تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الدرع الصاروخي والتكامل الاقتصادي الأوراسي

دراسات
الأحد 29 -1-2012
هيثم عدرة

المعطيات الدولية والوقائع على الأرض تعطي مؤشرات ودلائل حول الخلاف الجوهري في التعاطي بالملفات الساخنة على الساحة الدولية بين الولايات المتحدة وروسيا من جهة ,وبين الناتو

وشركاء روسيا من جهة أخرى ,وهذا مايعبر عنه عبر مظاهر مختلفة منها على سبيل المثال موضوع الدرع الصاروخي وتعامل الناتو الواضح من خلال عدم تقديم ضمانات لروسيا في هذا المجال والاكتفاء بالوعود الشفوية ,ولذلك يرى البعض أنه يمكن أن تنسحب روسيا من معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية فيما لو صعد الناتو خطواته باتجاه تنفيذ الدرع الصاروخية ,ويمكن القول إن تطور الأحداث بهذا السياق يعني سباق تسلح والابتعاد شيئا فشيئا عن الأجواء الايجابية في مايخص العلاقات الروسية الأميركية .‏

إن استئناف المفاوضات والتي تتصف بالموضوعية ويكون لها أبعاد على المنظور القريب والبعيد وذات قيمة بين واشنطن وموسكو حول موضوع الدرع الصاروخي تبدو ضعيفة,في ظل رفض الحلف الأطلسي إعطاء ضمانات بأن الدفاعات الصاروخية والتي بدأت خطواتها بشكل عملي ليست موجهة ضد روسيا ,ويبدو أن المعطيات لاتبشر بالوصول إلى حلول واضحة,وهذا يطرح سؤالاً مهماً حول تصرف موسكو إن كان في أوروبا أو تركيا؟.‏

ولابد من القول إن شبكة المضادات الصاروخية التي بدأت الولايات المتحدة بشكل فعلي على نشرها في عدد من الدول الأوروبية وتركيا تشكل بحد ذاتها أكبر مشكلة تواجه العلاقات بين موسكو وواشنطن,(ويبدو أن هذا المشروع يثير قلقا متصاعدا لدى موسكو باعتبار أن الدرع الصاروخية الأوروبية يمكن أن تشكل في المستقبل خطرا على الصواريخ البالستية الروسية ).‏

ويرى بعض المراقبين أن لروسيا وإيران مصلحة متبادلة في إيجاد ثقل مقابل لمواجهة العلاقات الاستراتيجية المتصاعدة بين الولايات المتحدة وتركيا ,ويعتبر تدشين محطة بوشهرمؤخرا ًوالتي تعتبر أول محطة كهرزرية في الشرق الأوسط يصب في هذا الاتجاه الذي نتحدث عنه وهو تصاعد الأجواء الايجابية في مايخص العلاقة الروسية الإيرانية .‏

سياسة الأمر الواقع التي تنتهجها الولايات المتحدة تثير السخط من الجانب الروسي وتعتبر أن مثل هذه الأفعال ستنعكس بشكل سلبي على الأمن والاستقرار في العالم من جهة وفي أوروبا والمحيط الهادي على وجه الخصوص .ً‏

إن تعثر موضوع التفاهم بشأن الدرع الصاروخية سيترك أثراً سلبيا حول العلاقة الأميركية الروسية وآفاقها المستقبلية وسيزيد من حدة الخلافات بكيفية التعامل مع الملفات على الصعيد العالمي في ظل التعاطي الأميركي بذهنية القطب الواحد أو تعتبر نفسها قيصر العالم , في حين يرى بعض المحللين أن هذه المعطيات التي تعيش بأوهامها الولايات المتحدة قد ولت إلى غير رجعة.‏

في ظل هذه الأجواء الدولية الملبدة بالغيوم والتي صورتها لم تتضح بعد ,تحاول روسيا أن تسير بخطوات واثقة في المجال الاقتصادي عبر صيغ التكامل من خلال الاتحاد الأوراسي ليشكل حالة مستقبلية تعرف روسيا أبعادها الايجابية إن كان على المدى القريب أو البعيد ,وهذا يجعلنا نتحدث عن آفاق مشروع المنطقة الاقتصادية المشتركة والتي ضمت كلا من روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان (والتي سيبدأ العمل بها اعتبارا من أول كانون الثاني, وبالطبع ذلك سيؤسس الإطار الفعلي لانطلاق شكل تكاملي جديد في الاتحاد الأوراسي),ويفترض أن تتفادى هذه الجهود الاندماجية إن صحت تسميتها والتي تعتبر مهمة جدا أخطاء الاتحاد الأوروبي برأي بعض المحللين والتي وضعت بعض أعضائه أي الأ تحاد الأوروبي على شفا الانهيار المالي .‏

وثمة آراء نسمعها في هذا الإطار ومنها على سبيل المثال (رأي يقول إن مشروع الاتحاد الاقتصادي بين روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان وانفتاحه على دول أخرى إنما يتسم بطابع سياسي أكثر مما هواقتصادي , وان المكونات الاقتصادية فيه قد تكون رهنا بالأوضاع السياسية في كل بلد من البلدان الأعضاء ) , وهذا المفهوم بالطبع يجعله يتلافى أخطاء التجربة الأوروبية والتي تعاني من العواقب السلبية للازمة المالية العالمية وخصوصا فإن عددا من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باتت على حافة الإفلاس والأسباب تعود بمعظمها لعدم التقيد الصارم بالانضباط المالي من جانب جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي .‏

مهما يكن من أمر فإن لكل تجربة خصوصيتها والنجاح والفشل يرتبط بمعطيات عديدة قد تتغير أو تتبدل ,ولكن يمكن القول: إن روسيا بدأت بشكل عملي ترتب أوراقها السياسية والاقتصادية والعسكرية عبر جملة إجراءات يراها بعض المتابعين أنها تشكل بمثابة أسس راسخة لفرض معطيات على ارض الواقع لها دلالات وتأثيرات اقتصادية مقابل الاتحاد الأوروبي الذي يبدو انه يعاني من مخاطر عديدة في مقدمتها حالات الإفلاس التي قد تطال دولاً عديدة فيه تهدد مستقبله بشكل عام ,وتقوم روسيا بفرض واقع عسكري على الأرض مقابل حلف الناتو بالإضافة إلى معطيات جغرافية تشكل حالة من الوقوف في وجه أطماع الولايات المتحدة وحلف الناتو والتأثير المباشر وغير المباشر على المصالح الحيوية والاستراتيجية لروسيا وأصدقائها‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية