تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المشاعر لا تناقش .. لنساعدهم في التعبير عنها

مجتمع
الخميس 2-1-2014
منال السمّاك

ماذا يحصل عندما نشعر بالغضب ؟ قد نحاول إيذاء الآخرين أو إلحاق الضرر بأنفسنا ، ربما سيكون عندها العنف لغة للتفاهم أو وسيلة لترجمة حاجاتنا الداخلية و مشاعرنا الدفينة ،

و هذا ما يتبدى أحياناً في سلوك بعض الأطفال الذين يتصفون بالعنف بينما هم في حقيقة الأمر لا يقصدون هذا السلوك و إنما هم يجهلون حاجاتهم و لا يستطيعون إيجاد الوسيلة المناسبة للتعبير عنها بطريقة تلقى القبول الاجتماعي و تحقق لهم إشباعاً لرغباتهم .‏‏‏

‏‏‏

مهارات تواصلية علينا إتقانها نحن كأهل أو كمربين ، كما ينبغي توظيفها بطريقة تحقق تواصلاً لاعنيفاً ، خاصة في ظل ظروف تحتم علينا تفهم مشاعر الأطفال الذين يعيشون ظروفاً صعبة و متناقضة تسيطر عليها مشاعر الخوف والرعب بشكل تختلط فيها الأحاسيس .‏‏‏

الحزن .. العنف .. الخوف .. الغضب .. الألم .. الحنق و ربما الغيرة .. مشاعر قد تنتاب الطفل و تسيطر عليه لتتحول إلى تصرفات غير مفهومة ، و غالباً ما يلجأ الأهل و المربون إلى توجيه الأسئلة و الشرح و التفسير ، و إسداء النصائح أو التأنيب و التوبيخ أو ربما إنكار تلك المشاعر جملة و تفصيلاً ، بينما هو بأمس الحاجة إلى من يصغي إليه و يتفهمه و يقدر مشاعره .‏‏‏

فكيف يمكن أن نصغي إليهم ليكون إصغاؤنا و تواصلنا معهم فعالاً لمساعدتهم في التعبير عن مشاعرهم ؟‏‏‏

تواصل دون إساءة‏‏‏

كيف يمكن تفسير تلك التصرفات التي تندرج تحت مسمى العنف و الإيذاء .. و هل هي الطريقة الوحيدة للتعبير عن النفس في حال الغضب ؟ يقول روزنبرغ .. إن قتل الآخرين في رأيي هو شيء سطحي للغاية ، فالقتل و الضرب و اللوم وإيذاء الآخرين جسدياً أو نفسياً ، كلها تعبيرات سطحية عما يدور بداخلنا عندما نشعر بالغضب ، و لكن عندما ينتابنا الغضب بحق فما نريده هو طريقة أكثر فاعلية للتعبير عن أنفسنا تمام التعبير .‏‏‏

إذاً نحن بحاجة لتطوير مهاراتنا التواصلية لتحقيق تواصل لا عنيف ينبذ الصراع و يحقق العطاء بشكل متبادل ، لذلك يقول الباحثون .. إن طريق نمو إيجابي يزيد مستوى الثقة ، حيث يتجه النمو من الصراع إلى التنافس إلى التفاوض إلى التعاون ، و بحسب روزنبرغ فالتواصل اللاعنيف هو اللغة و التفاعلات التي تعزز قدرتنا على العطاء برحمة و رفع الرغبة لدى الآخرين ليقوموا بنفس الشيء ، ويرجع ظهور مصطلح التواصل اللاعنيف إلى حركة غاندي و التي تعني التواصل مع الآخرين دون الإساءة إليهم .‏‏‏

و يرى الاختصاصي في علم نفس التواصل الدكتور سليمان كاسوحة أن التواصل اللاعنيف يهدف إلى بناء علاقات مشبعة باعثة على الرضا و الحفاظ عليها، و إشباع حاجاتنا دون إلحاق الأذى بالآخرين و من دون عنف ، كما يسهم في تغيير التواصل المؤلم و قلب الصراعات .‏‏‏

تشجيع على الحوار‏‏‏

و يشير د . كاسوحة أنه يمكن لعملية التواصل اللاعنيف أن توظف بثلاثة طرق ، حيث يمكن أن نستخدمها لتوضيح ما يجري بداخلنا للتعاطف مع الذات ، و لنعبر بطريقة تشجع على الحوار و الإصغاء للآخرين بطريقة تشجع على الحوار مهما كانت الطريقة التي يعبر بها الآخر عن نفسه ، و لكي تشجع هذه العملية على التعاون الحقيقي لا بد من الانتباه للحظة الحاضرة و تواجد نية واضحة لتشجيع الحوار و التعاون ، و يقوم هذا المبدأ على فرض أن كل الناس يرغبون بالحصول على إشباع لحاجاتهم ، حيث نحن نبني علاقات طيبة عندما نحقق هذه الحاجات من خلال التعاون و ليس من خلال السلوك العدواني ، فتتجلى الكثير من الموارد الجديرة بالتقدير كالقدرات والكفاءات و تظهر من خلال التعاطف ، و عندما نتواصل مع الآخرين نكتشف أن كل حاجة لدى الإنسان مفيدة في الحياة و لا توجد حاجات سلبية .‏‏‏

تقبل مشاعرهم لا إنكارها‏‏‏

و من هنا يدعو د . كاسوحة إلى ضرورة مساعدة الطفل للتعرف على حاجاته و تحديدها ، لأن الأطفال يحتاجون إلى التعرف على حاجاتهم و تحديدها و إعادة ترتيب أولوياتهم ، لأن الحاجات عادة ما تكون غير واضحة حتى بالنسبة لنا ، ومن خلال تحليل الحاجات يتضح أنها تتدرج من الحاجة للسمو إلى تحقيق الذات والحاجات الجمالية و الحاجة إلى المعرفة و الفهم ، إضافة إلى الحاجة للتقدير والانتماء والحب و الأمان و الحاجات الفيزيولوجية .‏‏‏

و ينصح المختص بمساعدة الطفل للتعبير عن مشاعره ، حيث يحتاج الأطفال إلى التعبير عن مشاعرهم و قبولها و احترامها ، فمن المهم الإصغاء بهدوء و انتباه بدلاً من الأسئلة و النصائح ، و يمكن أن نتقبل مشاعرهم ببعض الكلمات ( آه - فهمت ) بدلاً من إنكارها ، كما يمكن أن نساعدهم على تسمية الشعور مثل ( أفهم أنك حزين ) بدلاً من الشرح و التفسير ، فالمشاعر لا تناقش و لا تخضع لثنائية الخطأ و الصواب أو ثنائية الصدق و الكذب .‏‏‏

خلق جو من الاهتمام‏‏‏

إذاً من المهم بناء علاقة مع الطفل ، و يكون ذلك من خلال خلق جو من الاهتمام عبر الإصغاء الفعال ، فمن يعرف استخدام الإصغاء الفعال يستطيع جعل المتحاور يعرف أنه في هذا الوقت ما يهمه يهمك ، و بإعادة الصياغة ستنجح بجعل المتحاور يعرف أنك مهتم بالحوار و أنك تهتم به و بقضاياه ، كما يتم بناء العلاقة من خلال التعاطف ، حيث يمكن التعاطف من خلال إقامة علاقة بينك و بين المتحاور و خلق رابطة و معنى للعمل الجماعي .‏‏‏

الإصغاء يكسر الحواجز‏‏‏

لعملية تواصل ناجحة بعيدة عن العنف لابد من الإصغاء كما ينصح المختصون، حيث يعتبر الإصغاء طريقة منظمة من الاستماع و الاستجابة التي تركز على الاهتمام بالآخرين و تحسين التفاهم المتبادل ، فالإصغاء يساعد على كسر الحواجز التي يمكن أن تمنع من فهم رسالة الآخر ، فهو يزيل أي التباس بينك و بين الآخر ، في الوقت نفسه سوف تقوم ببناء علاقة مع الآخر من خلال إظهار الاهتمام و التقرب الذي يسهم بتوضيح المشاعر و البوح بها و تفهمها و بالتالي ترجمتها بطريقة غير عنيفة تحقق التعاون لا زيادة الصراع .‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية