وتحديث المعلومات بشكل مستمر كنوع من التطوير الطبي المهني المستمر لاعتماد مداخلات ثبتت جدواها من الأبحاث والتجارب، وإلغاء مالم يثبت فائدته.
ففي مؤتمر الرعاية الصحية المسندة بالبراهين، والذي أقامته الرابطة السورية للطب المسند ونقابة أطباء سورية ووزارة الصحة في قاعة رضا سعيد في جامعة دمشق، ناقش الأطباء المشاركون وعلى مدى يومين طرق البحث عن البراهين وتطرقوا إلى شح هذه البراهين في بعض الحالات المرضية التي يصادفها الأطباء ، وتمت مناقشة بعض المحاور العلمية والطبية والتجارب الاقليمية في مجال الرعاية الصحية .
تقييم الأساليب العلاجية
في بداية المؤتمر وخلال الافتتاح تحدث وزير الصحة الدكتور وائل الحلقي عن أهمية الطب المسند بالبراهين، وعلاقته بالممارسة المهنية والبحث العلمي الطبي، ودور كل من الطبيب والمريض في الاستفادة منه ، مبيناً أن مهمة رابطة الطب المسند بالبراهين تتمثل بربط الممارسة السريرية اليومية بنتائج البحث العلمي الطبي، عبر استخدام البراهين العلمية البحثية وإيجاد الحلول لمشكلات المرضى عن طريق تحديد أفضل الأساليب العلاجية وتقييمها تقييماً نقدياً من حيث جدواها وصلاحيتها.
كما لفت الوزير إلى أن الوزارة تسعى وبالتشارك مع نقابة أطباء سورية إلى نشر ثقافة الطب المسند بالبراهين بين كوادرها الصحية والمرضى والموطنين بشكل عام باعتبار أن الصحة أساس لعملية التنمية الشاملة والمستدامة، ولاسيما بعد تحول نمط الأمراض من سارية معدية إلى مزمنة تستنزف الكثير من الموارد البشرية، الأمر الذي يتطلب بحثاً عن علاجات أفضل والتوصل إلى استنتاج نهائي بخصوص فوائد وأضرار هذه العلاجات.
تقييم المخاطر والفوائد
وأكد البروفيسور إيان تشالمرز - مؤسس تحالف كوكران العالمي في بريطانيا، ضرورة التوصل إلى براهين مثبتة للتأكد من حقيقة جدوى العلاج ببعض الأدوية بالاستناد إلى التجارب والمراجعة المهنجية ، للتقليل ما أمكن من التصديق في العلاج وتأثيراته ، وأشار تشالمرز إلى أن تحالف كوكران يعمل على مساعدة مقدمي الرعاية الصحية وصانعي السياسات الصحية والمرضى، في اتخاذ القرارات الصائبة حول طرق الرعاية الصحية، عن طريق إعداد وتحديث وتسويق مراجعات بحثية منهجية.
وطرح خلال مداخلة بعض الأمثلة لتوضيح أهمية الطب المسند، وأنه بالاستناد إلى أفضل الأدلة المتاحة يمكن لموفري الرعاية الصحية أن يقروا إنتاج دواء معين، أو اتباع تدخل سريري فعال، كما يمكن للمرضى ومستهلكي الرعاية الصحية تقييم المخاطر والفوائد المتوقعة للعلاج الذي يتلقونه، وبالتالي التمكن من معرفة صحة الأساليب والممارسات الطبية المتبعة واكتشاف المزيد منها.
تحديث المعلومات التقليدية
رئيس الرابطة السورية للطب المسند بالبراهين- الدكتور أديب العسالي تحدث إلينا عن أهمية هذا المؤتمر لكونه يعلم على إيصال رسالة بسيطة جداً، وهي أنه ينبغي عدم استخدام أي تداخل سواء علاج طبي أو جراحي أو نفسي أو مداخلة اجتماعية إلا إذا كان مسنداً بالبراهين العلمية، وبذلك يستفيد الممارسون والاختصاصيون ، وكذلك نحمي المريض من أن يكون ضحية لأي ممارسات خاطئة.
وقال د. العسالي: هناك إجماع عالمي على أهمية التعليم الطبي المستمر في تحديث المعلومات التقليدية ، ما ينعكس على جودة الرعاية الصحية، وهذا سيستلزم من الأطباء مراجعة وصفاتهم الطبية وتقويمها استناداً إلى مقالات علمية موثقة، وأملنا أن تصبح السياسة الصحية كلها مثبتة بالبرهان.
المشاركون: شح بالبراهين
كما قدمت خلال المؤتمر أوراق عمل أشارت إلى طرق استخلاص البراهين، بينما تطرقت بعضها إلى ضرورة القيام بالكثير من الأبحاث والدراسات لتقديم البراهين لعلاج بعض الأمراض.
وقد تحدث إلينا د. سمير الحفار، فقال: إن أي قرار طبي ينبغي أن يستند إلى تجارب علمية ودراسات منشورة، وهناك تصنيف لقوة هذه البراهين، وقد قدمت تضيف اكسفورد لقوة البراهين في تدبير المرضى، وهذا يهم الأطباء كثيراً حتى يكون القرار الذي يتخذه الطبيب في تدبير أو معالجة أي مريض مبني على أدلة علمية بعيداً عن القرارات العشوائية.
الدكتور سامر مخول- طبيب نفسي، ، قدم ورقة عمل حول خلل الانتباه وفرط الحركة، وقد أشار فيها إلى أن الرعاية المسندة بالبراهين استطاعت أن تقلص عدد الأدوية المعطاة للمريض بعيداً عن العشوائية وكثرة الأدوية، وكذلك في تحديد العمر المناسب لإعطاء الدواء والتشخيص.
وأشار الدكتور يوسف لطيف - طبيب نفسي- إلى شح الدراسات والأبحاث في مرض عسر الحركة الآجل، ما يستوجب القيام بالأبحاث حول طرق اختيار الأدوية المناسبة دون تأثيرات جانبية ما أمكن، فالأدوية القديمة لها الكثير من التأثيرات الضارة ما يستوجب قيام مراكز البحث في العالم بأبحاث جيدة التصميم لإيجاد أدوية حديثة لعلاج بعض الأمراض، حيث يوجد الكثير من التداخلات والإجراءات الطبية التي يقوم بها المختصون لم تجر عليها بعد دراسات نقدية لتقييم مدى فاعليتها .
ضرورة التعليم الطبي المستمر
يشكل هذا المؤتمر فرصة جيدة للتعليم الطبي المستمر، هذا ما أشارت إليه الدكتورة أديل قطيني - مديرة التعليم الطبي المستمر- وزارة الصحة- نائب رئيس الرابطة السورية للطب المسند بالبراهين، فقالت: هذا التعليم ضروري للممارسة السريرية، وذلك بسبب تطور المعلومات، لأن الممارسة الطبية تصبح غير ذات جدوى في حال تقادمها، وبذلك نرفع من مستوى الصحة العامة، ومن ضمن أهدافنا أيضاً زيادة الوعي لدى المرضى ببعض الأمراض وطرق علاجها، حتى لا يكون عرضة للاستغلال ، وهناك على موقع الرابطة صفحة للمريض نقدم له الاستشارة بلغة واضحة وسهلة ، وكلها مسندة بالبراهين.