تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المشهد الإقليمي ...لعبة أمم طويلة ومعقدة

شؤون سياسية
الأثنين 4-6-2012
حسن حسن

البشر يصيبون ويخطئون وقد يكون اللبناني أوالسوري أو الفلسطيني أو أي إنسان من المنطقة العربية وحتى العالم الثالث متفوقاً في الذكاء

ومتمتعاً بمواهب تفوق مايتمتع به المواطن في الدول الكبرى سواء كان من الطبقات الشعبية أو من النخب الواعية والمثقفة.‏

ولقد ركز أذكياء لعبة الأمم على أمرين هامين يريدون تحقيقهما من منطلق الاعتقاد بأنهم أدهى وأذكى من الإنسان العربي أوالشرقي وإن كانوا يفترضون أننايصعب الضحك على ذقوننا أوخديعتنا .‏

علماً أن الدهاء المقاوم كان أقوى من الدهاء الاحتلالي على ماتيسر للمحتل من وسائل لإظهار ذكائه ودهائه ،بحيث يعمل تجاربه فينا على الصعيد السياسي أو الأمني أوالميداني أو في حقول التفوق المعرفي والثقافي.‏

ولوأخذنا النموذجين اللذين أشرنا إليهما واللذين وضعتهما لعبة الأمم نصب عينيها على صعيد الأحداث الجارية، لوجدنا أنهما نموذجان يخضعان لتجربة واحدة متشابهة، وهذان النموذجان نوردهما على سبيل المثال لاالحصر لأن النماذج على هذا الصعيد أكثر من تعد أوتحصى .‏

فلقد ركزت لعبة الأمم تجاربها على المقاومة التي تواجه الكيان الصهيوني بكل مالديها من وسائل أو للإيقاع بهذه المقاومة وكسر شوكتها وتشتيت تماسكها واختراق صفوفها والإيقاع بينها وبين المجتمع الذي يحيط بها وتعيش وسطه فلم توفق إضافة إلى محاولة الإيقاع بينها وبين المساندين لها والمتعاونين معها أو الداعمين لها من الأشقاء العرب وخاصة بينها وبين سورية ،وظل المتربصون بسورية والمقاومة على السواء يراهنون على إيجاد خلاف أوهوة بينهما مستغلين وباحثين عن أي ثغرة ومقتنصين أي فرصة لإحداث هذه الوقيعة، مستندين إلى مقاييسهم البعيدة عن الالتزام المبدئي أوالأخلاقي ،ولقد راهنوا على أن سورية ستبيع هذه المقاومة وتأخذ ثمناً لرأس هذه المقاومة طوال مايزيد عن ثلاثة عقود من السنين وكانت هذه الرهانات تسقط الواحدة تلو الأخرى .‏

ولم تكف لعبة الأمم عن الشغل على خط آخر ، اعتقدت أنه أكثر حساسية وأعمق تأثيراً وهو الإيقاع بين دمشق وطهران.‏

ولاعجب من استغراب البعض في لبنان ومن ورائهم فيلتمان ورهطه في واشنطن من هذه الصلابة في استعصاء سورية والمقاومة على كل عوامل الفتنة والإيقاع فيمابينهما، وتزداد دهشتهم عندما يرون سورية رغم العروض السخية التي وضعت أمامها حيث خيروها بين الأمن والسلامة والاحتواء من جهة وبين نار الحرب التي قد تصلى دمشق أوراها ،إذا مااستمرت في استعصائها على العصا الصهيو-أميركية الغليظة أويتساءلون بدهشة عن سر هذه الصلابة التي لاتكسر ويفتشون عن أسباب شخصية أو مصلحية أو سلطوية وراء هذه المواقف القيادية التي لاتلين رغم مرونتها في التعاطي حيث تخرج من كل المنعرجات والمنحنيات وكأنها أثبت من قاسيون!‏

بقي الشغل على جبهة العمل الدؤوب للوقيعة والفتنة بين دمشق وطهران معتبرين أن النجاح في هذا المضمار ، سوف يكون المحاولة الكبرى إذا نجحت -حسب مقاييسهم في النجاح فإنها سوف تكون الإصابة النهائية في المرمى الذي يسعى إليه الهدافون البارعون والحاذقون والمدربون سواء كانوا صهيو-أميركيين مباشرين أومن جنسيات متعددة تمر بـ الاحتياطي الفرنسي الذي يريد أن يظهر كفاءته أمام مقسم الأرزاق والأدوار والغنائم الأميركي في تقديم الخدمات للمشروع الأميركي في الشرق الأوسط بدءاً من لبنان وسورية تاركين للبريطاني حصة الثعلب في الإسهام بترتيب التصفيات النهائية للقضية الفلسطينية عروجاً على موسكو التي تبدو شموساً في الدرع الصاروخي الأميركي في أوروبا وعلى تخوم جمهوريات آسيا الوسطى ، ولكنها يمكن أن تروض على صعيد المياه الدافئة وإن كانت علاقتها بدمشق لم تعد تفرق بين علاقة استراتيجية سورية مع الاتحاد السوفييتي، وبين علاقة تزداد وثوقاً بين دمشق وموسكو بعد الشيوعية : فروسيا لم تفقد وطنيتها ومصالحها بفعل الشيوعية الأممية ولم تفقد حسها الوطني الروسي الباحث عن حماية ظهرها في الشرق الأدنى والأوسط اللذين هما أقرب إليهما من قربهما إلى أميركا حتى ولوكانت جحافل الجيوش الأميركية تتخبط في رمال ووحول أفغانستان لتشرب من نفس الكأس التي ذاقها السوفييتي بمساعدة الاستخبارات الأميركية التي ولد جنين بن لادن والقاعدة على يديها.‏

وهوكأس شربه الشعب الأميركي نفسه وتجرعه على يد قادته،ولم يفرح أحد من الشعوب المضطهدة التي ذاقت الأمرين من السياسية الأميركية وخاصة في الشرق الأوسط والتي نذوق مرارتها اليوم، وكما تلازم ظلم السياسة الأميركية على الشعب الأميركي الذي لايد له في تصرفات قيادته الغاشمة وهو يحاول تغييرها عبر صناديق الاقتراع مع ظلم السياسة الأميركية لشعوب الشرقين الأدنى والأوسط بدءاً من أفغانستان مروراً بأثر رجعي للظلم في فلسطين والعراق وصولاً إلى الظلم السياسي الأميركي الذي يعاني منه الوضع في سورية ولبنان.‏

إنها مرحلة حساسة من فشل كبير في إحدى ألعاب الأمم الكبرى تقتضي الصبر والصمود ولكنها تقتضي قبل ذلك التمسك بأهداب الكرامة الوطنية في كل قطر تشمله لعبة الأمم تلك .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية