مع كل ما يمكن له لو كان يملك ذرة من تفكير أن يستخلص العبر والنتائج، لكنه العمه السياسي الذي ضرب المتآمرين من ترامب إلى أردوغان، وهو عمه عالمي في الكثير من محطاته، من جنون ممالك الرمال والحرب على اليمن، إلى إهراق المقدرات على تكديس السلاح وتمويل الإرهاب، والارتماء بحضن العدو الصهيوني، والترويج لما يسمونه معاهدة عدم اعتداء آخر ما تفتقت عنه العلاقات بين هذه الممالك والكيان الصهيوني، وربما يمكن القول: إن الأمر ليس إلا محاولات يائسة لتمرير بعض بنود ما سمي «صفقة العصر»، ولكن متغيرات الميدان والنصر السوري الذي عزز محور المقاومة، هو الذي جعلها «صفقة القرن» مجرد هلوسات لا يمكن حتى الجهر بها تحت هذا المسمى، ومع محاولات تغيير المصطلح، لكنهم يشعرون بالرعب مجرد التفكير بها.
هذا كله مشهد واحد لا ينفصل عما يحاول أردوغان العمل عليه في الشمال السوري من محاولات التتريك والاستيلاء على الأرض، والمشكلة أن العملاء الذين وضعوا أنفسهم بخدمة المشروع الصهيو أميركي، مازالوا يصدقون أنهم فعلاً شركاء في أي شيء، وكل الصدمات التي كانت يجب أن توقظهم من سباتهم هذا، لم تكن لتوقظهم من هذه الكبوة الكبيرة، ولم يفكروا أن الأرض ليست إلا من تجذَّر بها منذ آلاف السنين، ولن يقووا مهما كان الدعم لهم على تغيير مجرى التاريخ والحقائق على الأرض.
الوهم نفسه يعيشه النظام التركي عندما يظن أنه قادر على فرض إرادته ولغته واحتلاله الأرض لتكون ملعباً له.
طيش سياسي، بل أبعد من الطيش يصل إلى مرحلة الكبائر التي أول ما تقضي على مرتكبيها، وهما ليسا بمنأى عن إلقائهما من المشغل عند أقرب حاوية لقمامات التاريخ.