في حراك طبيعي يعكس حيوية المجتمع والدولة في سورية، لكن طرفا ثالثا يدخل على خط التظاهرات لافتعال المشكلات والتخريب المتعمد وهدر الدماء بهدف إبقاء الأزمة مشتعلة دون أفق حتى تتسلل إليها قوى خارجية تضمر الشر والأذى لسورية ولشعبها.
ولا ينفصل هذا الطرف بأي حال من الأحوال عن بعض القنوات الفضائية والأبواق المأجورة، التي لا تكاد تنتظر أن تهدأ الأمور حتى تعيد إشعالها بالكثير من التقارير المضللة والتحليلات المبالغ فيها، معتمدة مبدأ التحريض والدس الرخيص لخلق ما يشبه القطيعة بين مكونات المجتمع السوري، وإيجاد شرخ عميق بين الشعب والقيادة يمكن من خلاله استهداف الوحدة الوطنية المتميزة بكل يسر.
هذا الطرف الذي نعنيه والمرتبط بأجندات خارجية مكشوفة، من مصلحته إراقة المزيد من الدماء والعمل على إحداث الفتنة لتفويت الفرصة على أي حوار أو لقاء يمكن أن يسهم بمعالجة الأزمة ويضعها على سكة الحل، ويبدو أن من يقومون بالدعوة إلى التظاهرات في هذا الجو المشحون قد غاب عن أذهانهم مسلسل الاستهداف الذي تتعرض له سورية منذ عقود طويلة والذي بدأ منذ (كامب ديفيد) ولم يتوقف حتى اليوم، بهدف إلحاق سورية بمعسكر المهرولين والمطبعين مع كيان الاحتلال الإسرائيلي على حساب الأرض والحقوق، وسواء أقروا بهذه الحقيقة أم أنكروها فقد باتت واقعا أثبتته سلسلة الأحداث المتلاحقة في المنطقة، وكشفته التصريحات الأميركية والغربية التي تحرص على أمن إسرائيل وعلى وجودها الاحتلالي الاستيطاني على حساب حقوق شعوبنا.
لا شك أن من يريد الإصلاح ويسعى إليه بالطرق السلمية ـ وهذا حق مشروع لا جدال فيه ـ هو شخص غيور ومحب لسورية ولا يمكن التشكيك بوطنيته ، ولكن الوطنية تفرض عليه أن يفوت الفرصة التي يبحث عنها أعداء الأمة لضرب سورية واستقرارها ومصادرة دورها العروبي المقاوم.
وأن يبحث عن طرق أخرى للتعبير تجنب البلاد والعباد مشروع الفتنة المتنقلة في المنطقة، فقد ناضل أباؤنا وأجدادنا وضحوا في سبيل حريتنا وحرية أوطاننا، وجعلوا من سورية قلعة الكرامة التي يلجأ إليها كل شرفاء وأحرار العالم، ولن نكون أوفياء لدمائهم ما لم نحفظ لهم ما أنجزوه، ونحافظ على التراب المجبول بعرقهم ودمائهم فلا نضيع ما حققوه، فالدماء الغالية التي نزفت والتي يمكن أن تنزف، ينبغي ادخارها ليوم نقاتل فيه (إسرائيل) عدو الأرض والشعب والحرية والإنسانية، لا أن نهدرها بالمجان لكي ينعم هذا العدو بالأمن والأمان.