إلى حدّ التطاول على من أكبر منهم قدراً وحجماً ، بشرياً ومعنوياً ، ليصنعوا من أنفسهم حماة للعروبة غيورين / ناصحين للأشقاء، كما يزعمون ، وهم في واقع الأمر متآمرون ومتدخلون ، يحشرون أنوفهم عديمة الإحساس في شؤون بعض الدول العربية ، العريقة في تاريخها الحضاري والقومي ، يوم كانت ( قطر ) مرفأ تجارياً على المحيط العربي في خدمة الاستعمار البريطاني .
وحتى عندما استقلت ( دولة قطر) في السبعينات من القرن الماضي، لم تكن سوى ( إمارة) صغيرة على خارطة الوطن العربي ، بسكان لا يتجاوز عددهم الربع مليون نسمة، وما زالت بمساحتها وعدد سكانها الذين لم يتجاوزوا المليون ونصف المليون في عام 2011 . ومع أنها خرجت من الحماية الاستعمارية البريطانية / القديمة ، فقد انتقلت إلى التبعية الاستعمارية الأمريكية / الجديدة ، حيث تحولت إلى أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة ، وإلى مركز للأمن القومي الأمريكي من أجل حماية المصالح الأمريكية في المنطقة العربية وما حولها . وبذلك أصبحت قطر ذراع الاستعمار الجديد للهيمنة على المنطقة تحت غطاء ما يسمى (مشروع الشرق الأوسط الجديد ) .
وها هم أمراء قطر المؤتمِرون بالسياسة الأمريكية، يعتقدون واهمين أن بإمكانهم تزعّم الأمة العربية ، فيتآمرون على دولها وشعوبها، لتنفيذ أجندات المشاريع الأمريكية- الصهيونية المرسوم للمنطقة ؛ ويسمحون لأنفسهم الآن التدخّل بحماقة مكشوفة ، في شؤون الدول العربية تحت غطاء الجامعة العربية ، كما فعلوا في العراق وليبيا ، وكما يحاولون فعله الآن مع سورية من خلال دعم العصابات الإرهابية بالمال والسلاح ، ومن خلال فرض قرارات عربية جائرة بحق سورية ، دولة وشعباً ، بدءاً من تبنّي خطة عربية إلى البروتوكول لإرسال مراقبين عرب إلى سورية ، وأخيراً بدعة إرسال قوات ( ردع ) عربية إلى سورية ، وانتهاء بالترويج لتدويل الأزمة السورية وإرسال الملف إلى مجلس الأمن .
وهذا ما أفصحت عنه تصريحات الأمير الصغير /حمد / وزير الخارجية القطري ، بعدما أصيب بخيبة أمل في اجتماع لجنة الجامعة العربية الخاصة بمتابعة الوضع في سورية (10/1/2012 ) ، وذهب إلى سيدته / هيلاري كلينتون ، للشكوى والاستجداء ، ومن ثمّ تصريحات أميره الكبير /الحمد/ قاتل أبيه ومغتصب سلطته، بضرورة إرسال قوات عربية لوقف إراقة الدماء في سورية ، وهو يعرف تماماً أنّ له الباع الكبير في استمرار المأساة السورية .
ويأتي ذلك كلّه ضمن مخطط الضغط على سورية بقصد زعزعة أمنها واستقرارها، وإضعاف نظامها العربي القومي المقاوم لمشاريع الهيمنة والاستسلام ، وبالتالي تسهيل تنفيذ المشاريع الأمريكية-الصهيونية في إعادة رسم خريطة المنطقة العربية لصالح الكيان الإسرائيلي الصهيوني ، تحت مزاعم خادعة ومكشوفة ، من نشر الحرية والديمقراطية .
ولكن الأمراء القطريين ، ولا سيّما الحمدان ، نسيا أو بالأحرى تنكّرا إكرام سورية لهما ، وهذا ليس من شيم العرب، وغدرا بها إذ تجاهلا عن قصد أو عن غير قصد ، حجم سورية السياسي والمعنوي ، وقدرها الوطني والقومي والإقليمي ، بل والدولي أيضاً ، حيث أصبحت قوة سياسية واقتصادية لها موقع متميّز في كلّ ما يتعلّق بشؤون المنطقة العربية وما يسمّى بـ ( الشرق الأوسط ) . كما نسي هؤلاء الأمراء القطريون (القطْريون) بتسكين الطاء ، عراقة الشعب السوري الأصيل بانتمائه العربي ، وبصموده الصلب في مواجهة كل التحديات والتهديدات التي تتعرّض لها الأمة العربية ، على مرّ العصور التاريخية ، فلم يكن إلاّ أبيّاً ، شامخاً ومنتصراً ..
لقد كشف الشعب السوري حقيقة الدور التآمري المخزي الذي يقوم به أمراء قطر المأجورون ، ضد مواقف سورية القومية ووحدتها الوطنية ، ولن تنطلي عليه تصريحاتهم وتحركاتهم المشبوهة التي تصبّ في دعم عصابات المحتجين / الإرهابيين /، وفي الحرب الإعلامية التحريضية التي تمارسها قنواتهم المأجورة . وإذا كان الشعب السوري الكريم الصادق ، قد خدع بصداقة أمراء قطر ، بسبب القلوب الطيبة لهذا الشعب ونواياه الصافية تجاه الأشقاء والأخوة العرب ، فإنه يستنكر المواقف المشينة لهؤلاء الأمراء ، ويرفضها بالمطلق ، لأنّها تخالف الأخلاق العربية ،وكل المواثيق والاتفاقات العربية ، بما فيها ميثاق الجامعة العربية، ويطالب بطرد دولة ( قطر ) من الجامعة العربية ، لأنّها تعمل ضد المصالح العربية ، بل تتآمر على سيادة الدول العربية واستقلالها . وأخيراً ، ليقل هؤلاء الأمراء ما يقولون ، ويصرحون بما يريدون ، فلن تلقى أقوالهم وتصريحاتهم صداها إلاّ في أبواقهم الإعلامية ، لأنّ الشعب العربي السوري ، ومعه الغالبية العظمى من الشعب العربي ، قد كشف ممارساتهم وتضليلاتهم ، وهو يقف بحزم في وجه المؤامرة التي تحاك لسورية ، قلب العروبة النابض ، التي لم تهن يوماً أمام المحن والأزمات ، وستخرج من هذه الأزمة الحالية وهي أقوى في مواقفها القومية وفي وحدتها الوطنية التي تمثل الحصن المنيع لهذا الشعب العظيم ، الذي يعرف موقعه القومي ، وقدره الحضاري والإنساني .