تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حين تستخدم الثروات النفطية لتنفيذ أجندات سياسية خارجية

شؤون سياسية
الأثنين 5-3-2012
هيثم عدرة

هذا الموضوع يعتبر بداية للدخول إلى قضايا كثيرة لها انعكاسات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من جراء امتلاك الثروة النفطية ,

وطبيعة الأطماع التي تبدأ بأشكال مختلفة وفي النهاية المراد هو السيطرة على هذه الثروة عبر أشكال مختلفة ومتنوعة , وهذا يجعلنا نقول كيف تصبح نعمة امتلاك الذهب الأسود في بعض الأحيان نقمة على أصحابها , وبدلا أن تتحقق قفزات نوعية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي أو السياسي نرى في بعض الأحيان العكس كما يحدث في بلدان الخليج العربي والتي تعتبر من الناحية الشكلية تبدو مستقلة , ولكن من حيث الواقع تعتبر محتلة أي لاتملك قرارها والقواعد العسكرية نراها فيها كيفما اتجهنا .‏

وهذا يجعلنا أمام سؤال مهم وهو ماهو تأثير هذه المفارقة على واقع المؤسسات السياسية والايديولوجية في الدولة الغنية بالموارد ؟ وهل يجب بالضرورة التخلص من لعنة الموارد أم انه لاداعي أصلا للمبالغة في عواقبها غير الصحية على التنمية الاقتصادية .‏

هي مجرد مجموعة أسئلة تتبادر إلى الذهن يمكن التعامل معها ودراستها للوصول إلى انعكاساتها على جميع المستويات سلبا أم إيجابا .‏

علينا أن نأخذ مثالا واضحا في منطقة الشرق الأوسط ألا وهو إيران الغنية بالموارد ومنها الموارد النفطية بجميع أنواعها وأشكالها ونرى كيف حققت قفزات نوعية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وعلى نطاق البحوث المتقدمة في مجال الطاقة الذرية واستخدامها واستغلالها للأغراض السلمية وأضحت لها موقعها الجو سياسي على صعيد المنطقة , وهذا يعتبر مثالاً واضحاً على أن الثروة النفطية تعتبر ركيزة مهمة للارتقاء والتطور في جميع المجالات عندما يكون قرار الدولة التي تملك هذه الثروة نابعاً من قناعاتها وتتمتع بقرارها المستقل , أما عندما لاتملك شيء فهي بالتأكيد لاتملك الثروة وبنفس الوقت لاتملك قرارها الوطني والأمثلة في هذا الإطار كثيرة ومتعددة على نطاق مايجري في دول الخليج وتمركز الثروة في يد أعداد قليلة تنفق على اللهو والمتع الشخصية بينما الفقر يكون بمستويات متدنية في بعض هذه الدول , عداك على أنها لاتملك من قرارها شيئاً .‏

فهي عبارة عن دول مهمتها إنتاج النفط وحمايتها تقع على عاتق الولايات المتحدة عبر قواعدها العسكرية المنتشرة فيها وتعتبر هذه القواعد منصات للانطلاق والاعتداء في أكثر الأحيان كما جرى أثناء الحرب على العراق .‏

نعود للحديث عما كنا نريد تسليط الضوء عليه : لابد من التنويه إلى انه توجد مجتمعات كثيرة ليس لديها ثروات دفينة باهظة الثمن تشكل بمجملها حالة ايجابية تنعكس على مجمل تفاصيل الحياة في تلك المجتمعات , وهذا يعود إلى الطريقة المتبعة والإجراءات والبرامج الكفيلة بتشكيل حالة من النمو الاقتصادي التي بدورها تشكل عامل استقرار على الصعيد السياسي وإيجاد حالة من التوازن في توزيع الدخل ,ويمكن أن تكون هذه المجتمعات تتميز بمساحات قليلة ولكننا نراها ناجحة في الميدان الزراعي أو ناجحة بالمكونات التكنولوجية أو ...الخ ,والأمثلة في هذا الإطار عديدة وكثيرة على نطاق دول موجودة .‏

وهذا يجعلنا نناقش الموضوع بشكل إيجاد مقاربة حول واقع من يمتلك الثروة النفطية، وانعكاس ذلك على مجمل تفاصيل الحياة على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي .‏

تقول نظرية الموارد الطبيعية التي هي مثار جدل كبير , ( إن حيازة بلد ما لثروات طبيعية ضخمة لاسيما النفط غالبا ما تؤدي ليس إلى الازدهار بل على العكس , حيث تساهم في بعض الأحيان إلى إيجاد حالة من التخلف على صعيد النمو الاقتصادي , والى التفاوت الاجتماعي والفساد وأشكال أخرى ) كثيرة ليست هي مجال حديثنا , فالكثير من الدول النامية المصدرة للنفط والغاز والماس والخامات الطبيعية الأخرى عاجزة عن الاستفادة الفاعلة من عائداتها التصديرية ويتكرر هناك وضع مماثل نراه في كل مكان , النخبة الحاكمة التي تتصرف بالثروة النفطية , والفئات المتعاونة معها من رجال الأعمال الذين يحصدون الأرباح الفاحشة, وتعيش حياة البذخ ولنقل البطر بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى فيما يحرم السواد الأعظم من السكان من الخيرات والازدهار ويفتقرون إلى أبسط الخدمات.‏

ويمكن القول: إن التبدلات الايجابية في هذه البلدان التي نتحدث عنها في الميدان الاقتصادي والاجتماعي تتم عادة بمنتهى البطء , كما يتباطأ تطور الطاقات البشرية , وفي بعض الأحيان يتفاقم التخلف التقني, إلا أن بعض الاقتصاديين يقيمون آفاق البلدان الغنية بالنفط والموارد التصديرية الأخرى ليسى بهذا القدر من التشاؤم ,فهم يفترضون أن اقتصاديات البلدان المصدرة للخامات ربما كانت في حال أفضل من غيرها في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية .‏

يبقى أن نشير إلا أن الثروة النفطية عندما تمتلكها دولة صاحبة قرار ينعكس ذلك على واقعها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي , وعندما يكون العكس تكون هذه الثروة نقمة على الشعوب , ويكفي أن نقول ماذا استفادت البلدان العربية من ثروات النفط في الخليج , نقول لاشيء لان الفائدة أو التطور مرهون بالقرار الوطني واستقلاليته أولا وأخيرا , لذلك نرى واقعا عربيا مليئاً بالتناقضات وتوجد بلدان فقيرة بمواردها حققت استقلالية في قرارها جعلها تتفوق على الكثير من البلدان الغنية بالنفط!؟.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية