تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من تداعيات التدخل الفرنسي في مالي

التايمز
ترجمة
الثلاثاء 5-3-2013
ترجمة: غادة سلامة

عملية انتقامية قام بها المتطرفون الاسلاميون في مالي رداً على التدخل الفرنسي في بلادهم . المسلحون اختطفوا يوم الثلاثاء الماضي الواقع في 19/2/2013 عائلة فرنسية مكونة من ستة أشخاص من أب وأم وأربعة أولاد . يذكر أن هذه العائلة الفرنسية تتخذ من الكاميرون مقرا لها

ويعمل رب العائلة في شركة فرنسية كبرى . الارهابيون قاموا بخطف العائلة الفرنسية وهي برفقة صديق للعائلة بعد أن قضوا نهارهم في منتزه وازى الشهير وأثناء عودتهم الى بيتهم في مقاطعة دنغا القريبة من الحدود النيجيرية تعرض موكب العائلة للاختطاف وتم اقتيادهم الى معسكر يضم عدة خيام أعدت خصيصا للمخطوفين الأجانب وغالبيتهم بالطبع رهائن غربيون .‏

فرنسا أدانت العملية الارهابية بشدة وبأقسى عبارات الادانة للجهة التي نفذت العملية بحق أناس أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم يعملون في دولة في جنوب افريقيا حيث تكثر الفئات الجهادية المتطرفة والتي نشطت مؤخرا لارتباط الكثير من عناصرها بتنظيم القاعدة .‏

الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند توعد الخاطفين بمعاقبتهم وتحرير الرهائن الفرنسيين ووصف عملية اختطاف العائلة الفرنسية بالعملية الارهابية كما وجه أصابع الاتهام لحركة بوكو حرام والتي تشرف اشرافا مباشرا على تدريب مسلحي مالي في معسكرات في إفريقيا تقيمها لأجل ذلك .‏

الرئيس الفرنسي أكد في كلامه على فكرة ارتباط المتطرفين الاسلاميين ارتباطا وثيقا بحركة بوكو حرام والتي ترفع شعارا لتحريم كل شيء يتعلق بالغرب وبالحضارة الغربية حتى ولو كان بسيطا .‏

يذكر ان بوكو حرام تنتشر اليوم انتشارا واسعا في النيجر وتمتد جذورها حتى الكاميرون وتحديدا في المنطقة الواقعة على الحدود بين النيجر والكاميرون حيث تم خطف العائلة الفرنسية .‏

في بداية الأمر تبادر للفرنسيين بأن الخاطفين ربما يكونون من مسلحي مالي وتوقعوا أن يعلن هؤلاء المسلحون مسؤوليتهم عن الحادثة المتعلقة بخطف العائلة الفرنسية وأخذها كرهينة بغية تحقيق مطالب خاصة بهم وهي اطلاق سراح المحتجزين لدى القوات الفرنسية من جنود نيجيريين وماليين وآخرين كانوا يقاتلون في شمال مالي بعد ملء رؤوسهم بالأفكار الجهادية ومحاربة الغرب . المسؤولون الفرنسيون اتهموا بوكو حرام بتنفيذ العملية وأن جنود بوكو حرام زجوا بمسلحي مالي في الواجهة لتنفيذ مآربهم الشخصية وهم ينفذون أوامر قادة بوكو حرام .‏

الصور المسربة عبر الفيديو للعائلة الفرنسية المخطوفة أظهرت الوضع غير الانساني لهم حيث تم احتجازهم في خيمة غير صحية وصغيرة جدا وقد بدا التعب واليأس والخوف على وجوه أفراد العائلة خوفا من قتلهم على أيدي المتطرفين . العائلة الفرنسية المخطوفة ناشدت حكومتها بالعمل على اطلاق سراحها بأسرع وقت ممكن وأكثر ما أثار الرأي العام ضد المختطفين المتطرفين هو منظر الأطفال الأربعة وأعمارهم الصغيرة فالأطفال المخطوفون لا تتجاوز أعمارهم الأربع والسبع والتسع سنوات .‏

وكالة الأنباء الفرنسية أذاعت خبر اختطاف العائلة الفرنسية ووصفت الخاطفين بالإرهابيين وقالت في معرض كلامها إن هذه الحادثة تعد الأولى من نوعها بحق مواطنين فرنسيين يعملون في الكاميرون البلد المستقر والآمن في جنوب افريقيا وهي لم تشهد أي الكاميرون أي حوادث خطف وما شابه ذلك من قتل بحق موظفين أو دبلوماسيين أو حتى سياح غربيين بشكل عام وفرنسيين بشكل خاص .‏

وكالة الاستخبارات الفرنسية رجحت بأن يكون الخاطفون من عناصر بوكو حرام التابعة لما يدعى بجهاديي النصره الارهابية والتي ترتبط بالقاعدة ولها أفكار جهادية متطرفة وتبيح دم الأجانب الغربيين .‏

جهاديو النصرة أعلنوا مسؤوليتهم عن الحادثة وخطفهم للعائلة الفرنسية كما أعلنوا عن قيامهم بخطف مهندس فرنسي يبلغ من العمر ثلاثين عاما و بقتل مواطنين أجانب غربيين آخرين في نهاية العام المنصرم كان مصيرهم مجهولاً وقد عدوا في عداد المفقودين في الكاميرون آنداك وهم في الواقع كانوا قد لقوا حتفهم على أيدي عناصر حركة النصرة المتطرفة التي قامت بخطف العائلة الفرنسية و قالت حركة النصرة إن هذه العملية جاءت بمثابة الرد اللازم والمناسب على التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي وهددت بقتل المخطوفين الموجودين لديها في المعسكر ان لم تطلق القوات الفرنسية سراح العناصر المحتجزين لدى هذه القوات وهي عناصر يعتقد أنها من النيجر ومالي . ومهما يكن من أمر سواء كان الخاطفون من النيجر أو مالي أو من جهاديي النصرة كما يطلقون على أنفسهم فإن عمليات خطف الأجانب ازدادت في الآونة الأخيرة وخاصة خطف المواطنين الفرنسيين ووصلت الى حد كبير أثار حفيظة الشعب الفرنسي ضد حكومة بلاده ولتدخلها العسكري في مالي ومطالبتهم سحب القوات الفرنسية من مالي نظرا للخطر الكبير الذي بات يطال الفرنسيين العاملين في دول افريقيا .‏

القوات الفرنسية التي قررت في بداية تدخلها العسكري في شمال مالي أن تعمل ما بطاقتها لإنهاء عملها العسكري هناك في آذار الحالي وذلك بعد القضاء على المتطرفين ووعدت بعودة الاستقرار للشمال المالي في أقرب وقت وهذا لم يتحقق حتى الآن للفرنسيين حتى الان ففرنسا تواجه أمورا معقدة على الأراضي المالية وخاصة الشمالية ورغم ذلك فان الفرنسيين وعدوا بأن يكملوا انسحابهم من مالي في الموعد المحدد لهم في آذار القادم الأمر الذي لم يعجب الأمريكيين الذين يسعون لإطالة بقاء القوات الفرنسية في مالي وقتا أطول بحجة أن الشمال المالي مازال بحاجة لوجود القوات الفرنسية لانتشار المتطرفين بشكل كبير بينما تتعرض الحكومة الفرنسية والقوات الفرنسية لضغط الشارع الفرنسي الذي يطالبها بالعودة الى البلاد لكثرة العمليات الانتقامية ضد الفرنسيين في دول افريقيا وما مقتل الجنود الفرنسيين في شمال مالي الا دليل على المصاعب التي تواجهها هذه القوات على الأراضي المالية وأحرج الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند وحكومته أمام الرأي العام الفرنسي وأمام الشعب الفرنسي الذي يصر على عدم التدخل الفرنسي في مالي ومطالبة القوات العسكرية الفرنسية بالعودة الى فرنسا سريعا .‏

 بقلم أدام ساج‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية