من الحال المتردي الذي آل بهم وبقطعانهم نتيجة تدهور وضع المراعي في البادية لانحسار الامطار وقلتها. وبدورها دفعتهم لان يكونوا في مواجهة تنامي مصاعب ومشاكل استجرار وتأمين المواد العلفية .
ولهذا ضاقت لديهم مساحة الامل وتقزمت بوادر الطموح في ان يجدوا مخرجاً يخفف عنهم هذا العبء الثقيل والذي ربما يقودهم ان استمرت الحال على ما هو عليه الى تكبد الخسائر الكبيرة والمتلاحقة والتي من الممكن ان تستنزف جزءاً كبيراً من ثروتنا الحيوانية.
كنا نتوقع وكما الاخوة المربين ان تصاغ حلول وتترجم بافعال للحد او ايقاف مخاطر تلك المشكلة التي تحاصرنا وتقترب كثيراً من مضارب قطعان الاغنام التي ينوف عددها عن 2,9 مليون رأس في المحافظة, الا ان ذلك لم يحصل وعلى ما يبدو الخلاف حول الارقام الاحصائية قد افسد الفرصة لما هو منتظر, ولو توقفنا قليلاً عند هذه الارقام- موضع الخلاف- لوجدنا انفسنا في حلقة اخرى من المشكلات التي تاخذ بالتضخم فالملاحظ ان العمل الاحصائي ورغم اهميته يفتقد للاسس والمعايير العلمية الصحيحة ويكون على الغالب ارتجالياً ومن خلف المكاتب, ولهذا نجد اختلافاً شاسعاً في الارقام بين احصاء واخر ومعدلات نمو مفزعة لا تتوافق بل تبتعد بمسافات كبيرة عن معدلات النمو الطبيعي فمثلاً وكما هو وارد في تقرير مديرية الزراعة حول نتائج تدقيق تعداد الثروة الحيوانية لعام 2004 نجد ان نسبة نمو قطيع الاغنام 19% ونسبة نمو الماعز 24% والابل 47% مع الاشارة الى ان معدل النمو الطبيعي للقطيع حسب معطيات وزارة الزراعة يتراوح ما بين 6-8% لذلك هذه الارقام تضعنا امام احتمالين: اما ان يكون الاحصاء قد تم ضمن معيار الاحتمال وبطريقة) ياتصيب يا تخيب) او يكون احصاء فعلي وارتفاع نسبة النمو عائد الى خلل في التعداد الذي سبقه وفي كلتا الحالتين فان ذلك يضعنا في منعطف خطر يتطلب منا ان نتوقف عنده مطولاً لنصلح ما افسدته الفوضى واللامبالاة.
اذن, نحن الان امام مشكلة كبيرة جدا تكمن في صعوبة تامين واستجرار المواد العلفية من قبل الاخوة المربين ممثلة بقلة المادة في معظم مراكز مؤسسة الاعلاف ومن ثم عدم كفاية المقنن العلفي المخصص خلال الدورة المحددة باربعة شهور ,والمشكلة ليست جديدة, والجميع يعرف جيدا قدمها, وفي كل عام تتكرر واكثر ما تتنامى وتتزايد في مواسم انحسار الامطار وقلتها التي تنعكس سلباً على وضع المراعي في البادية ومع اننا ندرك حجم تلك المشكلة وانعكاساتها التي قد تستنزف احدى مواردنا الاقتصادية الهامة ما لم نتداركها الا اننا لا زلنا نعجز عن ايجاد الحل لها وباعتقادنا :انها لا تحتاج الى عصا سحرية كعصا موسى بقدر ما تتطلب منا ان نكون اقرب للتخطيط السليم والاخذ بها على محمل الجدية دون تركها للقدر واذا فعلاً بادرنا بايجاد الحلول فلنبدأ اولاً من الخلل والفوضى المتأزمة في المؤسسة العامة للأعلاف المعنية اولاً واخيراً عن تردي هذا الحال الذي يقع على مسؤوليتها لعدم اهتمامها واكتراثها بما يجري في عمل الفروع والمراكز من مشاكل وازمات يدفع ضريبتها العاملون والمربون بآن واحد ومن ثم تأمين المواد العلفية اللازمة وزيادة المقنن المخصص بما يكفي احتياجات الثروة الحيوانية.
ما بقي ان نقوله: اذا كنا بارعين في ادارة اي مشكلة تواجهنا وهذا هو حالنا الان فلماذا لا تكون البراعة ايضا في ايجاد الحل لها?! وحقيقة ان مسؤولينا ووفقاً لبراعتهم في ادارة المشكلات باتوا يستحقون اكثر من شهادة تقدير او امتياز فاصوات المربين العالية ونداءاتهم المتكررة لما هم فيه لا تسكتها طفرات الحلول الحكومية ولا تحد منها مجالس المكاتب الموحدة وما يخرج منها على الورق وانما تستوجب كسر كل الحواجز والخروج بالحلول وترجمتها عملياً وفعلياً على ارض الواقع.