هذه هي القاعدة في العيد فما هو الاستثناء.الاستثناء أن يأتي العيد والبعض يمرّ بتجارب قاهرة, زهرات جميلات, نساء صغيرات في معهد تربية الفتيات للأحداث, يملأ عيونهن الحزن والدموع والأسى على ما وصلن إليه. ما هي مظاهر العيد وسماته عند هؤلاء الفتيات?
وما ينتابهن من مشاعر في العيد?
نبكي فرحاً وحزناً
الحدث (س) تقول: لا عيدية, ولا لباس يفرح ما دام أبي وأمي منفصلين وكل منهما يعيش حياته الخاصة كما يحلو له, وفي هذه المناسبة (العيد) سوف أهدي قصتي التي سأرويها دون خجل إلى كل فتاة في بلدي لتكون عبرة لها: (أنا فتاة س, عشت مع أمي بعد طلاقها من أبي وزواجها من آخر كان يكرهني لدرجة أنه أجبرني على الزواج من صديق له يكبرني بعشرات السنين, التجأت إلى أمي لتنقذني ولكنني تفاجأت بتعاونها مع زوجها وتخطيطها المسبق والمدبر لهذه الزيجة, الصفقة المربحة, خمسة عشر يوماً فقط وهربت من بيت زوجي إلى أقرب مركز للشرطة أطلب الطلاق والخلاص من رجل فقد كل حس إنساني فهو يريد أن يستغل أنوثتي ويتاجر بي أنا ابنة الرابعة عشرة من العمر.
حصلت على ما أريد وسكنت في بيت عمي أملاً بواقع أفضل وبالفعل تقدم لخطبتي شاب وسيم, اعتقدت أنه المنقذ المخلص, ولا سيما بعد موافقة عمي على زواجي منه, استطاع أن يقنعني بالذهاب الى شقته لرؤيتها وترتيبها على ذوقي وذلك بعد الخطبة, ولصغر سني وقلة خبرتي رضيت وهناك تفاجأت بشلة الهوى والصخب وألقي علي القبض بتهمة /اشتباه دعارة/ إنها غلطتي هذه المرة.
الحدث ع: أنا متهمة بالسرفة (مليون ليرة وكيلو ذهب) وأقسم أنني بريئة ولكن هم أولاد الحرام اتهموني رغم خدمتي الطويلة في منزلهم ولا أدري لماذا? أقسم إن بقيت في المعهد أيام العيد بعيدة عن أهلي سوف (أتفشش) بكل فتيات المعهد, اشتقت لأمي ولأبي المريض. وكم أتمنى صبيحة العيد معايدتهم وتقبيل أيديهم وإثبات براءتي أمام الجيران والأهل والأقارب ورفع رأس والدي عالياً.
الحدث ن: أنا محكومة (ستة أشهر) لذلك يحق لي في فترة العيد الخروج من المعهد أيام العيد ومعايدة أهلي رغم ذلك فأنا لا أشعر ببهجة العيد لأنني سأعود مرة ثانية إلى المعهد وأنا بنظر الآخرين مجرمة حتى أهلي يخجلون من وجودي بينما في المعهد أشعر بوجودي, مع فتيات المعهد, نفرح, نرقص, نبكي فرحا وحزناً.
ويحاول كل من في المعهد (المديرة- الاختصاصيات.. المعلمات) تقديم الهدايا والثياب الجديدة, والحلوى وإحياء الحفلات حتى تبقى البهجة والفرحة للعيد.
الحدث ل: أتمنى أن أبقى في العيد بالمعهد, لأن أبي إذا تم إخلاء سبيلي وتسليمي له في العيد سوف يعاقبني من جديد بربطي بالجنازير ويعذبني, وأقسم إن فعل ذلك سأهرب من المنزل. أنا لا أنوي الشر بل أتمنى أن يمضي العيد دون أي تجريح أو إهانة أو عقاب من أحد.
رحلات ترفيهية
السيدة سميرة البابا, مديرة معهد التربية الاجتماعية للفتيات تحدثت عن العيد قائلة: أولاً لا بد من الإشارة إلى إن أغلب الأسباب التي تؤدي إلى الانحرف هي تفكك الأسرة فمعظم فتيات المعهد يعانين من التفكك وعدم الاستقرار في أسرهن إضافة إلى الخلافات والمشاحنات بين الزوجين ولقد تم إحداث المعهد لإبعاد الأحداث الجانحين من السجون العامة وإصلاحهن وتزويدهن بما يحتجن إليه في الحياة من دراسة ومهنة عملية وتربية قواهن الفكرية والأخلاقية والبدنية.
أما بالنسبة للعيد في معهد التربية فله بهجته وطقوسه الخاصة ومن أجمل صوره تعاطف الفتيات مع بعضهن البعض, كل واحدة تشكي همها للأخرى التي تستمع وتسوعب لتخفف عنها, أما بالنسبة لنا نحن الكادر الإداري فنحاول بما هو متاح ومسموح به زرع السعادة والفرح بينهن, وذلك عن طريق عدم إلزامهن باللباس الموحد وبفترة معينة للراحة وتقديم الحلويات لهن وتدليلهن بما يرغبن به من طعام وزيارة الأهل في أي وقت والسماح للفتيات المحكومات بالخروج من المعهد لقضاء فترة العيد بين الأهل وكذلك نطلق سراح الحدث ذات السلوك الحسن كمكافأة لها في العيد, وكل الشكر للمتطوعين الذين يزورون المعهد ويقدمون الهدايا للفتيات والنصح والإرشاد (الراهبات).
ونتمنى أسوة ببقية المعاهد إمكانية القيام برحلات ترفيهية على الأقل في أيام العيد واصطحاب الفتيات إلى المطاعم والحدائق والمسارح.
وفي الختام:
خرجت من المعهد وقد ملأتني حسرة في القلب وترقرقت دمعة في العين وهاج في نفسي أمل بالفرح والسرور لتلك الفتيات القابعات في الزوايا المنسية أيام العيد, مهما يكن يبقى للعيد بهجته وفرحته ورونقه الخاص.
فبه تتجدد الحياة وتسمو النفوس وتموت الأحقاد.. وكل عام وأنتم وهن بخير.