ويصف ذهابه إلى كرم العنب بأنه أجمل مشوار في حياته عندما كان يرافق العائلة وهو صغير لإحضار العنب ووضعه في السلال وأضاف:
العادة المعروفة في ذلك الوقت طالما نسير في طريق العودة إلى البيت أن نطعم من يصادفنا في الطريق من كبار وشباب وصغار وأيام المدرسة أتذكر أستاذ العربي واسمه أحمد وكنت أحب الشعر وأكتب النثر منذ الطفولة وأغلب كتاباتي في مرحلة الطفولة وعندما كبرت وخضت مجال العمل في التدريس لم أنمِّ موهبتي وأخذني جو العمل.. وأقول هنا ربما جمال الضيعة وبساطة الحياة تجعلني في ذاك الوقت أكتب من غير تكلف وإنما أنقل حقيقة ما أشاهده وأحاول الآن في مرحلة عمري المتقدم 76 عاماً أن أتذكر بعض ماكتبته ولكنها تبقى من الذكريات المطبوعة في الذاكرة والتي يصعب محوها مع مرور الزمن.
ومن الصور الجميلة أتذكر أعشاش العصافير على الأشجار والتي كنا نمد أيدينا إليها ونلتقط العصافير التي لم تكن تطير عندما ترانا فكل شيء على طبيعته.. التين على الشجر والتوت تداعبه نسمات الهواء العليل القادم من الهضبة.. ويتابع فاروق حديثه بالقول: إن الطبيعة البكر تشعرك بأنك تعيش في الجنة ولا أنسى «شموط الصبار» التي يحوشها الوالد ويطلب منا توزيع بعضه على الجيران وكنا نقول لهم كل عام وأنتم بخير هذه أول تحويشة للصبار، هذه العادات الجولانية باتت تمثل تراثاً من التقاليد الاجتماعية التي حاولنا قدر المستطاع نقلها لأبنائنا حتى يتربوا على ماتربينا عليه من التعاون والتعاضد مع الجيران كأنهم الأهل تماماً، والمشاركة أيضاً في العمل والفرح بآن واحد.. والمواساة في الحزن..
وأردف «فاروق» قائلاً: والله عندما أتحدث عن هذه الأشياء أشعر وكأنني عدت إلى تلك الأرض الطيبة والجيرة الحسنة.. ولم نكن نعرف كلمة «جار» إنما نقول كلنا أهل..
وعندما كنت صغيراً أذهب إلى مقابل بيتنا بيت العم أبو محمود وكان لديهم أبقار أنتظر امرأته حتى تحلب البقرة كي أشرب الحليب من السطل وأشعر بالسعادة والانتعاش مع ابنهم رفيقي في شرب الحليب وأكل خبز التنور.. والآن عندما كبرنا وابتعدنا عن قريتنا قسرياً، نحاول نحن مع بعض العائلات الجولانية الحفاظ قدر المستطاع على بعض العادات الجولانية بدءاً من شرب المتة صباحاً إلى جلسات السمر في الليل وسماع أبيات العتابا وحتى الآن أطلب من زوجتي طبخ بعض الأكلات الجولانية على الرغم من الحداثة والحضارة التي نعيشها بدءاً من أفران الكهرباء ووصولاً إلى المايكروويف ولكن هذا لم ينسنا خبز التنور وفطائر الجبنة والسبانخ وحتى الآن أذهب إلى السوق وأشتري الخضار من خس ورشاد وخبيزة وسلق وسبانخ لأنني أحب هذه الخضار التي تذكرني بكل شبر من ضيعتي الوادعة الغافية في الجولان..
والتفت قائلاً: إذا سألت أولادي الصغار عن قريتي لحدثوك عنها وكأنهم عاشوا هناك هذا ما أحاول أن أزرعه فيهم من حب وحفاظ على تراث الجولان وبيوت الحجر وطواحين الهواء ولعبة المازوت والكورة والقرقور ونبع المي والمغطوطة والعتابا والرجيدة ومنزلنا بين بساتين التين والسهر في المضافة والأعراس والدبكات فالجولان حي في قلوبنا وتراثه وتقاليده حية لن تموت..