تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الجبهة السمراء

الجولان في القلب
الأثنين 25-4-2011م
فراس الطالب

أيها الجولان الشامخ شموخ الطود العظيم الذي يتحدى الرياح ساخراً بها، كنت على الدوام أسأل نفسي لماذا ابتدأ اسمك بحرف الجيم وانتهى بحرف النون، ومن هذين الحرفين تشكل أجمل غدير منبعه الكرامة ومصبه الإباء

وإنه والحق يقال لأجمل غدير عرفته الحرية عبر تاريخها الطويل، ضفتاه المجد والشموخ، ومجراه الإباء الذي تنبسط أشجاره السامقة في الجهات كلها، أما جريانه فانسياب في كل خلجة من خلجات الروح، ونبضة من نبضات الفؤاد الذي قرأ كتب الحب كلها، فآمنت أنك الحب الأول والأخير، الحب الصادق الذي لا يقربه الزيف من بين يديه ولا من خلفه، ذلك الحب الذي استوطن في قلب كل مواطن عربي سوري حر نشيد عزة وشموخ.‏

كنتُ أسأل نفسي وأنا على يقين أني منطلق للوصول إلى جواب مقنع، ليظل السؤال محتضناً عباءة الجواب، أخوض صحاراه وكهوفه ومجاهله البعيدة لتظل نار الشوق إلى ربا الجولان مشتعلة اشتعال ثلج جبل الشيخ في ليالي الشتاء الدافئة وهو يتألق في نفسي أقوى من النار وأعتى من الوقود.‏

كانت الأيام تمتطي قطارها ولا تلوي على شيء، يسير ركب الزمن فيبيضّ فيه الأسود ويسودّ فيه الأبيض، وكانت رحلتي للاهتداء إلى الجواب ماضية كجزء لايتيه في الزمان والمكان، معلّق بركاب الوقت والوقت لايدري به ولايشكل في كتاب الزمن إلا صفحة ترك فيها الزمن دهشته واستغرابه.‏

ولم تشأ رحلة البحث عن الحقيقة أن تذرني أنتظر الغمام في صحرائها الموحشة، وقد يحنو عليّ فينهمر، وقد تتحجر فيه العاطفة فلا يستفسر عن سبب اندفاعي، فقد نذرت نفسي قنديلاً متوهجاً يشق ليل الظلام ويعزي مهجته، لأن مدرستي الأغلى كانت لمسات حنانك الآسر، تعلمت فيها أن سحب العطاء تملك القدرة على التجدد لأنها تنسى ما أعطت ولأن ديدنها أن تعطي بلا حساب.‏

ابتدأ اسمك ياجولان الفخار لأن الجيم تعني الجبهة السمراء الشامخة التي تحدت جبروت المحتل الإسرائيلي الغاشم الذي يريد محوك من الذاكرة فيؤوب بالفشل الذريع، فأنت ياجبهة الشموخ الرحلة التي كانت فيها الكلمة سر الخلق العظيم، وأنتِ كذلك البداية التي لانهاية لها، منك ابتدأ الكون وبكِ سار وجهه عنوان الحرية الرائعة، والنون تعني نهاية الاحتلال الذي سيزول.‏

عندما كنت تهدهد سرير الشوق إلى وطنك الأم سورية كانت قلوب الجماهير المتعطشة لرؤيتك حراً بيننا تعزف أنشودة الصمود، هذه الأنشودة التي تخطت حدود الزمان والمكان لتنتشر في أرجاء الدنيا كلها ليغفو الأمان والاطمئنان تحت وسادتي وكانت الأنهار تقف على نافذة منزلنا الجميل، تدعو إليها الطيور لتستظهر أنشودة التواصل بين الشمس والصباح، بين الربيع وحياء العبير المرتسم على وجنات الورود حمرة شفق لايغيب، وهذه الأنهار أخبرتني أنك عائد إلينا أيها البعيد القريب الذي لم تكن يوماً بعيداً بل كنت على الدوام قريباً.‏

كان القمر يفكّ ضفائر النجوم لأنه لم يكن راضياً عن زينتها، وينهمك في إبراز كل ما في النجوم من سحر الأنوثة الطاغية، لعله لمس حنوّ أصابعك الماسية تنساب على شعري تموج حقل عصف به الحنين إلى انسكاب زرقة السماء في شفة ياسمين دمشق الذي ابتدأ من دمشق بياضه فتطيبت بعبيرها الأطياب، ثم ينطلق إليك الياسمين ليقول لك إننا بانتظار قدومك علينا.‏

جولان الجبهة السمراء الشامخة‏

ferasart 72@hotmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية