فأميركا التي تتخبط في أفغانستان والعراق وفي المنطقة لايمكن أن تأتي بجديد في هذه الظروف إلا ما سبق وذكرنا ولجهة دعم أمن إسرائيل خاصة وأننا على أعتاب الحملة الانتخابية التي يستعد أوباما لخوضها مع حزبه الديمقراطي ضد الجمهوريين.
وخاصة بعد خسارة الديمقراطيين في الانتخابات النصفية أمام الجمهوريين الذين باتوا أغلبية في مجلس النواب الأميركي ومعروف عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي مواقفهم الضليلية إزاء قضايا المنطقة والمؤيدة لإسرائيل وفي الكونغرس الأميركي وانحيازهم المطلق لجهة دعم إسرائيل على حساب قضايا العرب العادلة، فمن أفغانستان حيث الوجود الأميركي مهدد ويتلقى الضربات تلو الأخرى مع حلف الناتو إلى العراق الذي لم تهدأ مقاومته التي حولت الوجود الأميركي في هذا البلد إلى كابوس تعيشه بشكل يومي خاصة في ظل وعود الرئيس أوباما عن عزمه سحب كامل القوات الأميركية من العراق أواخر هذا العام.
إن هذا التواجد العسكري الأميركي خارج حدود الولايات المتحدة يتعرض لمزيد من التقهقر والانكفاء فواشنطن تعتمد على سياسة الفتن واشعال الحروب المحلية والمسك بالعصا من منتصفها خاصة فيما يجري بالمنطقة من تحولات والتي تضمن الإبقاء على المصالح الأميركية والابقاء على من يحمي مصالحها والتخلص من القوى المناوئة لها وإبدالها بقوى تعمل لخدمة مصالحها، والإبقاء على تواجدها بطريقة أو بأخرى.
وكأن هذه الاستراتيجية تصدر عن أشخاص همهم الوحيد مصالحهم الشخصية لا عن مراكز أبحاث ولجان تضعها وتشرف على تنفيذها وصولاً إلى النتائج الموضوعة لها.
فالثابت الوحيد فيها هو أن إسرائيل في هذه المنطقة على الأخص في ظل هذا الركود الذي تشهده عملية السلام في المنطقة نظراً للتعنت الإسرائيلي وفقدان أميركا دور الراعي النزيه أو المحايد فيها أننا والحال هذا لن نرى سوى مزيد من الارباك في هذه السياسة التي لا تراعي مصالح شعبها في المقام الأول ومصالح وخصوصية شعوب المنطقة خاصة في ضوء انكشاف دورها التحريضي ومن ورائها إسرائيل وبعض عملائها في المنطقة مما يسمون أنفسهم معارضة في عملية التحريض والتخريب وخصوصاً دعمها لبعض الشخصيات السورية المعارضة ولبعض قنوات التلفزة حيث رشحت بعض الأرقام كدعمها لقناة بردى المعارضة بستة ملايين دولار.
فهذه الأحداث لا تخدم مصالح الولايات المتحدة بل تصب كلها في خدمة إسرائيل لاغير.
فاحتلالها لأفغانستان لم يجلب سوى الدمار والخراب لهذا البلد كما أن العراقيين لم يشهدوا مظاهر الديمقراطية التي وعدوا بل على العكس من ذلك فإنهم أي العراقيين لم يروا إلا القتل والتدمير لبلادهم من قتل لمئات الآلاف وتشريدهم لأكثر من أربعة ملايين عراقي من بيوتهم وأرضهم في دول عربية مجاورة خاصة سورية التي احتضنت أكثر من مليون ونصف المليون عراقي ومن المتوقع أن الرئيس الأميركي أوباما في خطابه المقبل حول الاستراتيجية الأميركية في المنطقة أنه سيحاول خطب ود إسرائيل عن طريق تجديد الالتزام بأمنها .
من المتوقع احتواء خطابه المقبل كلاماً عاماً عن السلام في المنطقة وعن الدولة الفلسطينية فيما يعرف بحل الدولتين دون التقيد بإطار زمني لذلك وعن عزمه إعادة إحياء عملية السلام على المسارات كافة دون تحديد آلية أو كيفية لذلك إلا ما يرضي أمن إسرائيل وإعادة تجديد العزم الانسحاب من العراق وضرورة الإبقاء على قواته في أفغانستان وثنائه على حالة التقسيم في السودان ودعم شطره الجنوبي كدولة ناشئة تستوجب كل مساعدة للوقوف على قدميها دون المرور على حالة الحصار التي يعيشها قطاع غزة ومن المحتمل تحميل الفلسطينيين مسؤولية الوضع المتأزم هناك وهكذا يتبدى لنا أن الثابت الوحيد في السياسة الأميركية تجاه منطقتها في استعادة أرضهم ودعم أميركا لمبدأ الفوضى الخلاقة كما يصطلح تسميتها من منظورهم في المنطقة أما المتغير فهو رهن بما تجلبه التطورات الأخيرة في المنطقة.