تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حقـوق الإنسـان.. والتباكـي الأميركي

شؤون سياسية
الأثنين 5-3-2012
غسان العزامي/ صحفي عراقي

جرت العادة أن تكون تقارير الولايات المتحدة الأميركية حول حقوق الانسان في دول العالم انتقائية، أي توجه الانتقادات بصوره رئيسيه الى الدول التي تقف في مواجهة السياسات الأميركية فقط، اما اذا كنت موالياً لأميركا وتابعاً لها فافعل ما تشاء وهذا ما حصل في الجمعية العامة للأمم المتحدة ثم في مجلس حقوق الانسان.

ان ترويج الافتراءات والاكاذيب والتشويه والتزوير والتحريض وتبني ادلة وتقارير مزيفة التي يصوغها الاميركان والصهاينة وعرب الجنسيه، كل ذلك للتعتيم على السلوك الصهيوني والأميركي الاجرامي الفعلي والخروج من الازمات والارتباكات الاجتماعية والاقتصادية ان مثل هذا الكذب والافتراء لا يمكنه من التأثير على سورية وارهابها.. فقد رفضت سورية بشكل قاطع كل الادعاءات التي وردت في بيان المفوضه السامية لحقوق الانسان (نافي بيلاي) الأخير حول سورية، جاء ذلك في رسالة وجهتها وزارة الخارجية والمغتربين إلى المفوضية السامية لحقوق الانسان رداً على الادعاءات التي اطلقتها المفوضه السامية لحقوق الانسان في بيان تلته امام جلسه للجمعيه العامه للامم المتحدة. وجاء في رسالة الخارجية ان سورية ترفض بشكل قاطع كل ما ورد في بيان المفوضية السامية لحقوق الانسان من ادعاءات جديدة حول سورية تضاف الى تاريخ المفوضه في التعامل مع سورية منذ بداية الاحداث فيها.‏

ان عقد جلسة خاصه حول سورية جاء تلبية لدوافع مصطنعه والعمل على استخدام التدخل الانساني كذريعة للعودة الى عهود الاستعمار والانتداب والتلاعب بمصير الشعوب.‏

إن تاريخ الولايات المتحدة الأميركية بمجمله يمثل سلسله من الاخطاء الفادحة والمدمرة، بل سلسله من الجرائم البشعة بحق الشعوب كما في هيروشيما وناغازاكي وفي كوريا وفيتنام وفي العديد من بلدان العالم. لقد كانت هناك اخطاء وجرائم أميركية تتفاوت بشاعتها وفداحتها ففي فلسطين ولبنان وسورية والصومال واليمن ثم افغانستان والعراق واخيراً ليبيا، وسيبقون يرتكبون جرائم مماثله ولاسباب عديده.‏

لقد كانت الولايات المتحدة ولا تزال ضالعة في الكثير من الحروب والتآمر على شعوب العالم المتطلعة صوب الحريه والاستقلال منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الآن، وقد اودت هذه السياسه بحياة الملايين من البشر وجلبت على الانسانية الخراب وانتهكت حقوق الانسان، ان هذه الدوله تعد حق الشعوب في الدفاع عن نفسها وكرامتها ووجودها واستقلالها ارهاباً..‏

وهنا نتساءل ألا يعد ارهاباً اصرار الإدارة الأميركية على فرض العقوبات الاقتصادية والصحية على الكثير من الدول، واستخدامها اسلحة اليورانيوم والاسلحة المحرمة، واستخدامها القوه المسلحه ضد المدنيين بحجة حماية هذه المناطق وايوائها وتمويلها وتسليحها لمجموعات ارهابية وتحريضها على التمرد المسلح ضد بعض الحكومات والدول ودعمها السياسي والعسكري للكيان الصهيوني المحتل وقتلة المدنيين الفلسطينيين العزل. بعد ان اصبح واضحاً للرأي العام العالمي حقيقة الجرائم التي ترتكبها تلك الادارة والتي تمثل بمجملها انتهاكاً فاضحاً لحقوق الانسان وميثاق الامم المتحدة وانها هي التي تعرّض الأمن والسلم الدوليين إلى الخطر جراء انفرادها وتحكمها بمصائر الشعوب.‏

إن اصرار الادارة الأميركية على التعامل مع اغلب دول العالم بما فيها حلفاؤها القريبون والدول الخاضعة لها بعنجهية وغطرسة بغية فرض هيمنتها ومعاييرها الخاصه بحقوق الانسان واحباطها للمساعي الراميه لاحلال الحوار والتفاهم بين الدول وبما يسهم في تعزيز تلك الحقوق اصبح مصدر ازعاج وتساؤل هذه الدول عن التصرفات غير المسؤولة للادارة الأميركية. إن شعوب العالم كافه مدعوة للتعبير عن رأيها ورفضها بصراحة ازاء ما تصدره الإدارة الاميركية من تقارير موتوره تتضمن ادعاءات ومزاعم تهدف إلى الاساءة للدول ومصادرة حقوقها المشروعه في الحياة والحريه والدفاع عن النفس.‏

من لا يحترم التزاماته في مجال حقوق الانسان ويمارس انتهاكات صارخه لهذه الحقوق لا يملك الحق في تنصيب نفسه مدافعاً عنها، لا سيما وانه يريد ان يكون الوحيد الذي يملك هذا الحق، ومن هي الولايات المتحدة كي تنفرد باصدار تقارير حول حقوق الانسان، وهل هي مثال للالتزام بهذه الحقوق التي تدافع عنها؟‏

ان دول العالم لم تعد تثق بالولايات المتحدة الأميركية بعد أن تأكد لهذه الدول أن واشنطن لم تخرق تعهداتها امام الدول الاخرى فحسب وانما خرقت ميثاق الامم المتحدة وكل الاعراف والقوانين الدولية ايضاً، ولكن عليهم ان يدركوا الان ان الزمن الذي كانوا يملون فيه شروطهم على هذه الدول قد دخل في مرحله الاهتزاز وان الاستفراد بمصير القرار الدولي من قبل أميركا وحلفائها قد انتهى، وان عليهم ان ينتظروا المزيد من الخسارات الجديده في علاقاتهم مع المجتمع الدولي بعد انفضاح سياساتهم العدوانية الجائره، وبعد ان باتت اهدافهم البشعه ولحجم الاذى والدمار الذي لحق بالعديد من الشعوب جراء سياساتهم الرعناء وحصاراتهم واستهانتهم بحقوق الانسان وحقوق الدول، ومن هذه الخسائر هو الفيتو المزدوج الروسي -الصيني الذي اسقط مشروع قرار في مجلس الامن ضد سورية وبهذا الفيتو نلاحظ عوده روسيه صينيه واضحه تكون الاحاديه القطبيه قد انتهت مقابل تراجع أميركي ويؤسس لبناء نظام عالمي جديد يقوم على التوازن والعدل يترسخ فيه دور روسيا والصين في حفظ مبادىء القانون الدولي التي ترفض التدخل في الشؤون الداخليه للدول واحترام السياده الوطنيه وحفظ الامن والاستقرار الدوليين، فهي لن تسمح بعد اليوم ببقاء مجلس الأمن أداة في خدمة السياسة الأميركية.‏

ان سجل الولايات المتحدة الأميركية حافل في الوقت الحاضر بكل ما يجعل واشنطن غير مؤهلة دولياً بل ومنبوذة بعد ان سخرت الكثير من المنظمات الدولية لصالح الاهداف الامبريالية الاستعمارية، وبعد ان استخدمت الميثاق الدولي لتنفيذ مآربها العدوانية ومن ذلك ما حصل في استخدامها لتلك المنظمات، واخيراً في مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة.‏

ان بعض الجهات العربية والاقليمية والدولية كأميركا وحلفائها اختارت شن حرب اعلاميه وسياسية ودبلوماسية على سورية واتخاذ مواقف عدائيه غير مشروعه هدفها الرئيس استخدام القوة وفرض العقوبات الاقتصادية الاحادية خارج اطار الشرعيه الدولية وفرض حصار هستيري على عضو مؤسس لهذه المنظمه الدولية وذلك دون ادنى مراعاة لاحكام الميثاق.‏

ان الادعاءات الأميركية الكاذبه حول حماية حقوق الانسان تارة، وحول حماية المدنيين تارة اخرى ونشر الديمقراطيه وما الى ذلك من ادعاءات فارغه استغلتها الولايات المتحدة وحلفاؤها كغطاء لتحقيق استراتيجياتهم في منطقتنا مع كل ما اتت به هذه الاستراتيجيات من دمار وويلات، تتجاوز بكثير مجرد الحديث عن (حقوق الانسان).‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية