تلك المبادرات التي تخالف الواقع الموروث وتحتاج إلى شيء من الجنون وقليل من الرؤية ولكنها تحتاج قطعاً إلى قامات وهامات كبيرة.
في آخر أيام السنة الفائتة دعيت لحفل زفاف وبدلاً من الهدية التي تصاحب بطاقة الدعوة في دمشق مع وصل تبرع من ذوي العرسان بقيمة مليون ليرة سورية إلى جمعية المودة والرحمة التي تعنى أساساً بتزويج الشباب رجاء منهم بعدم تقديم الهدايا للعرسان وبدلاً من ذلك التبرع بقيمة الهدايا والورود إلى هذه الجمعية.
أما الجمعية, وبمثل تلك المبادرات, فقد ساعدت بتزويج 1500 شاب وشابة وجمعتهم على مخدة الحلال كما يقول المثل العتيق. وقدمت لهؤلاء أكثر من 25 مليون ليرة لبداية بناء عش الزوجية, إن أردتم, قفص الزوجية السعيد.
في دعوة مماثلة وقبل شهور كتبت عن عرس تحول إلى مزاد علني للتبرع لمساعدة هؤلاء الشباب... أما اليوم فقد تحولت المسألة إلى تقليد لا نستطيع إلا أن نرفع القبعة إجلالاً له والسؤال يبقى هل المقصود هو الوجاهة الاجتماعية أم الثواب الديني أم التنمية الاجتماعية?
وإن كان فأنا أرى أنه هكذا تبنى الوجاهة الحقيقية: بعمل حقيقي لا بمظاهر زائفة. أما الثواب الديني فأعتقد أن استثمار تلك الدوافع الخيرة يقع في رأس أولويات كل الشرائع الدينية والدنيوية... أما التنمية الاجتماعية الحقيقية فهي لا تبنى إلا بشراكة الجميع: الحكومة وهيئات ومؤسسات المجتمع المدني... وأفراد لهم قامات عالية.