تتميز العلاقات السورية الروسية بعمقها التاريخي واهميتها الاستراتيجية حيث شهدت خلال قرون من الزمن جوانب متعددة من التعاون في مجالات عدة على مختلف الصعد وفي القرن العشرين اكتسبت هذه العلاقات طابعا اكثر عمقا وتوسعت افاق التعاون لتشمل القضايا السياسية والاقتصادية والتجارية وتبادل الخبرات الفنية والثقافية خدمة لمصالح شعبي البلدين الصديقين.
وقد اكتسبت العلاقات السورية مع الاتحاد السوفييتي منذ الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات تجربة غنية من خلال الصداقة المثمرة التي انعكست بشكل ايجابي على تطور الروابط بين البلدين واثمرت معاهدة للصداقة والتعاون بين الاتحاد السوفييتي وسورية .
وخلال مسيرة التعاون الطويلة تم في سورية بمساعدة الاتحاد السوفييتي اقامة 63 مشروعا من بينها مشروعات ضخمة كمحطة سد الفرات لتوليد الطاقة الكهربائية ومحطة البعث ومحطة تشرين الحرارية اضافة الى العديد من المحطات النفطية والغازية ومشروعات الري واستصلاح الاراضي والمواصلات وغيرها حيث لعبت هذه المشروعات وتلعب دورا حيويا في الاقتصاد السوري.
وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي تم رسم ملامح اولية لاستراتيجية روسيا ازاء الشرق الاوسط محورها ان الشرق الاوسط المستقر والمزدهر يتوافق مع المصالح القومية والحكومية لروسيا الاتحادية ومن هنا فهي تسعى في اطار الامكانات المتاحة للمساعدة في تحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الاوسط.
وقد شهدت العلاقات بين روسيا وسورية خلال السنوات الاخيرة تطورا ملحوظا واعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان مهمتنا ليست فقط اعادة المستوى السابق من التعاون الثنائي بل يجب علينا تجاوزه وتطويره
ويرى الروس ان ارث العلاقات غال وعزيز جدا على الشعب الروسي ومن الواجب الان المحافظة على هذا الارث ومضاعفته لما لذلك من اهمية استراتيجية كبرى ويعبر المسؤولون الروس عن ارتياحهم للتعاون المتعدد الجوانب بين البلدين الصديقين المبني على اساس متين استند الى الخبرة الغنية المتراكمة خلال العقود الماضية من هذه العلاقات التي امتدت لتشمل الميدان الشخصي حيث يوجد عشرات الالاف من الزيجات المختلفة بين الروس والعرب السوريين بالاضافة الى روابط ثقافية وروحية.
وتؤكد الاوساط السياسية الروسية ان عودة روسيا الى الانخراط بصورة فعالة في ايجاد حل لعملية السلام في الشرق الاوسط تنطوي على اهمية كبيرة وتنوه بان الموقف الروسي من هذه العملية يتمثل بضرورة استئناف عملية السلام على المسارين السوري واللبناني بجهود مشتركة من قبل روسيا والاسرة الدولية لتنفيذ قرارات مجلس الامن ولاسيما ما يتعلق منها باعادة جميع الاراضي العربية التي تحتلها اسرائيل الى اصحابها الشرعيين واقامة دولة فلسطينية مستقلة مع الالتزام الصارم بمبادىء الشرعية الدولية ونبذ اي استخدام لازدواجية المعايير في هذه المسائل .
كما ان اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والتقني الموقعة بين البلدين الصديقين في 15 نيسان عام 1993 اسفرت عن تشكيل اللجنة السورية الروسية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني وعقدت اللجنة عدة اجتماعات تم فيها التأكيد على تطوير علاقات التعاون الطويلة الامد في جميع المجالات الاقتصادية والتجارية والتعاون التقني وتم الاتفاق على العمل معا على تطوير تعاون البلدين مستقبلا في قطاعات التعاون الاقتصادية التقليدية مثل التجارة والطاقة والري واستصلاح الاراضي والصناعة النفطية والغازية والمواصلات وكذلك في قطاعات التعاون الجديدة كالشؤون المصرفية والصحة و في مجالات الصناعة والجيولوجيا والموارد الطبيعية وغير ذلك من مجالات التعاون العلمي والتقني.
وتم خلال الاعوام الاخيرة توثيق وتعزيز الاطار القانوني للتعاون حيث وقع الجانبان السوري والروسي اتفاقية منع الازدواج الضريبي وبرنامجا طويل الامد لتنفيذ اتفاقيات التعاون التجاري والاقتصادي والتقني.
وتلتقي جهود البلدين الصديقين سورية وروسيا في العمل معا من اجل تطوير العلاقات الثنائية بينهما في مختلف المجالات وتوفير متطلبات الامن والاستقرار في الشرق الاوسط مما ينعكس تطورا وازدهارا في المنطقة وعلى الصعيد العالمي.