عين المجتمع.. أقارب.. أباعد
مجتمع الأحد 29 -1-2012 منال السماك كثيرة هي مشاغل الحياة و مسؤولياتها لدرجة أنها أفقدتنا تلك اللمات العائلية الدافئة التي كانت تجمع شمل أفراد الأسرة ،
فأخذتنا طموحاتنا وأحلامنا بعيداً عن التواصل الاجتماعي، و جرفنا لهاثنا الحثيث وراء لقمة العيش ، و تلبية متطلبات الحياة العصرية ، إلى شواطئ الاغتراب النفسي و العزلة الاختيارية ، و باتت الجلسات العائلية بين الفروع و الأصول ، و ما تحمله بين طياتها من تبادل للتجارب و الخبرات ، و تمتين لأواصر القربى، و ترسيخ للمحبة و المودة ، من ذكريات الماضي الجميل، الذي نذكره بحنين و نستحضره بكثير من الشوق لأيام خلت .
البعض انضوى ضمن قائمة المحافظين و تغلًب على تعقيدات الحياة العصرية ، و لم يستسلم لجنون التكنولوجيا و إيقاعاتها المتسارعة ، و ترك مساحة لا بأس بها لترميم شيء من التصدع الأسري ، الذي فرضه ضيق الوقت و تزاحم المسؤوليات و تدافع الواجبات اليومية ..و ما أكثرها ، و كانت اللقاءات الأسرية أمراً مقدساً و واجباً بالنسبة لهم ، وجزءاً من برنامجهم الحياتي ، بينما استسلم البعض لفتور تلك العلاقات ، و غرق في تفاصيل الحياة ، و انغمس في رحى العمل ، و اندس عميقاً بهمومه ، ما أنساه أنه جزء من أسرة لها عليه حق التزاور و التراحم.
لا وقت لدي .. عبارة تتردد على لسان من عزلوا أنفسهم في جزرهم النائية بعيداً عن الآخرين رغم قرب المسافات، و لكن عندما يتسع وقتهم و لو قليلاً ، يديرون ظهورهم ليطالعوا المحطات الفضائية ، أو للتواصل عبر الشات و مواقع التواصل الاجتماعي ، و التنقل بين صفحات المواقع الالكترونية ، و قد يحصل أن ينتزعوا أنفسهم من دوامة انشغالهم اللامتناهي لساعات قليلة ، و لكن ليس للقيام بزيارة أو تلبية دعوة ، بل لتأدية واجب عزاء لمن كانوا طي التجاهل و النسيان ، ليعودوا مجدداً للانغماس في عالمهم الخاص ، ليتعمق الشرخ بين الأقارب الأباعد ، فلا يعرف أبناء الأعمام و العمات والأخوال والخالات بعضهم إن التقوا مصادفة ، لأن لمة العيلة للأسف أصبحت لديهم من التقاليد المنقرضة ...
|