تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


اللوحة في رحاب الفن التشكيلي

ثقافة
الأثنين 5-3-2012
عبد الكريم قدي

شهد القرن الماضي انقلابا حقيقياً في معايير علم الجمال، ولقد برز ذلك التحول بشكل واضح في الفكر والفن، ولم يكن التصوير الفوتوغرافي أقل نصيباً من غيره من الفنون المرئية في التحول من الصورة المرئية إلى الصورة الحديثة، حيث شهد تطوراً كبيراً، لايختلف كثيراً عن تطور اللوحة من حيث خروجها عن قيود ورمزية الفن الكلاسيكي.

فلقد عرفت الصورة - وهي الموثق الأهم للأحداث - تحولات كبيرة، ففي بداياتها كانت تقاس بمدى قدرتها على نقل عناصر الواقع، وبالتالي كان التكوين المشهدي المرئي هو قوامها الأساسي، ومع ظهور مدارس الفن الحديث أصبح المصور يريد التعبير عما يحس ويفكر به بعد أن كان الواقع هدفه وفوكس عدسة الكاميرا.‏

قد لا يكون التشكيل الضوئي الحديث متجها نحو التعقيد، فليس بالضرورة التكلف بالموضوع، وذلك لأن التكوين البسيط الذي يحوي مضموناً قوياً هو الأسرع إلى عين المتلقي والأقرب إلى إحساسه، والمستند إلى مبادئ مختزلة ومدروسة من حيث تقسيم اللوحة وإبراز عمقها، والمعبر من خلال العدسة عن الإحساس الجميل بالمؤشرات الواقعية وغير الواقعية، وقد يوصل الفنان الفوتوغرافي من خلال صوره المبتكرة رؤية فنية لأشياء بسيطة، موجودة في الواقع وتشاهدها الناس كل يوم من دون أن تعيرها أدنى انتباه.‏

إلا أن المعطى الجمالي لفن التصوير الضوئي أصبح أكثر حداثة وتطورا في مراحل لاحقة ومتقدمة، ولاسيما بعد ظهور مدارس فنية معاصرة في فن الفوتوغراف، أخرجت الصورة من دائرة التوثيق لما هو مرئي، وحررت الصورة من القيود والمبادئ التي ظلت تقيدها لعقود، لتصل بها إلى عالم جديد يدعو إلى النظر في جوهر الأشياء، واستنطاق مشاعر الإنسان، تشبه بذلك – إلى حد بعيد – خروج اللوحة عن ما هو مألوف في فنونها القديمة. لتؤكد أن المضمون والرؤية الخاصة أعمق بكثير من القشور، وأن الفن لا يقف عند الشكل ولا يمتطي حصان التبعية لما هو مطروح، بل إن أهم ما أصبح يتصف به فن التصوير الضوئي، هو الخلق والإبداع والخروج عما هو مألوف إلى عوالم ورحاب وآفاق جديدة. وهكذا اتجه الفنان الفوتوغرافي إلى ملامسة اللون والضوء بمدلولاتهما الفنية والجمالية الحديثة، ليحاكي الداخل والخارج معا، ولم تعد الدموع على سبيل المثال معبراً حقيقياً عن الحزن، وإنما أصبح بالإمكان التعبير عن المأساة ألإنسانية بمأساوية اللون وشحوب الضوء.‏

غيران الاحساس بجمالية اللوحة الضوئية الحديثة يحتاج الى ثقافة ومتابعة لما تشهده الصالات المحلية والعربية والعالمية وقراءة متواصلة من المتلقي، حتى يصل الى جماليات الصورة التي تعشقها العين،وذلك لأن الإضافات التي يجريها المصور أثناء عملية الاخراج بتقنيات تحويرية،تعطيها مدلولات بصرية وحسية عميقة، وتوصلها إلى عالم أوسع في القراءة الفنية. ما يجعل الصورة الحديثة تتخطى تقليدية اللقطة العادية الهادفة الى إيقاف الزمن في لحظة معينة.‏

A_kareem825@hotmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية