تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أطفال دار الأمان : أيتام بلا أعياد

مجتمع
الاربعاء 19/1/ 2005م
براءة سعيد الأحمد

من اجل مظاهر العيد ,المعاني الاجتماعية والانسانية التي تتجلى منه فتتقارب القلوب على الود وتجتمع على الالفة ويجتمع الناس بعد الفراق ويتصافون بعد الخلاف . واسمى ما في ذلك عندما يتذكر الانسان المقتدر اخيه الفقير الضعيف ويمد له يد العون و المساعدة . فتشمل الفرحة بالعيد كل بيت. وخاصة اذا كانت تلك المساعدة لطفل يتيم تقطعت به الاسباب ولا حول له ولا قوة .

فكم من اهل الخير ابعدوا شبح الموت وألم الجوع وقسوة التشرد عن هذا اليتيم. ومسحوا بأيديهم دموعه واسكنوا وحشته وخففوا عنه احساسه باليتم.‏‏

ولمعرفة كيف يستقبل اليتيم العيد توجهنا الى دار الآمانة للايتام وسلطنا الضوء على استعداداتهم للعيد وعرفنا امنياتهم واقتربنا من معاناتهم. وذلك من خلال اللقاءات التي اجريناها مع اطفال الدار والادارة .‏‏

مدير الدار‏‏

بداية التقينا مدير الدار السيد خالد الزرعي ومدير الثانوية الشرعية حيث قال: اريد من خلال جريدتكم وبصدق عميق ان اشكر جميع المتبرعين والمحسنين من اهل الخير الذين لا ينسون اطفالنا ويمدون لهم يد العون في كل الاوقات وليس فقط بالعيد. ولم اكن اتوقع ذلك. اذ يوجد عدد كبير من المتبرعين ممن يأتون للدار ويساعدوننا سواء كان ذلك بالمبالغ النقدية ام بالملابس والحاجات الضرورية والتي يحتاجها الطفل خلال العام. وربما هذه الاشياء لا تشكل شيئاً عند المتبرع ولكنها تعني الكثير لهؤلاء الايتام. فهي ترسم البسمة على وجوههم الحزينة. وتعطي لهم املا كبيرا في المستقبل . اشير هنا الى اغلب المتبرعين يحاولون التعرف على اهل اليتم. ويقومون بزيارتهم ومساعدتهم. اذ ان جميع الاسر من الطبقة الفقيرة جدا. وهم بحاجة لاي مساعدة ومهما كانت وهذا كله يجعلني اقول ( ان الدنيا لا تزال بخير) ومازال المجتمع مترابطاً ومحباً. ولم تبعد الحياة الحديثة هؤلاء المحسنين عن مساعدة الفقير واليتيم .‏‏

ويضيف :انه تم توزيع مجموعة من الالبسة بجميع انواعها ,بالاضافة للاحذية لكل اطفال الدار. وكانت هذه المجموعة عبارة عن هدية للعيد من قبل احد المتبرعين . كما تم توزيع مبلغ من المال لكل تلميذ ليأخذه معه عند ذهابه الى ذويه.‏‏

وردا على سؤال اين يقضي الاولاد العيد قال المدير: في ايام العيد يذهب جميع الاولاد الى ذويهم ليمضوا العيد عندهم , ولكن خلال ايام العادية نحاول ان نعوض لهم. وكان قد تبرع سابقا احدهم واخذ الاولاد جميعهم الى الاماكن الترفيهية ومدينة الالعاب والى حديقة الحيوانات والدلافين. ولقد تبين لنا ان تلك الانشطة انعكست ايجابا على تحصيلهم الدراسي. وحاليا يوجد متبرع اخر كان قد خصص لكل طفل طقماً رسمياً موحداً وسيتم التوزيع عليهم .‏‏

وردا على سؤال : كيف يقضي التلميذ يومه في الدار تابع حديثه قائلا: في فترة الصيف يذهب جميع الاولاد الى بيوتهم ويمضون الشتاء في الدار في اوقات المدرسة. ويذهبون في العطل الاسبوعية. يوميا يمضي التلميذ وقته في المدرسة صباحا. وفي المساء يذهبون الى المهاجع.‏‏

ويوجد في الدار 143 تلميذاً من الصف الاول الى السادس ويوجد احيانا من العائلة الواحدة ثلاثة او اربعة اطفال .‏‏

معوقات وآمنيات‏‏

ويضيف أ. الزرعي قائلا: اجدها فرصة بهذه المناسبة لشرح بعض المعوقات والصعوبات التي نعانيها في الدار ونتمنى ان نجد لها اذاناً صاغية. اولا: نعاني من ضعف التحصيل الدراسي وذلك بسبب الحالة النفسية للاولاد هذا من ناحية. ومن نقص الكادر التعليمي والاشراف فنحن نعاني من نقص في المعلمين المختصين وخاصة في الصفوف الاولى .‏‏

بالاضافة الى مشكلة قلة الكادر المشرف على الاولاد وخصوصا عندما يعودون لمهاجعهم فلا يوجد سوى مشرف ليلي واحد وهذا لا يكفي, فالاطفال بحاجة للاشراف وخاصة انه يوجد من المهجع 10 تلاميذ وفي اوقات الدراسة. ما انعكس ذلك سلبا على وضعهم .‏‏

ويتابع حديثه : توجد مشكلة لدينا ,إن هناك عدداً كبيراً من الحالات التي تأتي للدار اطفال معرضون للتشرد وللجنوح بسبب ترك آبائهم لهم وعدم الاحساس بالمسؤولية تجاههم .وتكون لذلك اسباب كثيرة منها ( الطلاق , قد يكون محكوما..,) واسباب اخرى . ونحن هنا بالدار لا يمكننا استقبالهم حسب الاصول . ونتمنى ان يوجد حل لهم فمعهد خاص بهم يحميهم من التشرد .‏‏

ويضيف بأنه يوجد في الدار باص لأخذ الاولاد اوقات الرحلات والمناسبات. وهذا الباص كان قد تعطل من زمن اكثر من 10 سنوات وهو هدية ( القائد الخالد) للدار وهو بحاجة للاصلاح واذا تعذر ذلك نتمنى استبداله بآخر . فنحن بأمس الحاجة له .‏‏

من الناحية الصحية‏‏

وردا على سؤال حول كيفية معالجة الاطفال اثناء المرض قال: تتم المعالجات جميعها من خلال الطبيب المتواجد في الدار في كل يوم ثلاثاء.. ويوجد طبيب اخر متبرع يتواجد يوم الخميس وللسبب نفسه . ونسعى حاليا مع احد المتبرعين لتوفير عيادة سنية للاطفال لنجنبهم الذهاب الى الجامعة, اذ يعالجون اسنانهم من قبل طلاب السنة الرابعة حاليا .‏‏

أمنيات‏‏

التقينا عددا من تلاميذ الدار. وعند سؤالنا للطالب عمر سليمان البالغ من العمر 11 سنة في الصف الرابع عن العيدية 50 ل.س التي اعطته الدار اياها اين يريد ان يصرفها. توقعت ان يجيبني وكما هو معروف لدى الاولاد الذين هم بعمره. بأنه سيشتري طعاما لذيذا او سيذهب ليلعب بالاراجيح او قد يشتري لعبة ولكنه قال لي : سأذهب الى الببيت واعطي امي النقود فقد خبأتها مع معلمتي حتى لا تضيع مني .. واضاف بحزن قائلا: انه سيفعل ذلك لان امه مريضة ولا تستطيع الوقوف على قدميها وغير قادرة على العمل وهي بحاجة الى الدواء والطعام ولا يوجد لديها المال. ولديه اربعة اخوة غيره يعيشون معه في الدار. واخته الكبيرة عمرها 15 سنة تعمل في البيوت احيانا .‏‏

اما الطفل وائل دكاك قال لي والحزن يملأ عينيه الصغيرتين :ابي على قيد الحياة ويعمل بخاخ موبيليا , تركنا منذ زمن ولا يسأل عنا واعيش انا واخي الاكبر هنا في الدار. وتعيش امي لوحدها ويساعدها خالي. ورغم ان ابي يعمل لكنه لا يدفع لنا. إلا بعد ان نهدده بالسجن .‏‏

اما الطالب محمد هيثم منصور يتيم يعيش في الدار منذ زمن تعيش امه مع اخواته الاربعة. والجميع من دون عمل وتساعدهم جمعية خيرية .ورغم هذا قال لي عندما سألته عن أمنيته في العيد انه (يتمنى الذهاب لعند امه ويأكل من طبخها).‏‏

وبدوره الطفل محمد كلو قال بكل فرح وامل : اشعر في العيد بالسعادة واحب كل رفاقي وسألعب معهم. اما والدي فقد توفي وانا صغير وكان يعمل في محل للمخللات واسرتي فقيرة ومكونة من امي واخي الاكبر الذي يعمل في محطة القطار .‏‏

أهل الخير‏‏

وعند وجودي بالدار دخلت سيدة للادارة حاولت ان آخذ عنها معلومات لاتعرف بها. ولكن دون جدوى سوى انها طبيبة وكانت قد تبرعت بمبلغ للدار ولهؤلاء الاطفال الايتام .وردا على سؤالي لها عن سبب قيامها بهذا العمل قالت : احب هؤلاء الاطفال اكثر من كل الناس العاديين. فهم ايتام وبحاجة للحب والعطف والرعاية. وفقراء بحاجة للكسوة والطعام والتعليم واشعر بالسعادة والرضى عندما اتذكرهم بقدر ما استطيع واعطيهم ولو جزءاً بسيطاً مما رزقني اياه ربي وربما اخفف عنهم .‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية