تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أفول الولايات المتحدة بات وشيكاً

الغارديان
ترجمة
الأثنين 5-3-2012
ترجمة: خديجة القصاب

لم تشهد السياسة الأميركية اي تغيير على صعيد فرض هيمنتها على العالم حتى لو استدعى الامر استخدامها لقوة السلاح لتحقيق هذه الغاية , فالسنوات التي استخدمت فيها واشنطن سياسة القوة اعقبتها مخاوف انتابت الشارع الأميركي من غرق الولايات المتحدة في دوامة انهيار اقتصادي فضلاً عن هزائم منيت بها القوات الأميركية في مناطق متفرقة من العالم.

فعلى امتداد العقد الماضي ولأول مرة منذ 500 سنة وهو عمر العالم الجديد شقت دول أميركا الجنوبية مكانة لها تحت شمس التحرر والتخلص من الهيمنة الغربية ما شكل صفعة موجهة للولايات المتحدة التي خسرت حديقتها الخلفية تباعاً وها هي دول أميركا الجنوبية تتجه نحو مزيد من التكامل فيما بينها مع ابتعادها عن النفوذ الأميركي سواء كان ذلك على الصعيد الاقتصادي أو التجاري أو على صعيد الطاقة اذ راحت تلك الدول تعالج مشاكلها الداخلية الشائكة التي لازمتها منذ سيطرة الاستعمار الأميركي على مقاليد امورها وهيمنة المصالح الاوروبية ونخبها على الحياة السياسية في تلك الدول علماً أن أميركا الجنوبية غنية بالثروات على اختلاف انواعها. وكانت مجتمعات أميركا الجنوبية تعيش مآسي حياتية ويومية إلى أن تمكنت بعد جهود مضنية من الانسلاخ عن التبعية الأميركية فأغلقت القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة فوق اراضيها مؤخراً هذا الى جانب تخلصها من سيطرة صندوق النقد الدولي على اسواقها المالية ليتمخص عن تلك الخطوات انبثاق منظمة تم تشكيلها حديثاً ويطلق عليها اسم «سيلاك» وتضم دول الأميركيتين باستثناء كل من الولايات المتحدة وكندا وفي حال تمكنت تلك المنظمة من القيام بالدور المنوط بها واصبحت فاعلة على ارض الواقع فعندها ستسجل تلك العملية خطوة اخرى على طريق انهيار الحديقة الخلفية للولايات المتحدة وتراجع نفوذها في تلك المنطقة من أميركا الجنوبية . هذا وتعتبر خسارة الولايات المتحدة لدول المينه وتضم الشرق الاوسط وشمال افريقيا الاكثر ايلاماً بالنسبة لواشنطن لأن دول المينه تمثل حسب رؤية واضعي الخطط الاقتصادية الأميركية منذ اربعينات القرن الماضي قوة استراتيجية هائلة واحدى الضرائب الباهظة الثمن التي يتم تسديدها في تاريخ الانسانية ، من هنا جاءت عبارة قصيرة لخص فيها «آي اي بارلي» وكان يعمل مستشاراً للرئيس الأميركي الاسبق روزفلت مكانة وأهمية دول المينه بقوله: ان إحكام سيطرتنا على احتياطي موارد الطاقة في دول المينه سيؤدي الى هيمنة حقيقية وجوهرية على العالم اجمع.‏

ويستطردتشومسكي قائلاً :كي نفهم ما طرح سابقاً علينا ان نعي كيف توخت طرح استقلالية الطاقة الأميركية المعتمدة اصلاً على مصادر تلك الطاقة الموجودة في أميركا الشمالية ترجمة تلك الطروحات على ارض الواقع مما سيؤدي الى تراجع إحكام سيطرة واشنطن على دول المينه الى حدما علماً انه لا يمكن تجاهل مكانة تلك الدول على هذا الصعيد لذلك جاء اهتمام الولايات المتحدة لتحقيق هذه السيطرة على دول المينه قبل حصولها على مصادر طاقة تلك الاخيرة.‏

اما ما يطلق عليه اليوم من مصطلح «الربيع العربي «يعتبر تطوراً تاريخياً على قدر من الاهمية في المجالات السياسية والاجتماعية وقد يؤدي هذا التحول الى خسارة دول المينه لعائداتها النفطية التابعة للشركات الأميركية بشكل مرحلي رغم مساعي كل من الولايات المتحدة وحلفائها تجنب الوصول الى هذا الطريق المسدود. ويتمثل النهج السياسي الذي تتبعه واشنطن وحلفاؤها بدعم القوى الاكثر اذعاناً للسيطرة الأميركية من خلال تعمد واشنطن التأثيرعلى عدد من القادة العرب فتقدم لهم الدعم طالما باستطاعتهم الحفاظ وحماية نفوذها في دولهم، بالنسبة لمصادر الطاقة هناك كما هو عليه الحال في الدول الرئيسة المنتجة للنفط في العالم العربي لكن عندما تعجز عن تحقيق هذا الهدف تلجأ واشنطن الى التخلص من هؤلاء الحكام وابرز مثال على ذلك ما حصل مع كل من الرئيس التونسي بن علي والرئيس المصري مبارك وبات مثل هذا المشهد مألوفاً منذ ان عمدت واشنطن للتخلي عن سموزا وماركوس وموبوتو وسوهارتو وسواهم من الحكام في انحاء متفرقة من العالم وهذا ما حصل مؤخراً كذلك في ليبيا عندما عمدت واشنطن وحلفاؤها في حلف الناتو التخلص من الرئيس القذافي لتمهد الطريق أمام إحكام سيطرتها على مصادر ثروات هذا البلد وفي مقدمتها النفط كذلك الأمر بالنسبة للمياه وقد اندلعت حرب المياه ليس فقط في شمال افريقيا وانما ايضا في الشرق الاوسط وتصب تلك الحرب في مصلحة الشركات الغربية وفي مقدمتها الشركات الفرنسية لتشكل ليبيا بالنسبة للغرب قاعدة لتتحكم الولايات المتحدة بالقارة الافريقية وتسيطر على ثرواتها وبالتالي الحيلولة دون الحضور الصيني المتنامي في تلك القارة مع محاولة اختراقها لهذا الحضور الاقتصادي الصيني.‏

عند الاطلاع على الاختبارات التي أجريت حول آراء الشارع في دول المينه وقامت بها وكالات استطلاعات الرأي التابعة للولايات المتحدة على امتداد دول المينه كشفت المخاوف التي تساور الغرب من تفشي الديمقراطية في دول تلك المنطقة حيث يصبح الرأي العام في تلك الدول اشد تأثيراً في الحياة السياسية والاقتصادية .‏

 بقلم: نعوم تشومسكي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية