|
صراع أجيال .. أم صعوبات حياتية... الآباء والأبناء.. من منهم على حق?! شباب يواجهون الحياة بعزم وتصميم, نشجعهم كي يبدؤوا بالقيام بدورهم في بناء أنفسهم ومجتمعهم وخدمة وطنهم , لكن كل ما نراه دون المأمول. يقول الأبناء: ندرس, ونعمل بسن مبكرة ولكن في النهاية جميع الأبواب مغلقة أمامنا, لا أحد يعي متطلباتنا فما زالت عقولهم متحجرة وأفكارهم رجعية حتى إنهم يبقون متعلقين بشعارات عفا عليها الزمن, ورثوها عن آبائهم وأجدادهم. حول رأي الشباب السوري بمجتمعه ورأي المجتمع بالشباب كانت لي لقاءات مع شرائح متنوعة من كلا الطرفين في محاولة للبحث عن اجابات لتساؤلاتي: (جيل ثقافته محدودة) يقول المهندس (نبيل,ق) عن رأيه بشبان اليوم واهتماماتهم: لقد تراجعت الثقافة كثيراً في هذه الأيام حتى إنها تكاد تبطل فالجيل الجديد تحت سن الثلاثين يعتبر ذا ثقافة جد محدودة, إذ تنحصر اهتماماتهم بالموسيقا والفيديو كليب والموبايل كما لو أن الثقافة والعلوم قد اختزلت بأغانٍ رديئة. فهم دونما أي احساس بالمسؤولية تجاه أنفسهم أو حتى تجاه عائلاتهم, فعلى الرغم من التوجيهات والنصائح التي نقدمها لهم إلا أنهم يصرون على تطبيق المثل الشعبي القائل (أذن من طين وأذن من عجين). أيضاً السيد (ايهم, ن) مدير مبيعات وأب لولدين, يوافق المهندس نبيل الرأي فيحدثنا: إن هناك فجوة ثقافية كبيرة بين جيلنا وجيل الشباب فهذا الجيل كسول جداً ولا يعي قيمة الوقت أبداً, ولطالما تمنيت أن يقف الشباب ولو لمرة واحدة أمام نشرة أخبار أو حوار وثائقي إلا أنهم للأسف لا يتابعون سوى محطاتهم الخاصة التي تتوافق واهتماماتهم السطحية. أما (رضا) طالبة حقوق تدافع عن الشباب قائلة: إن مجتمعنا بعيد جداً عن شبابه واهتماماته حتى إن طريقة تعامله وتفكيره قد تصل في بعض الأحيان حد التخلف, فنحن لا يوجد من يواسينا أو يفهم متطلباتنا, إذ ليس هناك وعي عند المجتمع وإدراك لمشكلاتنا أو حتى معاناتنا ونحن نشعر بأننا مضطهدون. إذ إننا لم نعط فرصة لإثبات أنفسنا عن طريقها لذلك ينظر إلينا على أننا فاشلون, وكيف لنا اثبات العكس طالما لم يقرر هذا المجتمع منحنا هذه الفرص, وبهذا سوف نبقى في مكاننا لا نتحرك. مجتمعنا يخنقنا بتقاليده وتقول هديل وهي طالبة آثار ومتاحف: إن مجتمعنا السوري رغم اهتماماته بالغرب, والحرية, والشباب فهو برأيي لا يتمثل أياً من تلك القيم فهو محاط بقيود غالباً ليس لها مبرر سوى خوف دفين أسبابه وجذوره قديمة, وأصبحت مجهولة ومنسية, فأنا كشخص لا استطيع أن أقوم بأي شيء على الاطلاق دون موافقة المجتمع حتى بأصغر تفاصيل حياتي الخاصة كالحب والزواج والدراسة مثلاً, حتى إنني بت أفكر بالسفر فقط لأتخلص من قيود وأحكام هذا المجتمع وأفراده. أيضاً الشابة (لبنى , ع) طالبة بكالوريا تتحدث بشيء من السخرية قائلة: إن مجتمعنا متخلف بعض الشيء بطريقة تعامله مع الشباب وخاصة في علاقاتهم الشخصية, فنحن في مجتمع لا يتقبل الخطأ مهما كان حجمه فهو لا يرحم مرتكبه أبداً ونحن كشباب لسنا على قدر كبير من الوعي كي لا نخطىء. وبذلك نبقى مضطهدين من قبل مجتمعنا الذي يفرض قيوداً جمة علينا ولا يزال متمسكاً بشرقيته بشكل كبير, أيضاً فالشباب في مجتمعنا يبحثون طويلاً عن عمل, وما أراه هو أن أي شخص أنهى دراسته بحاجة إلى واسطة حتى يعمل في أحد المجالات المحترمة التي تحفظ له ماء وجهه. فأحوالنا المادية جد سيئة, كما أنه ليس هناك أي عدالة أو توازن في توزيع الفرص, ما يدفع بعض الشباب إلى الرشوة والنصب حتى يعيشوا حياتهم. تضيف السيدة (حنان,د) محامية قائلة: بالنسبة لمجتمعنا في الوقت الحالي فالشباب فيه يحاولون تكوين أنفسهم وتطويرها إلا أنهم لا يجدون من يشدهم أو يساعدهم لبناء أنفسهم, فعلى سبيل المثال: شاب درس الطب أو المحاماة وأكمل دراسته ومن ثم تخرج, تراه يقف أمام أكبر مشكلاته وهي ضيق ذات اليد التي تجعله عاجزاً عن فتح عيادة أو مكتب صغير يبدأ به حياته, فإذا أخذنا احصاءات حول من يسمون أنفسهم بالطبقة الوسطى من شبابنا نجد أن همهم الأكبر تجميع المال كي يستطيعوا بواسطته تأسيس منزل صغير. الفقر أكبر العقبات الشاب (برنار,م) يعمل صاحب محل موبايلات, لم ينصفه مجتمعه فقد اضطر لترك الدراسة وممارسة العمل بسبب ضيق أحوال عائلته المادية, يخبرنا قائلاً: إن الشباب في مجتمعنا لا يمنحون حقوقهم كاملة فأنا أضع الحق على المجتمع في عدم اتمام دراستي فلو أن هذا المجتمع يمنح فرصاً متساوية لما وصل إلى هنا, ومعظم الشباب اليوم مثلي يعملون ساعات إضافية حتى يحصلوا على لقمة عيشهم, ورغم عملهم المتواصل فمردودهم ليس كما يجب. وكنت أتمنى لو أن مجتمعنا كبعض المجتمعات الغربية يأخذ بيد شبابه ويساعدهم, لكن هنا للأسف (كل شخص حسب شطارتو). السفر هاجسهم (عروة,ي) طالب ترجمة ويعمل في استديو يقول: أنا وجدت عملي ممتعاً كونه يمس إحدى هواياتي وكنت أعاني من عدم توفر فرصة عمل بسهولة وبما أنني أدرس اختصاص الترجمة في التعليم المفتوح كان لابد لي أن أجد عملا يتفق مع الوقت ومصاريف الجامعة.. ورغم ذلك فقد شعرت بأن استمراري في عملي لن يكون مرضيا بالشكل الذي يخدم استقراري ومستقبلي, لذا لطالما تمنيت أن أسافر خارج البلاد باحثا عن فرصة لربما تجعلني أبني نفسي وأصنع مستقبلا زاهرا يرضي طموحي. سألنا السيد مدير مديرية الصحافة والاعلام في محافظة دمشق السيد انطون ستار عن رأيه بشبابنا اليوم والفرص الممنوحة إليهم, أجابنا: لا يمكن التعميم على جميع شباب اليوم بأنهم لا يعون المسؤولية, أو أن ليس لديهم اهتمامات مفائلة, لكن يمكننا القول إن شبابنا يعيشون معاناة عديدة منها البطالة والتفكك الأسري واللا مبالاة والاحباط, واذا اردنا الانصاف نجد أن هناك نسبة كبيرة من شبابنا لديهم أحاسيسهم بالوطن والمسؤولية واهتماماتهم كبرى لتحقيق تطلعاتهم, إلا أنهم يصدمون غالبا بعوائق يجب تجاوزها وعدم الوقوف عندها.
|