وقد تبدأ تلك الشجارات في مراحل مبكرة من العمر تبدأ منذ الطفولة وقد تستمر غالباً إلى مرحلة المراهقة والشباب، حيث تقف الغيرة والتعامل الخاطئ من قبل الأهل في مقدمة الدوافع والأسباب التي تحرك وتغذي تلك الشجارات التي تكون عنيفة في بعض الأحيان إلى درجة أنها تترك آثاراً سلبية عند الطرفين وعند الأسرة بشكل عام، هذا إذا لم تنتقل آثاره السلبية إلى خارج المنزل لجهة تحول المراهق أو الطفل أو الشاب إلى عدواني مع الآخرين .
سلوكيات خاطئة..
وعلى الفور يبرز غياب الوعي عند الوالدين كأحد أهم الأسباب في استفحال ظاهرة الشجار بين الإخوة وذلك بسبب عدم قدرة الأهل على التعامل مع هذه الحالة، بالإضافة إلى سلوكيات الأب والأم الخاطئة أمام أبنائهم والتي تظهر آثارها سريعاً عند الأبناء كالشجار المتواصل أمامهم والقيام ببعض السلوكيات الاجتماعية غير اللائقة والتحدث بكلمات وألفاظ نابية، وكذلك الفظاظة بالتعامل معهم.
كذلك عدم قيام الأهل بغرس القيم والمبادئ الاجتماعية الصحيحة داخل تربة الأسرة كالحب والحنان والعطف على بعضهم البعض من شأنه أن يشعل نار الخلافات بين الأبناء وعلى أتفه الأسباب، ناهيك عن أن تفضيل الآباء لطفل على الآخر من حيث الدلال والتربية وتلبية كل متطلباته يؤدي إلى حالة من الغيرة وأحياناً الكره عند بقية إخوته، كما أن تفضيل الذكور على الإناث وبالعكس من شأنه أن يولد البغضاء والكره والحقد بين الأبناء، كما أن انشغال الأهل عن أبنائهم وغيابهم المتكرر عن المنزل وإهمالهم بقصد أو دون قصد يلعب دوراً كبيراً في نشوب الخلافات والصراعات بين الأبناء.
قد يصبح ثقافة..
وقد يبدأ الشجار بين الاخوة باختلاف في وجهات النظر ثم يتطور الأمر إلى السب والشتم والكلام الجارح والنابي وقد يتطور أحيانا إلى الضرب المتبادل وهنا تكمن الخطورة، على اعتبار أن هذه النوع من الشجار أي الذي يتطور إلى مرحلة الضرب من شأنه أن ينمي السلوك العدواني داخل الأبناء، خاصة الأطفال منهم حيث يكبر ويتطور هذا السلوك معهم وقد يستمر معهم إلى مرحلة الشباب وما بعدها، حيث يصعب في تلك المرحلة معالجة هذا السلوك الذي أصبح جزءًا من شخصيتهم وطبيعتهم وثقافتهم الاجتماعية.
القدوة الحسنة..
إن رعاية الأهل لأبنائهم وغرس بذور الحب والحنان فيهم منذ الصغر يعد من الأمور المهمة والأساسية التي تنمي فيهم المشاعر النبيلة تجاه بعضهم البعض التي من شأنها أن تكون اللبنة الأساسية التي تحكم علاقاتهم فيما بينهم على أساس الاحترام والحب. وانطلاقاً من ذلك فإن الأسرة المتفاهمة التي يتعامل أفرادها بود ومحبة متبادلة تعتبر هي الأساس لتربية السمات الطيبة عند الطفل ومعاملته الحسنة للآخرين، ولعل الأسلوب الصحيح لتربية أطفالنا على تلك المشاعر النبيلة يتمثل بأن نجعل أنفسنا قدوة حسنة ومثالاً يحتذي به الطفل في سلوكه.
لذلك علينا كمجتمع وأسرة أن نولي اهتماماً أكبر بمسألة زرع مشاعر العطف والحنان في نفس الطفل كونها ضرورة ووسيلة مهمة لمكافحة الجفاء واللامبالاة والقسوة التي يظهرها الطفل في تعامله مع إخوته داخل المنزل ومع الآخرين، كما يتوجب على الوالدين في حال نشب خلاف بين أبنائهم المسارعة إلى حل تلك الخلافات والتقريب بينهم عبر تعويدهم الحوار الهادئ والمتزن والخلاّق، دون أن ننسى تعليمهم على احترام واحتواء بعضهم البعض وعدم التلفظ بكلمات جارحة وغير لائقة فيما بينهم وتعويدهم التسامح والاعتذار، كما يجب على الأهل تدريب الأبناء على مهارات حل مشكلاتهم بأنفسهم وبالحوار والنقاش، بالإضافة إلى مكافأة الأبناء المتسامحين والمتعاونين.