أما المعرفة الخاصة التي تنشأ في عقل الفرد وتموت بموته من دون أن تنتقل إلى الآخرين، فهي صفحة كما تقول رحاب محمد في مجلة المعرفة العدد/594/ لا تقبل التداول في فكر البشر لأنها لم تحفظ عبر وسائط التداول المعرفية الخارجية، ولو اقتصرت معرفة الإنسان على الجانب الخاص لاستحال وجود تفاعل فكري وتبادل الخبرات بين الناس وفقدت البشرية ما يعرف بالموروث الفكري.
وتضيف محمد: أنه على الرغم من كثرة الامبراطوريات التي مرت على هذه الأرض ودولها، عبر العصور الطويلة إلا أن أياً منها لم يكتب لها الاستمرارية حتى الآن، ولم تسيطر على بقاع الأرض كافة، أما امبراطورية الكتاب فقد امتدت ما قبل الميلاد حتى الآن، وغطت كل دول العالم دون استثناء.
والجدير بالذكر أن ما ينشر سنوياً في العالم على الورق يكفي ليغلق سطح الأرض سبع مرات كاملة.
لقد حاولت كل حضارة من الحضارات القديمة تسجيل المعرفة على وسائل ومواد مختلفة، فقد استخدمت الألواح الطينية وكتب عليها بالمسمارية في بلاد ما بين النهرين قبل آلاف السنين ثم جاءت لفائف البردي التي من خلالها استطاع المصريون القدماء تسجيل معارفهم، أما الجلود فقد استخدمت للتسجيل أو للكتابة منذ القرن الثالث الميلادي ولكنها كانت غير عملية ولهذا ظهر الورق الذي اخترعه الصينيون ليحل محل أدوات الكتابة التي كانت شائعة.
وفي القرن الخامس عشر لم تعد الكتابة باليد كافية لسد حاجة الإنسان من المعرفة لأنها تحتاج إلى جهود كبيرة وتكاليف باهظة.
ومع أن كلمة كتاب من أكثر الكلمات شيوعاً بين الناس إلا أنه ليس لها تعريف محدد ومتفق عليه ويمكن القول إن الكتاب عبارة عن إنتاج فكري معين مكتوب أو مطبوع على مجموعة من الأوراق التي ثبتت معاً لتشكل وحدة واحدة.
وتعرف اليونسكو الكتاب بأنه مطبوع غير دوري لاتقل عدد صفحاته من تسع وأربعين صفحة، وإذا قلت عدد الصفحات عن ذلك يصبح اسمه كتيباً وقد تطور الكتاب عبر العصور المختلفة من حيث الشكل والمضمون والموضوع كما ساهم في انفجار المعرفة والوصول إلى ثورة المعلومات التي نعيشها حالياً بعد أن أصبح من أكثر وسائل نقل المعلومات شيوعاً.
إن الكتاب الورقي المطبوع مازال متربعاً على عرش الوسائط المعارفية قابلاً للتنقل يملكه الغني والفقير ولا يحتاج إلى أجهزة أخرى للاستفادة من مضمونه لذلك من الصعب جداً إلغاء الكتاب التقليدي من حياتنا في المستقبل المنظور فما يزال هذا الكتاب أهم عناصر الثقافة عند بني البشر.
Yomn.abbas@gmail.com