كانت عملية (نصر من الله) المزلزلة للجميع لتثبت أن من قام بهذه العملية الأسطورة التي أصبحت درساً في الأكاديميات العسكرية على مستوى العالم، قادر على القيام بعمليات أقوى من أرامكو، كما تثبت أن أنصار الله ماضون حتى النهاية لهز عروش الطغاة المعتدين مع سيدهم الأميركي.
لقد جاءت العملية بحجم وضخامة وعمق يتعدّى كل ما سبقها من عمليات ويفوق من حيث الأهمية العسكرية والقتالية عملية المسيَّرات اليمنية التي قصفت أرامكو.
ونفذت عملية (نصر من الله) على مراحل أدت إلى تحرير 350 كم2 من أرض اليمن وسيطرة قوى اليمن الوطنية على 3 ألوية قتالية من قوى العدوان السعودي وتسبّبت في قتل وجرح 500 عسكري، منهم 200 قتلوا بنيران سلاح الجو التابع لتحالف العدوان كما وأسر أكثر من 2,000 عسكري، وتبين أن ألوية العدوان الساقطة بيد أهل اليمن مشكلة بنظام الاختلاط بالجنسيّات، (المرتزقة)، وأبشع ما في هذه التشكيلات هو تجنيد الأطفال اليمنيين الذين سيقوا إلى حتفهم بقرار سعودي، والأبشع أيضاً -حسب المعلومات- أن طائرات التحالف قصفت فيما بعد معتقلات الأسرى حتى لا تتم المفاوضة عليهم لا حقاً.
أما مسرح العملية الدفاعية تلك فقد كان في الشمال وتحديداً في صعدة نظراً لأنها موطن ومنطقة أنصار الله فلقد أرادت السعودية احتلالها بعد أن نفذت عليها خلال السنوات الخمس الماضية مئات الغارات الجوية ودمّرت بناءها وكادت أن تعطل الحياة فيها.
وأثبت أنصار الله الذين يمسكون بالأرض أنهم يعملون في الدفاع وفقاً لخطة استراتيجية متماسكة مبنية على الاستطلاع والاستعلام ومراقبة الميدان، لمعرفة النوايا السعودية فاستدرجوا قواتها التي بلغت 3 ألوية مشاة ومؤللة سقطت في قبضة رجال اليمن وسببت كارثة عسكرية ميدانية عملانية واستراتيجية فريدة من نوعها.
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أن هذه العملية جرت بموازاة قصف أرامكو الذي أدّى إلى تدمير جزء كبير من قاعدة النفط السعودية وخفض إنتاجها من البترول بنسبة النصف تقريباً، وقد جهدت السعودية وأميركا في السعي لإلقاء التبعة والمسؤولية فيها على إيران لحجب انتصار اليمن والتعتيم على المستوى العسكري والقتالي الذي بلغته القوة المتصاعدة للجيش واللجان الشعبية اليمنية، ونخلص من هذه العملية النوعية إلى أن أنصار الله يمتلكون إمكانات عسكرية عالية فاعلة، ما يمكنها من خوض المعارك الكبرى وضمان نجاحها، وإذا أجريت مقارنة تلك القدرات مع قدرات قوى العدوان لظهر التفاوت واضحاً لصالح اليمن وكشفت وهن قوى العدوان وترهّل بنيوي وضعف عضوي في تشكيلاتها وانعدام معنوياتها، حتى وصل الوضع إلى مستوى الفضيحة حيث يتندر العالم لما وصلت إليه قوى التحالف، وبالتالي أيقنت أن من المستحيل الاستمرار في العدوان على اليمن أو إنهاءه بالقوة، وأنه لا مفر من المفاوضات السلمية دون شروط، وأن السعودية أصبحت في موقع لا يمكّنها الطلب من المجتمع الدولي بوقف مؤقت للعمليات العسكرية، والاستجابة لما فرضه أنصار الله بأن يتوقف العدوان كلياً، بعد أن أصبح البر السعودي مكشوفاً ومفتوحاً أمام اليمنيين الذين بدؤوا يلوحون باستعادة الأراضي التي قضمتها السعودية منهم في الجنوب وأعني بذلك نجران وجيزان وعسير.
وإن غداً لناظره قريب...