلك فإن المجلة قفزة نوعية مهمة في مجال النشر والاحتفاء بالتراث الشعبي، لكن مع ضرورة تحديد مصطلح التراث الشعبي المادي والروحي واكيد العمارة ليست منه ابدا وفي مواد العدد نجد التالي السيدة لبانة مشوح وزيرة الثقافة كتبت في كلمة العدد بعنوان «لآلىء الماضي» الى ان التراث توءم الإرث وما التشابه المصطلحي بينهما محض صدفة فمصدرهما واحد هو ما ورثناه من الأجيال التي سبقتنا وما علينا إلا توريثه للأجيال القادمة سليما محصنا من كل تشويه أو أذى مبينة انه الثروة المادية والفكرية والروحية التي ينبغي صيانتها ودراستها وفهم أبعادها الفكرية والجمالية وتطويرها والبناء عليها كي يتسنى لها ان تحفر بصمتها في صرح الحضارة الإنسانية.
واحتوت المجلة دراسة للدكتور محمد حسن عبد المحسن بعنوان «واقع دراسة الأدب الشعبي العربي وآفاقه.. الجامعات السورية أنموذجا» عرف خلالها الأدب بانه تراث روحي وذخر لغوي وفني ومعرفي ووثيقة تاريخية تحفظها الذاكرة ومرآة تعكس الصورة الحقيقية لواقع الشعب مبينا انه عصارة تجربة الامة وماضيها وحاضرها ومستقبلها تكسبه السنون جلاء ولا تزيده الايام الا حيوية وقيمة وأهمية على مرور الزمان وتعدد المكان.
وفي ملف العدد مقالة بعنوان التعديات على التراث العمراني في مدينة دمشق للدكتور غزوان ياغي أوضح فيها ان المراحل التاريخية التي مرت بها مدينة دمشق قد خلفت تراثا عمرانيا حضاريا وشواهد تاريخية اجتمع القسم الاكبر والاهم منها في المدينة داخل السور والتي تشغل مساحة تقدر ب 128 هكتارا جعلت منها قيمة استثنائية عالمية إضافة إلى توافر عامل الأصالة فيها الأمر الذي جعلها جديرة حقا بالاعتراف العالمي بأهميتها وقيمتها مشيرا إلى أن المدينة القديمة في دمشق سجلت في الموقع الأول على قائمة التراث العالمي منذ عام 1979.
بالاعتماد على التسجيل الذي قامت به السلطات السورية المعنية بالآثار على قائمة التراث الوطني.
أما ملف الفنون الشعبية فتضمن قراءة بعنوان «المولوية طقوس السماع والذكر.. شعيرة اللف والدوران» للباحث عوض الاحمد وقراءة بعنوان أغاني جرابلس الشعبية الشفاهية ليوسف الجادر داعيا كل المهتمين والمتتبعين للتراث والفلكلور إلى المساهمة في جمع ما يمكن جمعه من أغان وحكايات وأمثال شعبية تراثية للمساهمة في اعادة الروح لتراثنا الثري والغني بالكثير من الاغنيات الشعبية الجميلة اضافة الى قراءة في الشعر العامي الشروقي نموذجا لمعين حمد العماطوري وعادات وتقاليد من فلكلور دمشق لنصر الدين البحرة.
وكان لقاء العدد مع الاديبة الباحثة نادية الغزي أوضحت فيه ان التراث جزء لا يتجزأ من الانسان والعكس صحيح ان الانسان هو جزء من التراث مبينة ان الانسان الذي يعيش بلا تراث أقرب للبدائية ومن ثم الذي يحافظ على تراثه انسان متصالح مع ذاته موضحة ان الأمم الراقية هي التي انتبهت لتراثها فصانته ووثقته واستلهمت منه.. وكتب الدكتور على القيم بحثا بعنوان «الامثال الشامية وصدى احداثها في المرويات الشعبية» مبينا ان الابحاث والدراسات والمؤلفات التي نشرت عن الامثال العربية وطبيعتها واهدافها الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والتراثية كثيرة وقد احتلت الامثال الشامية العامية مكانة مهمة في التراث الشعبي العربي نظرا لغناها وتنوعها وطرافتها ورسوخها في الوجدان الشعبي وفي ثقافة الامة وعراقتها.
وختم الدكتور نضال الصالح رئيس التحرير المجلة بمقال بعنوان «دعوة إلى التأصيل» بين من خلاله ان ضبط تعبير التراث الثقافي غير المادي للجانب المعيشي والتغيرات الثقافية للمجموعات البشرية بما في ذلك العمليات الابداعية والقيم الاجتماعية التي تنتج تلك التعبيرات والصلات التي تقوم عادة بين منتجي تلك التعبيرات ومتلقيها يتطلب العديد من المؤتمرات والاتفاقيات.