فهل تنجح إسرائيل الآن في جر العالم إلى حرب مع إيران؟
كانت إسرائيل رأس الحربة في تقديم الدعم الاحتياطي للولايات المتحدة، كما ذكرت صحيفة الغارديان في ذلك الوقت : «قدمت إسرائيل أفكاراً جدية في ربيع هذا العام حول توجيه ضربة عسكرية لمواقع إيران النووية ،لكن الرئيس جورج بوش رفض الموافقة عليها، ولم نتوقع منه وجهة نظر كهذه لبقية فترة رئاسته « على حد قول أحد كبار الدبلوماسيين الأوروبيين لصحيفة الغارديان».
إن الإسرائيليين لم يرتدعوا عن إطلاق الطلقات الأولى للحرب العالمية الثالثة، و الآن يتحولون إلى طرق أخرى أقل مباشرة لتحقيق هدفهم . كما يوضح مارك بيري في تقريره لـ: foreignpolicy.com
فقد « قُدمت خلال السنوات الأخيرة من إدارة الرئيس جورج دبليو بوش ، سلسلة من المذكرات و دُفنت في أعماق أرشيف أجهزة الاستخبارات الأميركية ،و هي تصف كيف جنّد ضباط الموساد الإسرائيلي نشطاء ينتمون إلى جماعة جند الله الإرهابية ،و قُدموا على أنهم عملاء لأميركا . بعد أن انتحل إسرائيليون، بجوازات سفر و دولارات أميركية ، وفقا لاثنين من مسؤولي الاستخبارات الأميركية ، صفة ضباط وكالة المخابرات المركزية و عملوا على تجنيد عناصر جند الله .»
وأنتم تربحون رهان أن تلك المذكرات دُفنت عميقاً ، كيلا يكتشف الأميركيون أن «حلفاءهم المخلصين» يحاولون توريطهم في ارتكاب جرائم حرب.
إنَّ جند الله منظمة إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة ، قتلت المدنيين الإيرانيين في تفجيرات وهجمات أخرى داخل إيران . وهدفها الظاهر هو «تحرير» الإيرانيين والباكستانيين. ووفقاً للمذكرات ، جنَّد الإسرائيليون هؤلاء الإرهابيين في لندن ، حيث كان عناصر الموساد متنكرين في زَي ضباط وكالة المخابرات المركزية ،عندما التقوا مع مسؤولي جند الله.
«إنه لأمر مدهش أن الإسرائيليين كانوا يعتقدون أنهم قد يفلتون من تقرير ضابط الاستخبارات بيري .
«على ما يبدو أنهم لا يلقون بالاً بما نفكر به « بالطبع لا، ولمَ ينبغي عليهم ذلك ؟ بعد كل هذا التجاوز المُعطى لهم في كل مرة ! يأخذون منا «المساعدات الخارجية» بيد ، ويطعنوننا بالظهر باليد الأخرى.
ثم ماذا علينا أن نفعل حيال ذلك ، ؟ ليبقى الجواب : لا شيء أبداً : فلن تتغير القصة كثيرا هذه المرة. على حد تعبير بيري : «تعهد مسؤول كبير في الإدارة باتخاذ إجراءات صارمة مع إسرائيل... ولكن الولايات المتحدة لم تفعل شيئاً «.وتَحمَّل الجمود السياسي والبيروقراطية المسؤولية عن ذلك ! »
وأشار المسؤول الأميركي ذاته أنه من الأسهل ألا نفعل شيئاً بالمقارنة مع هز القارب «. وأن عملية الموساد تلك أثارت مناقشة مثيرة للانقسام بين أعضاء فريق بوش للأمن القومي .
أفترضُ هنا أنّ ما نسميه إلغاء المناورات العسكرية الأميركية الإسرائيلية المشتركة هو أكثر من لا شيء. رغم أن واشنطن ادعت توقف هذه المناورات رغبة في تخفيض حدة التوتر في المنطقة ، لكن ذلك لم يمنعها من توجيه سفنها الحربية إلى الخليج الفارسي. على أي حال ، إن إلغاء «التحدي الصارم 12» بالكاد يوقف الإسرائيليين عن متابعة خطتهم لاستفزاز الإيرانيين لمهاجمة المنشآت الأميركية في المنطقة. بعد كل شيء ، طالما ليست هناك عواقب كبيرة تصاحب سلوك الإسرائيليين السيئ ، فماذا سيخسرون ؟
لا يجرؤ الأميركيون على تأنيب تل أبيب أمام العلن ، فاللوبي الإسرائيلي هو رأس الهرم ، ويتسم الكونغرس الأميركي بأنه «الأرض التي تحتلها إسرائيل» و وفقاً للنظرة السياسية لـ بات بوكانان سيتم ،على الأرجح، اتخاذ قرار يدين الرئيس أوباما إذا تجرأ و خرج عن الخط. كما أن هذه الأموال في حملة الديمقراطيين الانتخابية لهذا الموسم مثيرة للقلق . لأن وضع الإسرائيليين في السقيفة الخشبية، سيثير غضب حقائب المال التي تشكل دعماً غير مشروط لإسرائيل .
إن الهدف التكتيكي وراء الدعم الإسرائيلي لجند الله بسيط ، فالتوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة وإيران تأخذنا بعيداً نحو طريق الحرب. كما أن رعاية الإسرائيليين لجند الله ، تشير إلى الاستراتيجية الكامنة لسياسة زرع الفوضى كلما وحيثما كان ذلك ممكنا. و إذا كانت الفكرة هي تفتيت الدول المجاورة لإسرائيل ، و الذهاب بها إلى حالة من الفوضى الداخلية، فإن أفضل طريق للمضي بذلك هو رعاية كل طائفة انفصالية تؤمن بالعنف .
« الدولارات الأميركية المتدفقة إلى من يحملون جوازات سفر أميركية» ، كما أشار بيري ، تأتي من جيوب دافعي الضرائب الأميركيين ، الذين يُجبرون على منح 3 مليارات دولار سنويا ك «مساعدات خارجية» لإسرائيل.
لا يمكن لإسرائيل أن تبادر بضرب إيران من تلقاء نفسها ، فهي بحاجة إلى الولايات المتحدة لتوجيه ضربة الموت ، وتنفيذ برنامج «تغيير النظام» على أرض الواقع.عندها فقط يمكن تحقيق هدفها المتمثل في الهيمنة الإقليمية. ولهذا السبب تقوم بتعبئة جميع مواردها ، بما في ذلك العديد من حلفائها السياسيين الأعلى صوتاً في الولايات المتحدة ، لسحب كل توقف للخطة، وإثارة حرب إطلاق النار بين الولايات المتحدة وإيران.
إن مثل هذا الحدث يؤدي إلى الانكماش الاقتصادي الذي من شأنه أن يخلق حاضراً مزدهراً نسبياً ، من المنظور الضيق للقومية الإسرائيلية المتطرفة. وهذا بالضبط ما يجعل الحكومة الإسرائيلية اليوم أكثر حكومةَ يمينٍ متطرفٍ منذ تأسيس الدولة اليهودية.
ينظر المتطرفون الإسرائيليون للأميركيين كعقبةٍ لا كحليفٍ قيّمٍ. و يتبعون استخدام القوة في إسرائيل ، في الحكومة وفي المجتمع ككل. ويدفعون الأصوليين إلى الفصل بين الأجناس، وتقوم الأحزاب الدينية بالحملات القوية لتوسيع «المستوطنات» ، و القيام بالمزيد من الاستفزازات لاستهداف الفلسطينيين المضطهدين.
هؤلاء هم حلفاؤنا و وكلاء «الديمقراطية الوحيدة» في الشرق الأوسط!
ألم يحن الوقت للنظر في «العلاقة الخاصة» مع إسرائيل بشكل مختلف ؟ خاصة أن أولئك الإسرائيليين يقفون مع مصالحهم الخاصة فقط ..و متى نتخذ نحن موقفاً لصالح بلادنا ومواطنينا ...؟