حتى العام المنصرم كانت «داعش» المستثمر الوحيد لحقول النفط في وادي الفرات ,ولاسيما في حقل عمر الواقع في دير الزور والتي تحولت مرتعاً لطائرات سلاح الجو الأميركي لارتكاب المجازر بحق المدنيين .
لكن الهزيمة (المؤقتة) ل»داعش» في الباغوز معقله الأخير ,جعله يترك المكان لقوات»سورية الديمقراطية» أو ما يسمى «قسد» وهي ميليشيا كردية متحالفة مع الجيش الأميركي .وحسب تأكيد مسؤول روسي رفيع المستوى ,فإن الولايات المتحدة هي من كانت أول من اشترى النفط المهرب من «داعش» (وهو دليل على عمق العلاقة بين الجانبين)لكي تستخدمه التنظيمات الإرهابية الأكثر تطرفاً في سورية
كتب الصحفي الأميركي» توم أوكنور «في مجلة (نيوزويك) الأميركية يقول:»صرح سيرغي رودسكوي قائد العمليات الأساسية في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي للصحفيين أن الولايات المتحدة جندت حوالي 2700 مقاتل في منطقة تمركزها الواقع على بعد 51 كيلومتراً من الحدود الجنوبية الشرقية للتنف ,ومن بين هؤلاء عناصر من»مغاوير الثورة» ومن جيش العشائر ,ونقلوا بمروحيات تابعة لسلاح الجو الأميركي للقيام بعمليات تخريب ,وتدمير للبنى التحتية النفطية والغازية ومحاولات إرهابية ضد القوات الحكومية في مناطق كالسويداء وتدمر والبوكمال» .
وصرح رودسكوي أيضاً :»بالإضافة إلى وحدات المقاتلين ,تورطت قوات أميركية بعمليات نهب منشآت وآبار نفطية في منطقة الفرات والتي تعود ملكيتها للحكومة السورية .ومؤخراً لوحظ ظهور شركات أميركية خاصة ومرتزقة تابعون لشركات عسكرية خاصة تجاوز عددهم حوالي 3500 شخصاً» .وحسب الجنرال الروسي ,فإن هؤلاء المقاولين الأميركيين»قاموا بإنتاج وبيع النفط من حقول نفطية واقعة في شرق الفرات ,في مخطط إجرامي يهدف إلى نهب الثروات الوطنية السورية « .
وذكر الصفي الأميركي(أوكنور):»أن الولايات المتحدة متهمة منذ زمن بعيد بالتدخل الخارجي من أجل النفط ,وخصوصاً بعد اجتياح العراق وقلب نظام الحكم فيه بتهم اتضح زيفها وبطلانها لاحقاً.ورغم تمتع الولايات المتحدة بالاستقلال التام في مجال الطاقة ,إلا أن هذه الاتهامات أسندت إلى الدول المنضوية في حلف شمال الأطلسي التي أطاحت بالزعيم الليبي معمر القذافي عام 2011 وكذلك جهود الرئيس الأميركي دونالد ترامب لعزل الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ومحاولات محاصرة ايران بالعقوبات.
وأكد رودسكوي أن عمليات الشركة العسكرية الأميركية الخاصة في سورية كانت»تتم بغطاء من طيران التحالف المعادي للإرهاب الدولي» ,و»تمثل باستئناف داعش لنشاط التهريب بمعرفة الولايات المتحدة ,والتي واصلت نقل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى الضفة الشرقية من الفرات ما أثار مخاوف عميقة ,لأن»مقابل المساعدة بتهريب النفط ,تمد الولايات المتحدة التنظيمات الكردية بالسلاح تمهيداً لاستخدامها لاحقاً ضد بعضهم البعض
.أضف إلى ذلك القلق من عودة (الدولة الإسلامية), ولاسيما بعد تصريح وزير الخارجية الأميركي جورج بومبيو لشبكة «فوكس نيوز»عن وجود»حفنة» من المتطرفين في سورية ,بينما يقيم الآخرون في العراق .
لكن مسؤول البيت الأبيض أراد أن يتجاهل حقيقة أن الكثير من قادة «داعش»أطلقهم الجيش الأميركي من أفغانستان وسورية ,ونقلوا بالمروحيات والشاحنات الأميركية إلى نقاط استراتيجية في صحراء العراق ,ومناطق أفغانية متاخمة لجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة وإلى نيجيريا .
إن طريق تهريب النفط من دير الزور إلى تركيا يمكن أن يوضح الأهمية الاستراتيجية للرصافة التي تسيطر عليها ميليشيات «سورية الديمقراطية» الكردية والتي تعتبرها أنقرة بمثابة إرهابيين ,ومن هنا يأتي تهديدات الرئيس التركي رجب أردوغان باجتياح سورية من شرق الفرات .وهو تهديد تعارضه الولايات المتحدة الأميركية ,لأنها بفضل حلفائها الأكراد تتمتع بحرية حركة في المنطقة .
أما طريق تهريب النفط الذي تحت سيطرة «داعش»,فقد رأى محللون أميركيون أن «ما بين 2015و2017 أصبح النفط المصدر الأساسي لعائدات «داعش» الذي بلغ ذروة قوته حيث تشير تقديرات مختلفة إلى أن عائداته من بيع النفط وصل 5 مليون دولار يومياً.
وحسب مجموعة العمل المالية المسؤولة عن تبييض الأموال «أنه على الرغم من تراجع العائدات لاحقاً بسبب العمليات العسكرية للقوات السورية والقوات الروسية الجوـفضائية ,إلا أنها ظلت تتراوح ما بين 1و2 مليون دولار يومياً .وفي أيلول عام 2017 ,وعندما بدأت قوات الجيش العربي السوري بتحرير دير الزور ,سارعت ميليشيا قسد للدخول إلى تلك المنطقة ,وبينما كان الجيش العربي السوري في حالة اشتباك مع «داعش» قامت ميليشيا قسد وبوساطة عسكرية وأمنية أميركية بالتفاوض مع «داعش» الذي سلم بالأمر الواقع .وبالتالي وضع حقل عمر النفطي وغيره من الحقول تحت سيطرة القوى الكردية دون قتال .وعلى الفور أقامت الولايات المتحدة قاعدة عسكرية من آبار الذهب الأسود .
لقد أوردت الوكالة الاتحادية للصحافة مرات عدة حالة التواطؤ القائمة بين الولايات المتحدة والأكراد و «داعش», فعلى سبيل المثال ,في أيلول عام 2017 ,عتمت الوكالة بأن الأكراد والولايات المتحدة اتفقوا مع الإرهابيين على نقل أكبر حقل للنفط في الطابية والذي يوجد فيه مصنع «كونوكو» النفطي .
الجدير ذكره هنا ,أن الولايات المتحدة وحلفاءها من الميليشيات الانفصالية ,وجيش سورية الحر والذي من خلال متطرفي «مغاوير الثورة» يسيطرون على مخيم الركبان لللاجئين الذي يعتبر ملاذاً ومكاناً لتفريخ المتطرفين الإسلاميين الذين تربوا على ثقافة الكراهية للغرب ومحور دول المقاومة .