فدول الخليج التي ارتضت أن تكون رأس حربة للغرب المتداعي ولإسرائيل في تخريب العالم العربي برمته أبعد ما تكون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، فما الثمن الذي ستجنيه من هجمتها الشرسة وانفلاتها من ضوابط العقل؟ أمراء ومشايخ النفط الذين تقول تقارير عنهم إنهم من أصحاب الولع الكبير في ألعاب الكمبيوتر، حيث أسرة مالكة بصغيرها وكبيرها تمضي جلّ وقتها في ولعها هذا لديها هواية أخرى هي سفك دماء الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج، ويدق حكامها على صدورهم بأنهم لن يحلوا عن سورية حتى تتقوض! وهم يدفعون الأموال الباهظة لزعزعة آخر القلاع العربية إنما لإلهاء العالم عما يجري في فلسطين المحتلة ولا سيما القدس، ولأنهم مستعبدون من دول الغرب الذي لا يزال يعتقد أنه في مركز العالم متناسيا أن مركز العالم ورافعته غدوا في يد الشرق.
ويبدو أن المؤامرة دخلت مرحلة أشد قسوة بعد «مبادرة»، بل مؤامرة الجامعة العربية التي قفزت فوق الحقائق على الأرض. وقد كان من أكثر المصفقين لها الولايات المتحدة وإسرائيل اللتان تعيشان حالة من الأنوميا والأنارشية ويريدان تعميمهما على دول الشرق الأوسط لأنه «ما حدا أحسن من حدا» وتريدان زج سورية في الفوضى بإفقادها نظامها الطبيعي والشرعي، وتحرير الشعب السوري من كل وصاية حكومية. ولاشك أن سورية تسير بخطا حثيثة نحو الإصلاح ولكن على عكس ما من شأنهم أن يفكروا فيه، فإن ما يحرك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وقطر والسعودية ليس البرنامج الذي يروجونه لسورية بل يريدون بشتى الوسائل التوصل إلى قرار أممي يتيح لهم حربا إقليمية وهم يلبسون ربطات العنق والثياب الملأى بالعطور ولكن بقمصان نازية بنية اللون، أو بلباس أبيض مع عقال على الرأس «صنع في إسرائيل» مع وجوه اسودت يوم ابيضت أخرى.
والاتحاد الأوروبي الذي صعّد عقوباته على الشعب السوري تماهياً مع التصعيد العدائي للجامعة العربية وانتهاكها للسيادة الوطنية يعين ممثلاً جديداً له هو الألماني أندرياس راينكه لتحقيق « أهداف الاتحاد الأوروبي السياسية في المنطقة:، وعلى زعم أوروبا أن راينكه» سيلعب دورا مهما في جهود أوروبا الساعية إلى إعادة الأطراف المعنيين إلى طاولة الحوار»، ولكن ليس بالطبع للعمل الحثيث لإعادة السلام إلى ربوع المنطقة، بل كسر شوكة دول المقاومة ودفعها قسراً إلى طاولة الحوار عن طريق طرح المشاريع تباعاً في مجلس الأمن لاستهداف سورية في الوقت الذي يضرب الإرهابيون الذين زرعوهم عبر تركيا ولبنان السكان الآمنين بقذائف الهاون ويستهدفونهم بالعبوات المتفجرة في ربوع سورية.